1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

علاء الأسواني: فن مديح الرئيس..

علاء الأسواني
١ نوفمبر ٢٠١٦

في هذا المقال يتحدث علاء الأسواني عن فن مديح الرئيس في مصر.

https://p.dw.com/p/2RySG
Kolumnisten Al-Aswani

عزيزي القارئ

 

هل تعجبت عندما رأيت شخصيات لا علاقة لها بالاعلام تقدم برامج تليفزيونية وتربح من ورائها الملايين ..؟ كم مرة سمعت عن مسؤول فاشل احتفظ بمنصبه سنوات طويلة أو وزير تم تعيينه وتجاهل العشرات ممن هم أكفأ منه؟

 اعلم أن الترقي في مصر لا يتوقف على الكفاءة وانما على مديحك للرئيس اذا أردت أن تصل إلى الثروة والنفوذ امدح الرئيس في كل مكان، بدءا من صفحتك على فيسبوك ( التى يراقبها الأمن ) وحتى مكان عملك بين زملائك وفي كل الندوات واللقاءات ولكن يجب أن تعلم أن مديح الرئيس ليس عشوائيا وانما هو فن مصري عريق له أساتذته وقواعده ..ينقسم مداحو الرئيس إلى الأنواع الآتية:

 1 - المداح الاستراتيجي                                             

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                         

ينتشر هذا النوع بين أساتذة الجامعات والصحفيين المتخصصين ومهمته أن يقوم باستعراض النظريات الكبرى في السياسة والاقتصاد، ولابد أن يستشهد بأسماء أجنبية (حتى لو كانت وهمية) ليضفى أهمية على كلامه وفي النهاية يصل دائما إلى ان سياسات الرئيس مبهرة في عبقريتها ومتوافقة تماما مع أحدث المدارس الفكرية العالمية. كما يؤكد المداح أن الرئيس يسبق بتفكيره المصريين جميعا ومن حسن حظنا أن أنعم الله علينا برئيس يمتلك كل هذا النبوغ. هذا النوع من المداحين يعهد اليه أيضا بالدفاع عن تصريحات الرئيس اذا كانت غريبة وغير مفهومة ومهما تكن كلمات الرئيس عادية يستطيع المداح دائما أن يجد فيها حكمة عميقة وفلسفة خالدة.

 

2 ـــ المداح العاطفي                                                             

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                        

أثناء تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة تم تنظيم حملة دعائية جبارة للترويج له بين المصريين وبرغم ذلك ارتفعت أصوات تعترض على التكلفة العالية للمشروع وتشكك في جدواه الاقتصادية. عندئذ ظهر أحد الصحفيين في لقاء تليفزيوني ثم ناشد المعارضين أن يتوقفوا فورا عن نقد مشروع قناة السويس وصاح:

- قناة السويس بناها أجدادنا .. انها شرفنا و لا أسمح لأحد أن يشكك فيها أبدا.

ثم أجهش بالبكاء العنيف برغم محاولات المذيعة لتهدئته. هذا الصحفي تم تعيينه وزيرا بعد بكائه بأسبوعين ليصير مثلا للمداح العاطفي الناجح.هذا النوع من المديح يستعمل العواطف الفياضة ويحتاج إلى قدرات تمثيلية وله تطبيقات كثيرة. لعلنا نذكر المطرب الذى صافح الرئيس بعد توليه السلطة ثم أجهش بالبكاء أمام الكاميرات وقال:

- الآن أصبحت مطمئنا على مصر تحت قيادتك يا سيادة الرئيس .. مصر أمانة بين يديك

 مداح آخر من نفس النوع ظهر في التليفزيون وقال للمذيعة. - أنا غاضب جدا من الرئيس السيسي. فوجئت المذيعة وارتبكت لكنه استطرد قائلا. - أنا غاضب من الرئيس لأنه يرهق نفسه في العمل. هل رأيت كيف صار وجه سيادته شاحبا وتحت عينيه هالات زرقاء؟ انه لا ينام أكثر من ساعتين كل ليلة ويطوف العالم ليوفر لنا نحن المصريين الأكل والشرب والسكن.

ثم تهدج صوته وهو يناجي الرئيس قائلا:

- سيادة الرئيس أرجوك. أستحلفك بكل غال. اعتن بصحتك وخذ كفايتك من الراحة. ..

 

 

3- المداح البلطجي:                                                     

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                      

هذا النوع من المداحين لا يحتاج إلى أى موهبة سوى الوقاحة.     

المداح البلطجي عادة شخص عادى تكتشف فيه أجهزة الأمن قدرة استثنائية على البذاءة فتجعله ضيفا دائما على برامج الحوار أو تخصص له برنامجا تليفزيونيا ليشتم خلاله معارضى النظام بأشنع الالفاظ ويتهمهم بالخيانة، وهو عادة ما يتمتع بحماية قانونية تجعل من المستحيل محاسبته على جريمة السب والقذف التى يقترفها في حق الناس. أحيانا يبدع المداح البلطجي أنواعا جديدة من الأداء فيخلع حذاءه مثلا ويقذف به على رأس أحد المعارضين أو يخرج أوراقا من جيبه ويؤكد أنها وثائق تؤكد عمالة المعارضين للمخابرات الامريكية أو يخرج سي دي يؤكد انه يحتوي على فضائحهم الجنسية.

                                   

4 - مداح اللقطة الواحدة:                                                

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                            

هذا النوع من المداحين يصنع مشهدا مفاجئا فتتركز عليه الاضواء ويكون سببا في صعوده إلى المجد. كأن يكون المداح متحدثا مع آخرين في احدى الندوات وما أن يبدأ متحدث في توجيه النقد للرئيس حتى ينتفض المداح ويصيح بأعلى صوته:                                                                 

- لا أسمح لك بالتطاول على سيادة الرئيس ورموز الدولة. أنا أضربك بالجزمة يا خائن ياعميل. تريد اسقاط الدولة يا مأجور؟  مصر لن تركع أبدا. تحيا مصر ..

سيسود الهرج والمرج وقد يحدث اشتباك بالأيدي لكن المداح سيلفت اليه الأنظار بشدة وستتصدر صورته صفحات الجرائد والمواقع الاليكترونية. على ان اللقطة الواحدة تصل إلى الذروة اذا كانت مع الرئيس نفسه الذى تعتبر مقابلته فرصة العمر لمداح اللقطة الواحدة. سوف يحاول أثناء اللقاء أن يلفت نظر الرئيس اليه بأي طريقة وسوف يهز رأسه موافقا ومتأثرا بكل ما يقوله سيادته ويسجل كلمات الرئيس بعناية في ورقة وكأنها عنوان الحكمة. ثم يصل المشهد إلى ذروته عندما يصيح المداح:                                       

- ياسيادة الرئيس. اسمح لي بكلمة..                          

عندما يتطلع اليه الرئيس سيصيح المداح:                           

- أمى بتسلم على سيادتك وبتدعي لسيادتك في كل صلاة.           

أو يصيح:                                                         

- نطالب سيادتك بالقضاء على الخونة والمتآمرين. أعدمهم كلهم ياريس.

 تحيا مصر

.. سيهز الرئيس رأسه ويبتسم لكنه لن ينسى أبدا أن يوصى مساعديه خيرا بالمداح ..

عزيزي القارئ:                                                      

اختر من الأنواع السابقة ما يناسب شخصيتك وقدراتك ثم ابدأ في مديح الرئيس والنتيجة مضمونة باذن الله.

الديمقراطية هي الحل

[email protected]