علاء الأسواني: كيف يمضى هؤلاء العيد..؟!
٤ يونيو ٢٠١٩1- تخرج المهندس يحيى حسين في الكلية الفنية العسكرية وعمل ضابطا في الجيش ثم أحيل إلى المعاش وشغل منصب وكيل وزارة الاستثمار، وقد عرفه المصريون عندما أرادت الحكومة المصرية بيع شركة عمر افندي بسعر بخس إلى أحد المستثمرين السعوديين. رفض يحيى حسين هذا البيع ودافع عن المال العام واتهم الحكومة بالتواطؤ مع المستثمر وتبديد مال الدولة.
تم فصل يحيى حسين من وظيفته لكنه استمر في حملته للدفاع عن المال العام ثم اشترك في حركة كفاية وكان من الأسماء البارزة في ثورة يناير وعندما وصل السيسي إلى السلطة وكشف عن سياساته القمعية. كتب يحيى حسين ينتقد القمع ويدافع عن حقوق المعتقلين ثم دافع عن جزيرتي تيران وصنافير المصريتين اللتين منحهما السيسي للسعودية متجاهلا أحكام القضاء التي أكدت مصرية الجزيرتين..
تلقى يحيى حسين تهديدات من أجهزة الأمن لكنه استمر في توجيه النقد للديكتاتور وتم القبض عليه وهو محبوس حاليا وقد أحيل للمحاكمة بباقة التهم الملفقة المعتادة مثل الانضمام لجماعة ارهابية ونشر أخبار كاذبة والتحريض ضد أجهزة الدولة.
2 - محمد اكسجين شاب مصري انضم إلى الثورة وصنع تجربة رائدة في الصحافة المستقلة فقد حمل الكاميرا وراح يتحاور مع الناس في الشارع ويضع هذه الحوارات على موقعه الاليكتروني "أكسجين مصر" الذي سرعان ما حقق شعبية كبيرة.
كان محمد ينقل ندوتي الثقافية الأسبوعية على موقعه ويجري لقاءات مع المعارضين للسيسي.. تلقى محمد تهديدات من أجهزة الأمن لكنه لم يخف واستمر في عمله. كان يؤمن أنه يؤدي واجبه كصحفي في حدود القانون. تم القبض على محمد اكسجين ووجهت له التهم الملفقة المعتادة ولازال محبوسا حتى اليوم ..
3 - الدكتور حازم عبد العظيم أحد أهم خبراء الاتصالات في العالم العربي. استعانت به حكومة احمد نظيف للاستفادة من علمه فعمل معها، الا ان شعوره بالواجب الوطني دفعه للانتماء إلى الجمعية الوطنية للتغيير المعارضة لنظام مبارك الأمر الذي أدى إلى فقدانه لمنصبه وقد اشترك الدكتور حازم في الثورة واشترك في مظاهرات 30 يونيو ضد حكم الاخوان ثم أصبح مستشارا في حملة السيسي الانتخابية، لكنه سرعان ما تركها واعتذر للرأي العام عن تعاونه مع الديكتاتور وبدأ يوجه النقد لنظام السيسي فتم القبض عليه بنفس التهم الملفقة وفي السجن تدهورت صحته بشدة وهو يحتاج الآن فورا إلى عمليتين جراحيتين لانقاذ حياته لكن النظام المصري يرفض علاجه.
4 - شادي الغزالي حرب شاب ثوري وطبيب نابه حصل على درجة الزمالة البريطانية ودرجة الدكتوراه في الجراحة العامة، وهو يعمل أستاذا مساعدا في كلية الطب وكان يوجه نقدا للسيسي على فيسبوك وتويتر مما أدى إلى اعتقاله وهو الآن في السجن منذ عام كامل.
5 - أحمد دومة من أبرز شباب الثورة وأكثرهم شجاعة ولديه موهبة سياسية تجعله قادرا على التأثير في الناس. تم اتهام دومة زورا بحرق المجمع العلمي أثناء أحداث مجلس الوزراء في عام 2011. كل من حضر تلك الأحداث يعلم أن من حرق المجمع عملاء الأمن وأن شباب الثورة حاولوا السيطرة على الحريق وانقاذ الوثائق من داخل المجمع بينما عطلت قوات الأمن سيارات الاطفاء حتى يكتمل حريق المجمع ويتم تلفيق القضية ضد شباب الثورة. أحمد دومة في الحبس الانفرادي منذ أكثر من خمسة أعوام مما يعد انتهاكا لحقوقه الانسانية وفقا للوائح السجون وقد تدهورت صحته لدرجة جعلته عاجزا عن الوقوف أثناء المحاكمة.
6 - المستشار هشام جنينة نائب رئيس محكمة النقض تم تعيينه رئيسا للجهاز المركزي للمحاسبات فمارس عمله بضمير القاضي، وقد حكى لي شخصيا أنه قام بارسال مراقبين من الجهاز للتفتيش على المشروعات المدنية للقوات المسلحة. حيث يسمح القانون بمراقبة النشاط المدني للجيش على عكس النشاط العسكري الذي يعتبر ضمن الأمن القومي..رفض الجيش بالطبع مراقبة مشروعاته المدنية واتصل أحد اللواءات بالمستشار جنينة ليثنيه عن موقفه لكن المستشار جنينه لم يتراجع فشن الاعلام المصري حملة شرسة للاساءة اليه ثم قام السيسى بتغيير القانون حتى يتمكن من عزله ثم تعرض لاعتداء مدبر من الأمن وبينما هو تحت تأثير مخدر الجراحة تم عمل حديث صحفي معه واستغلال بعض العبارات التى وردت على لسانه لتقديمه للمحاكمة العسكرية التي حكمت بحبسه خمسة أعوام.
أحمد بدوى ذهب لميدان التحرير ورفع لافتة مكتوب عليها "لا للتعديلات الدستورية" فتم القبض عليه وهو محبوس حتى الآن أما الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح السياسي الاسلامي والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية فقد أدلى في لندن بحديث انتقد فيه سياسات السيسي، وما أن وصل إلى مصر حتى تم اعتقاله وهو محبوس حتى الآن وصحته متدهورة والنظام يرفض علاجه.
هذه مجرد نماذج لعشرات الألوف من معتقلي الرأى القابعين في سجون السيسي. كل جريمتهم أنهم دافعوا عن حق المصريين في الحياة الانسانية والحرية والكرامة.
لو كان هؤلاء في بلد ديمقراطي لاستطاع الاستفادة من علمهم وخبرتهم ولكن نظام السيسي يضع المصريين أمام اختيارين: اما أن تعيش ذليلا مقهورا فلا تفتح فمك بكلمة مهما تم الاعتداء على حقوقك واما أن تقضي سنوات في السجن وتموت من التعذيب والاهمال الطبي.
هؤلاء المعتقلون أشجع وأنبل من في مصر وفي يوم العيد نكون نحن طلقاء سعداء وسط أسرنا بينما يكون هؤلاء الأبطال محبوسين محرومين من رؤية أهاليهم. واجبنا أن نتذكرهم ونحتفى ببطولتهم وندافع عنهم حتى يأتي يوم - أظنه اقترب - نتحرر فيه جميعا.
الديمقراطية هي الحل
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي مؤسسة DW.