مؤسسة ثقافية تنظم اليوم السنوي للكذبة السياسية

"أول من يموت في الحرب هي الحقيقة"، كانت هذه الجملة حاضرة بقوة في ذهن مدير مؤسسة بيتر فايس للفن والسياسة بيتر شرايبه، لما دعا إلى لقاء دولي حول الكذبة السياسة في العشرين من أذار/مارس. ففي العشرين أذار/ مارس من سنة 2004 بدأت حرب العراق الثانية، والتي مازالت تحصد حياة الآلاف من المدنيين والعسكريين. كانت هذه الحرب وتداعياتها السبب الرئيسي وراء إقدام بيتر شرايبه على الدعوة إلى تنظيم هذا اللقاء الدولي.

بوليتكوفسكايا: الكلمة ضد الرصاص

سيتم في هذه السنة قراءة نصوص للصحفية الروسية آنا بوليتكوفسكايا، التي قتلت في موسكو في أكتوبر من السنة الماضية. بوليتكوفسكابا تحدثت في مقالاتها عن حرب أخرى لا تختلف عن حرب العراق في شيء، سوى من حيث المسرح التي تدور عليه رحاها . فقد وصفت في تلك المقالات الحياة اليومية في الشيشان في ظل الحرب القائمة هناك بالقول: "توصلت برسالة موقعة من قبل تسعين أسرة من الشيشان. رسالة يدعوني فيها مئات الأشخاص إلى مساعدتهم لمغادرة الشيشان، لأنهم لا يستطيعون تحمل الجوع والبرد القارس، وافتقداهم للأدوية ولكل منفذ على العالم الخارجي بسبب العقوبات التي يفرضها الجيش الروسي عليهم. لقد بدت تلك الأمور التي تحدثت عنها الرسالة غير معقولة. فقررت أن أبدأ رحلتي إلى المنطقة في الثامن عشر من شباط/ فبراير 2001".

كتبت آنا بوليتكوفسكايا في تقاريرها عن معاناة المدنيين في الشيشان. مدينون يعيشون بين نارين: جحيم القوات الروسية من جهة ووحشية المتمردين من جهة أخرى. وستتم قراءة نصوص آنا بوليتكوفسكايا في مؤسسات مختلفة في كل أنحاء العالم، في المقاهي والمدارس والمكتبات والراديوهات وفي البرلمان الأوروبي. ويقول بيتر شرايبه، منظم هذه اللقاءات: "نريد أن تسليط الضوء في هذا اللقاء السنوي على الكذبة السياسية من خلال نصوص تتسم بطاقة تنويرية كبيرة. وهو ما نصادفه في تقارير الصحفية الروسية بوليتكوفسكايا"، ويضيف شرايبه: "نعرف أنه لا أحد استطاع تحليل الحياة اليومية في الشيشان في ظل الحرب بمثل ذلك الصدق واهتم بكل التفاصيل، وهو الأمر الذي يدعونا إلى نشر نصوصها على مستوى أوسع".

حرب العراق وكذب السياسة

لقد بدأ التفكير في تنظيم مثل هذا اللقاء بمقال لإليوت فاينبيرغه، الذي أعاد كتابة ادعاءات الإدارة الأمريكية عند بداية حرب العراق. وقد تمت قراءة هذا النص الذي يحمل عنوان:"ما سمعته عن العراق" وإذاعته في العديد من الدول في العشرين من مارس 2006 في أكثر من مكان وأكثر من بلد من قارات هذا العالم. فقد تم إذاعته في استراليا والولايات المتحدة واليونان ولبنان وبريطانيا وهولندا وايطاليا ولوكسمبورغ والهند وسويسرا. والتحقت دول أخرى بهذا المهرجان هذه السنة وأصبح البرنامج أكثر تعددا من حيث الفقرات التي يقدمها. وحسب بيتر شرايبه فإن الجمهور يتكون خصوصا من تلاميذ المدارس، مؤكدا ضرورة فضح واقع الحرب في الشيشان مثلا على حروب أخرى في أماكن مختلفة من هذا العالم، عاقداً العزم على تنظيم المهرجان مرة أخرى السنة المقبلة، لأن أكاذيب أخرى في عالم السياسة بدأت تلوح في الأفق.