عمير بيريتس على رأس وزارة الدفاع الإسرائيلية: خطوة نحو التهدئة؟
٢٩ أبريل ٢٠٠٦ايهود اولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف أعلن أكثر من مرة أن هدفه هو الإعلان عن تشكيلة حكومته قبل حلول الاحتفالات اليهودية بإنشاء الدولة العبرية الذي يصادف 15 أيار/مايو. هذا الهدف يبدو انه قابل للتحقيق، فامس الخميس 27 أبريل/نيسان 2006 وقع حزبا كاديما (يمين وسط) والعمل (يسار الوسط) اتفاقا لتشكيل ائتلاف حكومي. الا أن الحزبين معا لا يملكان أغلبية المقاعد المطلوبة لتشكيل الحكومة بمفرديهما. وكان حزب كاديما (29 مقعدا) وحزب المتقاعدين (سبعة) قد وقعا أيضا على اتفاق يتم بموجبه منح حزب المتقاعدين وزارتين في البرلمان. وقالت الاذاعة العامة الاسرائيلية ان المفاوضات بين كاديما وممثلي حزب شاس الديني المتشدد (12مقعدا) اوشكت ان تنتهي، وكذلك المفاوضات مع حزب اليهودية الموحدة للتوراة (ستة مقاعد). وفي المقابل، تحدث رئيس حزب إسرائيل بيتنا (11 مقعدا) افيغدور ليبرمان عن اختلافات عميقة حول برنامج الحكومة المقبلة وتوزيع الحقائب، الامر الذي يحول دون انضمامه الى الحكومة. وبذلك ستعوّل الحكومة الجديدة المنبثقة من الانتخابات التشريعية في 28 اذار/مارس على غالبية من 73 نائبا، من اصل 120 مقعدا يضمها البرلمان. لكن هذه القاعدة البرلمانية يمكن ان تتعزز لان كاديما باشر مفاوضات مع حزب ميريتس العلماني اليساري (خمسة مقاعد)، وهي خطوة نحو تشكيل أغلبيه مريحه تمكن أولمرت من المضي قدما في خطة الفصل مع الفلسطينيين.
يذكر انه من جملة ما تم الاتفاق عليه بين الحزبين هو "الحد من اتساع" الحركة الاستيطانية في الضفة الغربية. وجاء في البرنامج الحكومي الذي اتفق عليه الطرفان أن "الحكومة ستعمل على رسم الحدود النهائية لدولة إسرائيلية على أساس أنها دولة ديموقراطية ذات غالبية يهودية". وجاء في النص الذي تناقلته وسائل الإعلام إسرائيلية اليوم الجمعة انه لتحقيق هذا الهدف "يجب الحد من اتساع المستوطنات في يهودا والسامرة (الضفة الغربية).
المفاجأة الأكبر: بيريتس وزيرا للدفاع
اتفق ممثلوا حزبي كاديما والعمل على ان المفاوضات كانت صعبة للغاية. ممثل حزب كاديما علق على ذلك بقوله: "لقد كانت مفاوضات طويلة وصعبة ادت الى اتفاق جيد للطرفين ولدولة اسرائيل". وبموجب هذا الاتفاق، سيحصل العماليون على سبع وزارات بينها وزارتا دولة. وصرح النائب العمالي افراييم سنيه القريب من بيريتس للقناة الاولى في التلفزيون الاسرائيلي "يعود للجنة المركزية في حزب العمل اختيار الشخصيات التي ستسند اليها تلك الحقائب". وذكرت القناة الاولى ان اللجنة المركزية للعمل ستجتمع لهذا الغرض الأحد المقبل في تل ابيب. الا انه أصبح من شبه المؤكد أن يتولى زعيم الحزب عمير بيريتس حقيبة الدفاع بدلا من المالية التي سيحتفظ بها كاديما، الامر الذي شكل مفاجئة كبيرة في الأوساط السياسية الإسرائيلية وأثار موجة من السخط والقلق في الأوساط الامنية. فهذه هي المرة الاولى التي تتربع فيها شخصية مدنية على رأس الوزارة الأهم في اسرائيل، لاسيما وان الاجواء مرشحة لمزيد التوتر والتصعيد مع الفلسطينيين بعد تولي حركة حماس مهام الحكومة الفلسطينية.
وفي أحدث استطلاع للرأي نشرته اليوم صحيفة يودعوت أحرانوت نددت غالبية كبرى (76 بالمئة) من الإسرائيليين بتولي زعيم حزب العمل والزعيم النقابي السابق بيريتس حقيبة الدفاع مقابل 21 بالمئة أيدوا ذلك. الصحفي الإسرائيلي والخبير في الشؤون الحزبية دانيل بن شيمون يعتبر اختيار بيريتس خطوة تبعث على الأمل: "اعتقد أن وزارة الدفاع هي بحق ملكة الوزارات في هذه الدولة، ولذلك أعتبر إعطاء هذه الوزارة تحديدا لشخص مثل بيريتس برؤيته وايدولوجيته الاجتماعية قرار صحيحا تماما. أعتقد أيضا أن هذا الاختيار يجب ألا يثير قلق الشعب، انه قرار جيد يخدم الديمقراطية في البلاد والشفافية في هذه الوزارة." ولم يخف الفلسطينيون ارتياحهم لهذا الاختيار. جبريل الرجوب، رئيس مجلس الأمن القومي الفلسطيني السابق قال "ان امام بيريتس فرصة لأخذ العبر من الماضي والعودة سريعا الى طاولة المفاوضات." واعتبر الرجوب شاؤول مفاز، وزير الدفاع المنتهية ولايته، انه كان بمثابة "نذير شؤم للفلسطينيين والإسرائيليين وللمنطقة بكاملها وان لا يأسف على تبديله."
مسألة توزيع حقائب لا غير
أما جمال زحالقة، العضو العربي في الكنيست عن التجمع الوطني الديمقراطي، فقد خالف الرجوب الرأي تماما واعتبر في حوار مع موقعنا أن تولي بيرتس حقيبة الدفاع لن يغير شيئا في الممارسات العسكرية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. فبيريتس لا يمتلك أية خبرة تؤهله لاتخاذ قرارات عسكرية حاسمة وانه سيكون رهينة بأيدي كبار رجال الجيش. ويعتقد زحالقة أن السياسات الإسرائيلية العسكرية سيقررها في المرحلة القادمة رئيس أركان الجيش دان حالوتس بالتشاور مع رئيس الوزراء أيهود اولمرت. وأشار عضو الكنيست الى أن المسألة لا تعدو كونها توزيع للحقائب المهمة على الحزبين اكثر منها اختيار مقصود لزعيم حزب العمل كي يتولى حقيبة الدفاع، لاسيما وان حقيبة الخارجية محجوزة للشخصية الثانية في حزب كاديما وزيرة الخارجية الحالية تسيبي ليفني، كما أن كاديما رفض رفضا قاطعا التفريط بوزارة المالية لأي حزب آخر، وعليه لم يبق للعمل الا حقيبة الدفاع.
مساعدة ألمانية ضد حماس
من ناحية أخرى طالب رئيس الوزراء الاسرائيلي المكلف ايهود اولمرت في حديث الى صحيفة بيلدتسايتونغ الالمانية، طالب الحكومة الالمانية ببذل كل ما بوسعها من اجل ضمان استمرار مقاطعة الاتحاد الأوروبي للحكومة الفلسطينية بقيادة حماس. وأضاف اولمرت "أن دور ألمانيا مهم وحيوي جدا في ايجاد حل لصراع الشرق الاوسط"، معترفا بان ألمانيا لا تستطيع بالتأكيد أن تملي على الآخرين المواقف التي يجب عليها ان تتخذها، لكنها "تستطيع أن تمارس سلطاتها القوية وتأثيرها الفاعل داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي لضمان ذلك." وقال اولمرت "أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل واعية جدا لهذه الإشكالية" وانه يأمل "ان تتمكن المستشارة من اقناع جيرانها واصدقاءها في الاتحاد الأوروبي بالأمر."