"عين الحسود فيها عود" ـ تخوف بعض اليمنيين من العين والحسد
١٧ سبتمبر ٢٠١١تنتشر في اليمن، كما في بعض الدول العربية، ظاهرة الاعتقاد في الحسد والإصابة ب"العين". ولهذه "العين" في الموروث التقليدي اليمني ثلاثة أنواع: المعجبة بنعمة من النعم فتؤثر فيها وتفسدها. والحاسدة تتمنى زوال النعمة عن المحسود. والقاتلة تخرج من الحاسد بقصد الضرر بإرادة ومشيئة منه.
نجلاء، فتاة يمنية في العشرينات من العمر، أصيبت بحالة من الاكتئاب والتوتر النفسي، عقب زواجها من رجل يكبرها في السن لم تكن تحبه. ولكنها خضعت لرغبة أسرتها لأنه ثري، آملة في أن يوفر لها حياة سعيدة. الأسرة فسّرت الأمر على أنه إصابة بعين ولا بد من كسرها بعرضها على المعالجين بالقرآن. أما عمها علي راشد فله موقف من التفسيرات التي يصفها ب"الخرافية" ويقول لـدويتشه فيله: "كنت أعلم السبب الحقيقي لمرض نجلاء ولكني لم أستطع التدخل لإيقاف المهزلة كوني وأسرتي قد وُضعنا في دائرة الشك والاتهام". ويضيف راشد قائلا: "لكن رغم كثرة الشيوخ الذين تلوا القرآن على رأس نجلاء لم تشف من حالتها إلا بعد طلاقها من عريس الغفلة".
الممارعين والقدرة على إصابة آخرين بالعين
وفيما يعتبر الحسد داخل المجتمع اليمني بأنه حالة لا تقتصر على مناطق أو فئات اجتماعية معينة، فإن القدرة على "الإصابة بالعين" يقتصر على مناطق أو جماعات محددة وأشخاص معينين يعرفون بـ "الممارعين". وهم أشخاص يُقال عنهم بأنهم يمتلكون قدرة على إصابة آخرين ب"العين"، مستخدمين في ذلك النظر والكلمات البليغة في الوصف والتصوير. وهناك الكثير من الحكايات عن الإصابة بالعين، إذ يقول أحمد حسان، من محافظة تعز جنوب اليمن، لـدويتشه فيله: "مر أحد الأشخاص المشهورين بقدرتهم في إصابة الناس بالعين (أي من الممارعين) بمجموعة من الأطفال وهم يلعبون وكان أحدهم ذو بشرة بيضاء فيما كان البقية من ذوي البشرة السمراء، فنظر إليهم وقال: حمامة بين غربان". ويستطرد حسان بشرح الحكاية "فلم يمر وقت طويل حتى اُصيب ذاك الطفل بمرض استعصى على الأطباء علاجه فمات".
طرق عديدة للوقاية من الحسد والعين
ولليمنيين حساسية إزاء نظرات الإعجاب والإطراء لما يخصهم من أشياء وأولاد وممتلكات ما لم يتبع ذلك دعوات البركة والحفظ. وللوقاية من الحسد والعين يسارع البعض ويطلب ممن يجاوره أن يشاركه طعامه مثلا ويمنح لمن ينظر إليه جزء من القات. كما تُكتب على واجهات المنازل والمحلات التجارية والسيارات الآيات القرآنية أو كلمات الثناء والشكر لله وعبارات لكسر عيون الحاسدين مثل "مشاء الله" و"تبارك الله" و"عين الحسود فيها عود" و"عين الحسود تُبلى بالعمى"."فيما يضع آخرون نسخة من القرآن مع الحبة السوداء في السيارات. ولحماية الأطفال من "العين" والحسد تحفظ الأحجبة والحروز وتعلق على صدورهم وسواعدهم. كما تعلق على رقاب الحيوانات بقايا الأحذية القديمة. أما لجلب السعادة فتلبس الخواتم المصنوعة من الأحجار الكريمة.
الرئيس اليمني: ما يحدث في اليمن عين وليس ثورة!
ورغم إيمان الكثير من اليمنيين بفكرة الإصابة ب"العين" والحسد، إلا أن الدهشة قد عقدت ألسنتهم وهم يتابعون خطاب الرئيس علي عبد الله صالح من مقر إقامته في العاصمة السعودية، التي يتعافى فيها من إصابته في حادث تفجير مسجد دار الرئاسة اليمنية في الثالث من يونيو/حزيران الماضي، حين قال أمام جمع من مؤيديه بمناسبة عيد الفطر إن ما جرى ويجري في اليمن منذ فبراير/ شباط الماضي، "ليس ثورة وإنما هو فعل ناتج عن الحسد". وعلق الشيخ حمود الحليف، وهو رجل شديد التدين ويؤمن بفكرة الإصابة بالعين والحسد ساخرا: "الظلم لا يحسد". أما محمد السباعي، وهو رجل متدين ويؤمن أيضا بالحسد والعين، فقال: "هذه هي الشعوذة بعينها". بينما يقترح بسام الزمر على المستضيف السعودي "أن يكلف فريقا من شيوخ الحرمين للقراءة على رأس المحسود حتى يشفيه الله من الحسد".
سعيد الصوفي - اليمن
مراجعة: شمس العياري