غزاويون يُقبلون على العبرية رغم الاستغراب والدهشة!
٥ فبراير ٢٠١٩على الرغم من قلة احتكاك أهالي قطاع غزة مع الجانب الإسرائيلي، الا أن هناك اقبال على تعلم اللغة العبرية هناك، حيث يتجه عدد لا بأس منه من شباب كلا الجنسين الى مراكز تعلم اللغة العبرية بهدف اتقانها. قد يكون الأمر غريباً لدى البعض في غزة لعدم وجود تعامل مباشر مع الإسرائيليين بخلاف سكان الضفة الغربية والقدس الذين يتعاملون بشكل مباشر وشبه يومي معهم، ولكن في غزة هناك دوافع مختلفة جعلت المهتمين يقبلون على تعلم اللغة العبرية.
مصمم الويب محمود الحلو تعلم أساسيات اللغة العبرية قبل عشر سنوات، حيث كان يعمل كمحاسب، ومن خلال تعامله مع الفواتير باللغة العبرية تعلم أساسيات هذه اللغة قبل أن يقرر تعلمها إلى درجة إتقانها، ولكن لهدف آخر أخبر DW عنه قائلاً:" عدت لتعلم اللغة العبرية لكي يكون لدي فرص عمل أوسع من خلال الترجمة أو العمل مع جهات في مجال عملي يتحدثون هذه اللغة، وبالتأكيد أرى أن تعلمها أمر طبيعي لا يستدعي الاستغراب من المجتمع في غزة كونها تعني اكتساب ثقافة إضافية توسع المدارك والتفكير المنطقي لدينا وهذا ما شعرته في نفسي".
واللغة العبرية لغة سهلة ومتشابهة جداً مع اللغة العربية في الكثير من الكلمات، ولكن قد يكون الأمر الصعب في اتقان العبرية هو صعوبة ممارستها والتحدث بها في غزة، حيث القليل جداً من الناس يتحدثون بها هنا، ولكن الحلو وجد طريقة لممارسة اللغة قائلاً:" اتجهت الى المنتديات والمجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي لطرح أسئلة باللغة العبرية ويتم الرد عليها والمناقشة والتحدث بهذه اللغة، وهكذا اتعلم اللغة العبرية بشكل جيد".
اللغة لفهم القوانين الإسرائيلية بشكل أفضل
وبخلاف محمود الباحث عن فرص عمل جديدة عبرت كوثر صدر المحامية والمحاضرة الجامعية عن ميلها الشديد لتعلم العبرية. وعليه فقد التحقت بالدورة فور سماعها بها. كوثر ترى أن تعلم اللغة العبرية لابد منه بالنسبة لها، حيث وضحت لـDW ذلك بالقول قائلة: "في القانون يوجد لدينا مقولة مأثورة وهي أن المحامي يسأل عن كل شيء ويتوقع منه الإجابة على أي شيء" وبالتالي يجب علينا معرفة الثقافات المختلفة وهذه شخصيتي التي تتجه الى تعلم اللغة لأي شعب لفهم نمط حياته ومعيشته وثقافته. وتفضل كوثر اتباع دورات تعليمية، لأن التعلم من خلال المترجم عبر الانترنت غير سليم ونسبة الصح به 30 بالمائة فقط، وهذا لا يمكن الاعتماد عليه لا بشكل كلي ولا جزئي لكي نفهم ثقافة ونمط تفكير الشعب الإسرائيلي".
اسرائيل لها قوانينها التي تصدرها يومياً أو على فترات مستمرة ولا تتم معرفتها الا من خلال تقارير مترجمة الى العربية، حيث تطبق هذه القوانين أيضاً على الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل أو ما يطلق عليهم اسم " عرب 48"، المحامية كوثر تجد أن هذا من الأسباب الكافية لها كي تتعلم العبرية وتكون مطلعة بشكل شخصي وبمجهودها على هذه القوانين الإسرائيلية بعيدا عن معرفتها مترجمة عن طرق أخرى.
أهمية العبرية للصحفي الفلطسيني
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يتداول في الأخبار الفلسطينية والإسرائيلية في كل لحظة يومياً، ويقوم كل من الطرفين بصياغة أخباره ونقلها حسب وجهة النظر التي تناسبه، وهذا ما يستدعي ترجمة الأخبار الإسرائيلية لمعرفة ما يحدث في الشأن الإسرائيلي على مختلف الصعد السياسية والعسكرية والاقتصادية. وتشكل هذه الترجمة دافع الصحفية نجلاء نجم التي تتعلم العبرية من أجل ترجمة الأخبار بنفسها، حيث أخبرت DWبذلك قائلة:" تعلم اللغة العبرية يساهم في وصول الشعب الفلسطيني الى وعي كبير بما يحدث في إسرائيل، حيث يوجد العديد من وسائل الاعلام الإسرائيلية والتي تتم ترجمة موادها حسب سياسة وميول كل جهة إعلامية، لذا يجب تعلم العبرية لفهم ما يحدث في الاعلام الإسرائيلي بعيداً عن قراءة النصوص المترجمة بناء على العواطف والأهواء الخاصة بالجهات التي تقوم بالترجمة ".
وأكدت نجلاء بأن على الصحفي الفلسطيني تعلّم العبرية الى جانب اللغات التي يتعلمها، لأنه يتعامل يوميا مع مصادر إعلامية إسرائيلية وينتظر ترجمتها لمعرفة ما يحدث في إسرائيل، وتقول:" تأخرنا كثيراً للوصول الى حالة الوعي بضرورة تعلم اللغة العبرية والتي كان يجب أن تشكل خطوة أولى منذ فترة طويلة".
تعلّم العبرية لفهم القضية بشكل أفضل
هذا على صعيد المشاركين، أما على صعيد القائمين على تعليم العبرية فقد تحدثت DW مع المدرب أحمد الفليت الذي يرى أن هناك اهمال شديد في تعلم اللغة العبرية في فلسطين، والتي يجب اعتمادها من قبل وزارة التربية والتعليم الفلسطينية كمادة أساسية يتعلمها جميع الطلاب في المدارس، مضيفاً:" لا بد أن نعترف بأننا مهملين بتعلم اللغة العبرية والتي لها علاقة بقضية فلسطين، ففي إسرائيل يتم تعليم اللغة العربية منذ المرحلة الابتدائية ويجيدون تحدثها أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، لهذا يجب تعلم اللغة العبرية بشكل أساسي في المدارس..".
كما وهناك اقبال على تعلم اللغة العبرية بمختلف الفئات العمرية والاهتمامات الشخصية خاصة من شريحة الإعلاميين وهذا يدل على ان هناك وعي لأهمية تعلم اللغة التي قد تفتح فرص عمل للمتدربين فيما بعد.
أهل غزة وحاجتهم للغة العبرية؟
قد يكون مثير للجدل أو للدهشة تعلّم بعض أهالي غزة اللغة العبرية، لاسيما وأنه ليس لديهم احتكاك مباشر بالإسرائيليين منذ أكثر من 15 عاماً بعد الانسحاب من قطاع غزة، ولكن الفليت وضح ذلك قائلاً: "الفئة الأكثر تعامل مع الجانب الإسرائيلي هي فئة التجار وهم الأقل اقبالاً على تعلم اللغة العبرية، ولكن يوجد المعاملات التجارية والتحويلات الطبية والمعابر، وهذه كلها تحتاج معرفة اللغة العبرية، كما أن ما يحدث بشكل يومي على صعيد القضية الفلسطينية يحتاج الى هذه المعرفة بشكل أكبر، وبالتالي فإن عدم الاحتكاك مع الجانب الإسرائيلي في غزة لا يقلل أبداً من أهمية تعلم العبرية بالمقارنة مع أهالي الضفة الغربية والقدس".
اللغة العبرية غير معتمدة بشكل أساسي في المدارس الفلسطينية، ولكنها تدرس كمساق اختياري في الجامعات الفلسطينية، حيث يتم دراسة أساسيات هذه اللغة بشكل بسيط ومبتدئ جداً لا يمكن لشخص فيما بعد الاعتماد على ما تعلمه للمحادثة أو للعمل بها، لهذا يتجه المهتمون لأخذ دورة كاملة تمكنهم من فهم هذه اللغة وإتقانها على كافة المستويات.
رويدا عامر- غزة