غزة على عتبة كارثة إنسانية جديدة والأطفال الأكثر تضررا
١٢ يوليو ٢٠١٤دوامة العنف والتصعيد مستمرة وأعداد الضحايا في تزايد ومساحات الخراب والدمار في اتساع، هكذا هو الوضع في قطاع غزة. وسكان القطاع يعانون من خوف مستمر، فهم لا يعرفون أين ستسقط الصواريخ المقبلة وكيف سيحمون أنفسهم. الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة والتي ينفذ أغلبها ليلا تحول دون قدرة الناس على النوم، ما يسبب لهم الأرق والإرهاق وينعكس ذلك بشكل خاص على الأطفال، حسب رياض عثمان، مدير مكتب منظمة "مديكو انترناسيونال" في رام الله، ويقول في حواره مع DWإن منظمته والمنظمات الإنسانية الأخرى لا تعرف كيف يمكن أن تعالج وتعتني بالأطفال خصوصا في الجوانب النفسية، ويضيف "أن ثقة الأطفال بقدرة أهاليهم على حمايتهم قد تأثرت وضعفت كثيرا، فهم يعرفون أن آباءهم عاجزون عن فعل أي شيء" وقد بات الآباء يواجهون مشكلة مواساة أطفالهم وتبديد خوفهم. فالأطفال هم أكثر من يتأثرون ويعانون من التصعيد والعنف في غزة.
ويحذر عثمان من النتائج والانعكاسات السلبية والكارثية لمعاناة الأطفال والكوابيس التي يعيشونها، على نفسيتهم وشخصيتهم مستقبلا، ويشير إلى أن هذا الأمر "يساهم في دفع هذا الجيل إلى العنف، وربما إلى تطرف الجيل الشاب".
ولتجنب ذلك وحماية المدنيين ووقف الدمار والخراب، دعت منظمات إنسانية دولية منها " سيف ذي تشيلدرن، وأوكسفام"ومنظمات غير حكومية في بيان مشترك، إلى وقف إطلاق النار واحترام حقوق الإنسان في قطاع غزة. والبيان الذي وقعت عليه منظمات غير حكومية من ايطاليا وسويسرا واليابان، طالب الفلسطينيين والإسرائيليين بوقف العنف وإيجاد حل دائم للنزاع وحماية المدنيين من العنف واحترام حقوقهم، وأشار إلى تضرر "المنازل والمدارس وشبكات المياه" ما يساهم في تدهور الوضع الإنساني في القطاع أكثر وأكثر.
المشافي تكتظ بالمصابين
الأضرار لا تقتصر على المدارس والمنازل فقط، وإنما تطال المراكز الطبية وتتعرض حياة المسعفين والمتطوعين أيضا للخطر، ما دفع اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى مناشدة أطراف النزاع لحماية المدنيين والعاملين في مجال الرعاية الطبية والإسعاف، حيث قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، إن أضرارا لحقت بفرع الهلال الأحمر الفلسطيني في جباليا شمال قطاع غزة يوم 9 تموز/يوليو 2014، حيث جرح اثنا عشر موظفا ومتطوعا ودمرت ثلاث سيارات إسعاف.
وعلى إثر ذلك طالب رئيس بعثة الصليب الأحمر في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، جاك مايو، بحماية المدنيين وقال "يجب ضمان شروط السلامة في جميع الأحوال لسيارات الإسعاف والمستشفيات والعاملين في مجال الرعاية الطبية، حيث يحتاجون إليها للقيام بعملهم الحيوي".
وعلاوة على الخطر الذي يتعرض له المسعفون والأطباء والمراكز الصحية، فإن ضعف البينة التحتية في المجال الصحي واكتظاظ المشافي القليلة في غزة بالمرضى والجرحى تشكل تحديا آخر للعاملين في المجال الصحي، وقد أشار إلى ذلك رياض عثمان مدير مكتب منظمة "مديكو انترناسيونال" في رام الله، حيث جاء في حواره مع DWأن مستشفى الشفاء مثلا، الذي هو الأكبر في غزة، مكتظ بالمصابين و"غرفة العناية المركزة ممتلئة بالجرحى، وقد تم تحويل غرفة أخرى للعناية المركزة في جناح آخر هي أيضا ممتلئة بالجرحى الذين يعانون من إصابات بالغة. ويتم الآن العمل لتحويل غرف عادية أخرى إلى غرف للعناية المركزة".
نقص حاد في الأدوية والمواد الأساسية
وفي إشارة إلى الوضع الإنساني الكارثي في القطاع الصحي، أشار عثمان في حواره إلى تصريح وزارة الصحة الفلسطينية قبل بدء التصعيد الأخير في غزة، والذي جاء فيه أن مستودعات الوزارة خالية من 85 % من الأدوية الضرورية، و"علاوة على ذلك هناك الآن مئات الجرحى الذين يحتاجون المعالجة".
أما المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة فأعربت عن قلقها لاستهداف الغارات الإسرائيلية للمنازل، مشيرة إلى أن ذلك يمكن أن يشكل خرقا للقانون الدولي، حيث صرحت المتحدثة باسم المفوضية في جنيف، رافينا شمدساني، بأن المفوضية تلقت تقارير تثير القلق مفادها أن "عددا من الضحايا المدنيين بمن فيهم الأطفال هم نتيجة ضربات طالت منازل". وأضافت أن "هذه التقارير تثير شكوكا في مدى التزام هذه الضربات بالقوانين الإنسانية الدولية وبالقوانين الدولية حول حقوق الإنسان".
وما يفاقم الوضع الإنساني ويزيد حياة سكان غزة صعوبة، حسب رأي عثمان، هو نسبة البطالة المرتفعة والنقص الحاد في المحروقات وانقطاع التيار الكهربائي. ويشير عثمان في حواره مع DWإلى أن الحكومة المصرية قد دمرت الأنفاق التي كانت موجودة بين قطاع غزة وسيناء "ما أدى باقتصاد قطاع غزة إلى حافة الانهيار، وفقد عشرات الآلاف عملهم، ليس لأنهم كانوا يعملون في الأنفاق فقط، وإنما بسبب الحصار الإسرائيلي للقطاع. فحين لا تأتي مواد البناء عبر الأنفاق، فإن مشاريع البناء تتوقف ويفقد الناس وظائفهم". وأضاف عثمان أن انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود وتضاعف أسعاره يؤدي إلى توقف المصانع وتسريح العمال.