غزة من "التحرير" إلى التصعيد
تفاقمت الأوضاع في قطاع غزة بشكل دراماتيكي بشكل يهدد حالة الـ "لا حرب" و "لا سلم" التي أعقبت اتفاقية شرم الشيخ في فبراير/شباط 2004. وعادت المنطقة مجددا إلى دوامة العنف التي لا تخدم أي طرف باستثناء اؤلئك الذين يعملون على إطفاء أي بريق أمل بحدوث تقدم وهدوء يؤسس لبناء درجة من الثقة بين الإطراف المتنازعة التي هي بأمس الحاجة إليها لخوض المرحلة القادمة من مفاوضات السلام وتنفيذ المراحل القادمة من خارطة الطريق. وبعد العروض العسكرية والاحتفالات المتتالية "بتحرير" القطاع، عاد أهالي قطاع غزة ليكتشفوا أن الواقع مختلف تماما. فطريق الوصول الى حل ينهي العنف والقصف والاغتيالات وإطلاق الصورايخ على المستوطنات مازال طويلا ومعقدا وبحاجة الى التزام أقصى درجات الحذر والهدوء.
الوضع الميداني
ميدانيا شنت اسرائيل غارة جديدة على قطاع غزة واعتقلت اكثر من 200 فلسطيني في حملة واسعة بالضفة الغربية اليوم الاحد بعد ان حذرت الفلسطينيين من انها سترد ردا ساحقا على الهجمات الصاروخية من غزة. كما أطلقت المدفعية الإسرائيلية قذائف قرب قطاع غزة فيما وصفه مصدر أمني بأنه //تدريب// وذلك بعد أن تعهد رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون باستخدام كافة الوسائل لوقف الهجمات الصاروخية عبر الحدود. وكان الطيران الحربي الاسرائيلي قد شن ليل السبت الاحد خمس غارات على قطاع غزة استهدفت اعضاء من كتائب شهداء الاقصى في خان يونس وبني سهيلة شرق خان يونس ومدرسة دار الارقم التابعة لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) في مدينة غزة. كما تم قصف مكتب للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيت حانون ومنزل احد قادة للجان المقاومة الشعبية في بيت لاهيا شمال قطاع غزة. واسفرت هذه الغارات عن سقوط عشرين جريحا. واعتقلت القوات الاسرائيلية 207 فلسطينيين في الضفة الغربية يشتبه انهم ناشطون اسلاميون في اكبر حملة من نوعها منذ شهور. وقالت مصادر في الاجهزة الامنية الفلسطينية وفي حركة حماس ان الجيش الاسرائيلي اعتقل اكثر من عشرين ناشطا في الحركة في قرى في منطقة رام الله من بينهم الشيخ حسن يوسف، ابرز قياديي الحركة في الضفة الغربية, وقد اطلق الجيش الاسرائيلي سراحه قبل اقل من عام بعد ان امضى عاما ونصف العام داخل السجن. وادان المسؤولون الفلسطينيون //العدوان الاسرائيلي// ولكن عباس انتقد الناشطين ايضا لاحتفاظهم بمتفجرات في مناطق سكنية ووصف تصرفهم بأنه //مذبحة//.
الحكومة الاسرائيلية
واعلنت الحكومة الاسرائيلية في بيان نشر ليل السبت الاحد بعد اجتماعها ان "ردنا (على عمليات القصف) سيكون بافهام حماس والمنظمات الفلسطينية الاخرى والسلطة الفلسطينية بوضوح انهم سيدفعون ثمنا باهظا جدا". ونقلت وسائل الاعلام الاسرائيلية عن رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون قوله خلال الاجتماع "لن نغزو قطاع غزة مجددا لكن سكانه لن يناموا اذا لم ينم سكان سديروت" المدينة الواقعة في جنوب اسرائيل وتستهدفها قذائف القسام باستمرار. وبقيت مدارس هذه البلدة مغلقة اليوم الاحد. ووافقت الحكومة الامنية على مشروع وزير الدفاع شاوول موفاز الذي يقضي بشن عمليات جوية وقصف مدفعي على المناطق التي يتم اطلاق صواريخ قسام منها في قطاع غزة. وكان مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر المعني بشؤون الامن قد وافق في اجتماع برئاسة شارون امس على استئناف سياسة اغتيال زعماء الناشطين التي اوقفت منذ هدنة اعلنت في فبراير شباط. كما اعطى الضوء الاخضر في سابقة لا مثيل لها لاستخدام المدفعية لوقف الهجمات الصاروخية. واطلقت وسائل الاعلام الاسرائيلية على العملية التي يشنها الجيش اسم //أول المطر//. وفي هذا السياق, صرح الجنرال اسرائيل زيف قائد العمليات في مقر قيادة الجيش الاسرائيلي صباح اليوم الاحد ان العمليات الاسرائيلية ضد الحركات الاسلامية الفلسطينية المتشددة في قطاع غزة مدتها "غير محددة".
تنافس على زعامة الليكود
يرى بعض المراقبين أن التطورات الأخيرة في قطاع غزة ربما تكون مرتبطة بشكل أو بآخر بالمنافسة على زعامة حزب الليكود بين شارون ونتنياهو الذي عارض الانسحاب وقال انه سيؤدي الى مزيد من العنف لا الى //فك الارتباط// من الصراع كما كان يسعى شارون. ويحتمل ان يؤدي تصويت سيشارك فيه اعضاء اللجنة المركزية لحزب ليكود الذين يزيد عددهم على ثلاثة الاف شخص غدا الاثنين الى قلب السياسة الاسرائيلية رأسا على عقب ويدفع شارون الى ترك الحزب وتكوين تحالف جديد ينتمي الى تيار الوسط. واشار احدث استطلاع لاراء اعضاء اللجنة المركزية الى ان نتنياهو الذي استقال في اغسطس اب من منصب وزير المالية في حكومة شارون احتجاجا على الانسحاب من غزة سيفوز على الارجح في مسعاه لاجراء انتخابات مبكرة داخل الحزب. كما يمثل العنف تحديا كبيرا ايضا للرئيس الفلسطيني الذي تجنب السعي الى نزع اسلحة جماعات الناشطين مثل حماس مثلما تطالب اسرائيل كشرط لاستئناف المحادثات بشأن الدولة الفلسطينية خشية ان يؤدي ذلك الى حرب اهلية.
رفض لخيار دولة فلسطينية "بحدود مؤقتة"
اعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ندوة اعلامية في رام الله (الضفة الغربية) اليوم الاحد ان السلطة الفلسطينية ترفض خيار الدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقتة التي نصت عليها "خارطة الطريق". وقال عباس الذي كان يتحدث في احد فنادق رام الله ان "الدولة ذات الحدود المؤقتة نحن نرفضها لانها بصراحة مطب خطير جدا لن ينهي القضية وسيبقى الصراع قائما وربما الدولة ذات الحدود المؤقتة ستصبح دولة ذات حدود دائمة والى الابد". واكد ان الاستقلال لا يتم "الا باستقلال طرفي الوطن". ووصف عباس اعلان اسرائيل بان الحدود مع غزة اصبحت دولية بانه "موقف خطير نريد ان ندرس ما يعنيه" خشية "ان تكون امامنا مطبات لا ندري اين ستوصلنا".واكد عباس ان السلطة الفلسطينية لن تفتح معبر رفح الا باتفاق مع الاسرائيليين "لان غزة ليست مستقلة". وفيما يتعلق بعملية الاصلاح, قال عباس "لا استطيع ان اقول اننا انهينا الفساد, لكننا قطعنا شوطا كبيرا في الاصلاح ومحاربة الفساد". واكد عباس ان الانتخابات البرلمانية ستجري في موعدها. وقال "اجتمعت مع لجنة الانتخابات" وطلب من اللجنة استكمال اجراءاتها.
دويتشه فيله + وكالات