فراشات مشوهة تنذر بأمراض خطيرة في اليابان
٢٢ أغسطس ٢٠١٢يكثر الحديث الآن عن التحول الجيني الذي أصاب بعض الفراشات في أعقاب كارثة فوكوشيما النووية. وتنتمي هذه الفراشات المتحولة إلى ما يعرف بـ"فصيلة الفراشات النحاسية"، وهي منتشرة في كل بقاع العالم.
تتميز هذه الفراشات بحساسيتها الشديدة تجاه أي تغيرات أو تلوث في المياه و الهواء كما إنها شديدة الحساسية تجاه المواد الكيميائية والإشعاعات. وبذلك ينظر العلماء لهذه الفراشات على أنها تمثل مقياسا طبيعيا يرصد حدوث أي خلل في النظام البيئي ومركباته.
وبالرغم من عدم رصد مخاطر مثيرة واضحة حتى الآن نتيجة الكارثة النووية في اليابان إلا أن الخبراء يشعرون بالقلق كما يقول فينفريد آيسنبرغ ، الخبير الإشعاعي في جمعية الأطباء الدوليين للوقاية من الحرب النووية :"لا أستغرب من النتائج التي رصدها الباحثون اليابانيون. ثمة نتائج مشابهة تم التوصل اليها بعد كارثة تشرنوبل".
انقراض و تشوهات
بعد كارثة تشرنوبل النووية في أوكرانيا ظهرت تشوهات مشابهة خلال السنوات التي تلت. ويقول آيسنبرغ إن العلماء يرصدون حتى الآن تشوهات جينية لبعض الفئران البرية في المناطق المتضررة كما أن طائر السنونو اختفى تماما من المنطقة المحيطة بتشرنوبل بعد أن تعرض خلال السنوات الماضية لتغيرات في شكل الرأس.
لكن هذه التغييرات الجينية المتعاقبة من جيل لآخر لا تقتصر على الحيوانات فحسب، فبعد مرور تسعة أشهر على كارثة تشرنوبل ، زادات حالة الإصابة بما يعرف بـ"متلازمة داون". ويظهر هذا المرض نتيجة خلل في الكرموسومات حيث توجد نسخة إضافية من كروموسوم 21.
ولم يقتصر الأمر على انتشار حال ة "متلازمة دوان" فحسب بل زادت حالات الإجهاض خلال تلك الفترة، ليس فقط في المنطقة القريبة من تشرنوبل بل على نطاق واسع أيضا. ووفقا لتقرير جمعية الحماية من الإشعاع فقد أصيب ما بين 18 ألف إلى 122 ألف شخص بأضرار جينية نتيجة الإشعاع.
إشعاع أقل لا يعني خطورة أقل
لا يعرف العلماء بدقة جرعة الإشعاع التي تبدأ عندها مخاطر الإصابة بتشوهات جينية لكن الواضح في الأمر هو أن كافة أنواع الإشعاع وجرعاتها تؤثر سلبيا على الخلايا الحية كما يقول بيتر جاكوب ، مدير معهد الحماية من الإشعاع في مركز هيلمهولتس بمدينة ميونيخ الألمانية.
ويبدو أن الخلايا الإنسانية تطور آلية مذهلة وفعالة في التعامل مع هذا الوضع. فعند حدوث طفرة لدى انقسام الخلايا، تقوم إنزيمات معينة بإصلاح معظم الأخطاء لكن من الممكن أن يتسبب الإصلاح الطارئ، بعد التعرض لجرعة إشعاع قصيرة، في إحداث طفرات لاحقة تنتقل للجيل الثاني من الخلايا مما قد يؤدي الى تكوين سرطان على المدى الطويل. وإذا ما حدثت الطفرة في خلية بيضاء أو مشيج فإن هذا يرفع من احتمالية الإصابة بالسرطان مع مرور الوقت.
مخاوف على الأطفال
من جهة أخرى اعتبرت دراسة أجرتها اللجنة العلمية التابعة للأم المتحدة حول تأثيرات الإشعاع النووي أن حالات الإصابة بسرطان الدم وسرطان الغدة الدرقية لن تزيد في اليابان بشكل كبير نتيجة الكارثة النووية. غير أن رصد تغييرات جينية في الفراشات يثير القلق والمخاوف حتى وإن كان العلماء يقولون إنه ليس من الضروري أن يحدث للإنسان نفس التأثير الذي يحدث للحيوان.
وأجري في اليابان فحص طبي على الغدة الدرقية لأكثر من 40 ألف طفل. وأظهر الفحص وجود تكيسات غير معتادة لدى 35 بالمائة من الأطفال. وأثارت هذه الدراسة قلق أحد أطباء الأطفال الذي طالب الحكومة اليابانية بالسماح للأطباء بفحص بيانات المواليد في اليابان منذ كارثة فوكوشيما. غير أن التصريح بذلك لم يتم بعد.