فرصة أقل لتعزيز الحوار الألماني- الإسلامي
منذ أكثر من ثلاث سنوات يقوم "المجلس الثقافي" في ألمانيا بتنظيم ما يسمى بـمشروع "منتدى الإسلام"، حيث يجتمع المسلمون مع غير المسلمين على مستوى الولايات. ويناقش المنتدى بشكل خاص المشاكل التي تتعلق بالتعايش المشترك إضافة إلى تلك التي تقف في طريق عملية اندماج المسلمين في المجتمع الألماني.
لكن نية وزارة الداخلية الألمانية وقف تقديم الدعم المادي لهذا المشروع قد يؤدي إلى هدمه، وذلك بحجة مشاركة بعض المجموعات المتطرفة التي تخضع لمراقبة السلطات الألمانية فيه. ويكمن الهدف الرئيسي للاجتماعات الدورية التي ينظمها "منتدى الإسلام" في تعزيز دعائم التعايش بين الأغلبية الغير مسلمة والأقلية المسلمة في ألمانيا.
السيد يورغن ميكش العالم الديني المسيحي ورئيس "المجلس الثقافي" في ألمانيا ومنظم "منتدى الإسلام" يرى في التقارب اليومي بين الجماعتين فرصاً كبيرة لا بد من انتهازها من أجل تحقيق هذا الهدف.
فرض الحوار من أعلى
يقول السيد ميكش " أنا شخصياً أود القول وبشكل عام أننا في ألمانيا نحظى بتعايش جيد مع المسلمين، لدينا أجواء وشروط جيدة للتعايش، ولكن هناك مشاكل أيضاً ناتجة مثلاً عن أنه ليس للمسلمين منظمة أو هيئة مركزية تمثلهم. وفي الوقت الذي ترغب فيه الحكومة الألمانية بوجود مثل ذلك يبدو أن تشكيل مثل هذه المنظمة صعب للغاية. ويعود السبب إلى أن غالبية المسلمين من أصل تركي من جهة. ومن جهة أخرى فهم لا يشكلون وحدة ثقافية. يُضاف إلى ذلك أنهم متفاوتون فيما بينهم بشكل واضح في درجة تدينهم وممارستهم لشعائر الدين الإسلامي.
أما ياشار بيلغن من "مجلس الأتراك في ألمانيا" فينتقد على سبيل المثال الموقف العام تجاه المسلمين في ألمانيا وأوروبا. وحسب رأيه فإن طريقة التعامل مع الثقافات في أوروبا مازالت تحكمها النزاعات وهي بدائية. كما يذكر بان السياسيين ووسائل الإعلام هم من يتطرق في النهاية للحوار الذي هو مجرد محاولة لفرض أو إقرار شيء ما، بمعنى آخر، لا يوجد حوار وإنما يحاول المرء وبكل بساطة فرص ما يجب على المسلمين فعله من قبل مراكز النفوذ.
محاولة بدء حوار حقيقي
ليس الجميع متفقين على توجيه مثل هذا النقد القاسي أو اللاذع للحوار القائم حالياً بين المسلمين وغير المسلمين في ألمانيا. ولكن اجتماعات منتدى الإسلام التي تنعقد منذ أكثر من ثلاث سنوات هي على أية حال محاولة لبدء حوار حقيقي ومتبادل. ولا تُقام منتديات الإسلام على مستوى الاتحاد فحسب، وإنما في ولايات هيسن وسكسونيا السفلى وولاية ويستفاليا شمال الراين، فضلاً عن الولايات الجديدة في شرق ألمانيا. وفي هذه الاجتماعات يلتقي ممثلو عدة مجموعات مسلمة مع أصحاب عقائد مختلفة، على الأغلب مسيحيين ألمان. المشاركون يقرون التزامهم بالقانون الألماني وفصل الدين عن الدولة. ومن خلال ذلك تكون هناك فرصة للقاء جماعات إسلامية تتبادل الحوار والخبرات في حياة المسلمين ومستقبلهم.
أما مواضيع منتديات الإسلام فمتنوعة، فإضافة إلى المسائل العالمية مثل الحرب والسلام والإسلام والعلاقة بين الدولة والدين، يتم أيضاً التطرق إلى مواضيع ومشاكل حياتية، مثل مشاركة البنات المسلمات في درس الرياضة أو الثقافة الجنسية أو المشاركة في الرحلات المدرسية. كما تُناقش قضايا أخرى مثل قضية الحجاب والتطرف الإسلامي والمشاكل الأساسية التي تقف في وجه الاندماج في المجتمع الألماني.
ضرورة الحوار مع الإسلام المحافظ
ويرى العالم الديني ميكش أنه من المهم التركيز على أوجه التشابه مع عدم نسيان الفروق التي تعتبر مسألة غير سهلة. ومن المؤكد أن عمل المنتدى لاقى الكثير من المديح والترحيب في العديد من الأماكن، لكنه لم يسلم من النقد، حتى من الخارج. فقد لفتت اجتماعاته انتباه وزارة الخارجية الأمريكية التي قامت بتوجيه النقد لها بحجة أنها تضم منظمات إسلامية مريبة. أما المجموعات التي ُيشار إليها بالريبة فهي: "مجلس المسلمين" و"المجلس الأعلى للمسلمين"، فهاتان الجماعتان تشاركان بشكل دوري في اجتماعاته. وهما تضمان تيارات إسلامية محافظة جداً وتتمتع بنفوذ كبير.
وكانت وزارة الداخلية الألمانية قد قامت في البداية بدعم مشروع "منتدى الإسلام"، ولكنها انقلبت عليه في الآونة الأخيرة. إذ صرحت أنه لا يجوز دعم المنظمات الخاضعة لمراقبة السلطات الألمانية. وقد قامت رئيسة البرلمان الألماني السابقة ريتا سوسموت بانتقاد موقف الوزارة الحالي وأكدت أنه من الضروري حضور أو مشاركة مثل هذه المنظمات بالذات لأن لديها مشاكل مع ألمانيا. وقالت "أن الأهم هو الكف عن الثرثرة حول أهمية الحوار والبدء بالعمل على تطبيقه وممارسته بشكل عملي. فعندما لا يشمل الحوار أولئك الذي يفكرون بشكل مختلف، تتولد المخاوف من انعزالهم وسيرهم بالاتجاه الخطأ."