فرنسا تعلن الإبقاء على قواتها في تشاد
٨ مارس ٢٠٢٤أعلن مبعوث للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس أنّ باريس ستحتفظ بقواتها في تشاد التي يحكمها مجلس عسكري، على الرغم من انسحابها من دول أخرى في أفريقيا في أعقاب أزمات مع أنظمة عسكرية أخرى.
وتراجع نفوذ فرنسا في مستعمراتها السابقة في غرب إفريقيا حيث قام حكام عسكريون يحاربون التمرد الجهادي في مالي وبوركينا فاسو والنيجر بطرد قواتها وتعزيز علاقاتهم مع روسيا.
ويتمركز نحو ألف جندي فرنسي في تشاد التي يحكمها الجنرال محمد إدريس ديبي إتنو منذ عام 2021، وهي واحدة من عدد متضائل من حلفاء فرنسا في المنطقة.
وقال جان-ماري بوكل مبعوث ماكرون لإفريقيا والمكلف ببحث الانتشار العسكري الفرنسي الجديد في القارة "بالطبع سنبقى" في تشاد. وأضاف بوكيل بعد اجتماعه مع ديبي إتنو في نجامينا أنّ ماكرون طلب إجراء محادثات مع السلطات التشادية بشأن "تطور" الانتشار العسكري الفرنسي "لتكييفه بشكل أفضل" مع التحديات الأمنية والعسكرية الإقليمية.
ولفت بوكيل إلى أنّه أعرب أيضاً لديبي إتنو عن "إعجاب" فرنسا بانتقال تشاد إلى الحكم المدني، وهي العملية التي بدأت بعد تولي رئيس المجلس العسكري السلطة خلفاً لوالده الذي حكم البلاد أكثر من ثلاثة عقود بقبضة من حديد.
وتُعد تشاد، حيرث ما زال الجيش الفرنسي ينشر قوات عسكرية، آخر شريك رئيسي لفرنسا في منطقة الساحل، بعد الانسحاب القسري للجنود الفرنسيين من مالي في آب/أغسطس 2022، وبوركينا فاسو في شباط/فبراير 2023، والنيجر في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وتقاربت هذه الدول الثلاث مع روسيا، وخصوصاً على المستوى العسكري. ويُعتبر الجيش التشادي أساسياً في الحرب ضد المتطرّفين في المنطقة.
"تشاد دولة شقيقة لروسيا"
وكان الرئيس التشادي الانتقالي الجنرال محمد إدريس ديبي إتنو قد أعلن في وقت سابق أنّ بلاده الحليفة لفرنسا "دولة شقيقة" لروسيا وذلك خلال زيارة مطلع هذا العام التقى خلالها الرئيس فلاديمير بوتين الذي أكد بدوره استعداد موسكو للمساعدة على تحقيق الاستقرار في تشاد. وقال ديبي "جئت كدولة صديقة، ودولة شقيقة، ودولة ذات سيادة (تريد) تعزيز علاقاتها مع دولة صديقة"، معتبراً أن زيارته لموسكو ستساعد في "تعزيز علاقاتنا الثنائية".
وحدّدت روسيا لنفسها هدفاً باستعادة نفوذها في إفريقيا الذي فقدته بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. وركّز الكرملين جهوده خصوصاً على دول الساحل حيث نشر جماعات مسلحة في مواجهة النفوذ الفرنسي.
وسيخوض ديبي إتنو الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في السادس من أيار/مايو والتي يبدو أنه سيفوز فيها بشكل شبه مؤكد، مع نفي شخصيات معارضة رئيسية أو استقطابها أو مقتلها.
وقُتل منافسه الرئيسي وابن عمه يايا ديلو دجيرو الأسبوع الماضي في حادث وصفه حزب ديلو بعملية "إعدام". وقالت الحكومة إن ديلو قاوم اعتقاله بعنف خلال تبادل لإطلاق النار مع الجنود.
وتعهد ديبي إتنو البالغ 39 عاماً في البداية بإعادة السلطة إلى المدنيين في غضون 18 شهراً، لكنه أرجأ الموعد عامين آخرين. كما كان قد صرّح في وقت سابق أنه لن يخوض الانتخابات.
تراجع النفوذ الفرنسي في أفريقيا
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد دعا الفرنسيين إلى "التواضع" تجاه القارة الأفريقية، كما أعلن عن خطوات بتخفيض الوجود العسكري في عدد من دول القارة وخصوصا في منطقة الساحل وجنوب الصحراء.
ولم يخف الرئيس الفرنسي في خطابه بتاريخ 27 فبراير/شباط 2023، حول " الاستراتيجية الدبلوماسية لفرنسا" في أفريقيا أبعاد الصراع والمنافسة التي تواجه الفرنسيين في القارة السمراء، وبلغة واقعية اعترف ماكرون بتراجع مكانة فرنسا على الأصعدة الاقتصادية والاستراتيجية.
وتشير عدة دلائل إلى أن نفوذ فرنسا الثقافي وخبرتها التاريخية في أفريقيا تتقلص، إذ تفيد دراسات وإحصاءات بأن استخدام اللغة الفرنسية يشهد تراجعا في مجالات تقليدية مثل التعليم والإعلام وأوساط الأعمال.
ويثير هذا المؤشر قلقاً كبيراً لدى صانعي السياسة الثقافية الفرنسية، لاسيما وأن تراجع استخدام اللغة الفرنسية يبرز لدى الفئات الشابة في الدول الفرنكفونية، وهي الفئات الأكثر حضورا في وسائل التواصل الحديثة والتكنولوجيا والاقتصاد الرقمي.
ع.ح/و.ب/م.س (أ.ف.ب)