فرنسا..تصريحات رئيس الوزراء الجديد حول الهجرة تحت المجهر
٢٥ سبتمبر ٢٠٢٤في أول لقاء تلفزيوني مع رئيس الوزراء الفرنسي الجديد ميشيل بارنييه، يوم الأحد 22 أيلول/سبتمبر في نشرة أخبار قناة "فرانس 2"، عرض بارنييه الخطوط العريضة لسياسته الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية، وذكر انتعاش الميزانية العامة ومناقشات جديدة حول قانون التقاعد، ولم ينس ملف الهجرة، لا سيما وأنه عيّن برونو ريتيللو اليميني للغاية، لتولي حقيبة الداخلية، في إشارة إلى أن الحكومة تنوي إرساء سياسة صارمة بشأن الهجرة.
وقال رئيس الوزراء "سنقوم بأشياء عملية، مثل جميع جيراننا، للسيطرة والحد من الهجرة التي غالبا ما تصبح لا تطاق وتؤدي أيضا إلى عدم تقديم الترحيب المناسب لمن نستقبلهم في وطننا". يفنّد فريق مهاجرنيوز تصريحات رئيس الحكومة حول الهجرة التي أصبحت "لا تطاق"، وسياسة الاستقبال.
الهجرة النظامية لا تشهد زيادة كبيرة
وفيما يتعلق بالهجرة النظامية، لا تختلف فرنسا عن معظم الدول الأوروبية، حيث تبلغ نسبة الأجانب المولودين خارج الأراضي الفرنسية والمقيمين فيها 12.8% من مجمل السكان، وفقا للمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية. وللمقارنة، من بين 447.3 مليون نسمة كانوا يعيشون في دول الاتحاد الأوروبي الـ27 في عام 2021، ولد 55.4 مليونا في دولة أجنبية، أي 12.4% من إجمالي سكان أوروبا. وبالتالي فإن نسبة الأجانب المقيمين في البلاد تتم مراقبتها إلى حد ما.
أما بخصوص طالبي اللجوء، ففي عام 2023، منح المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين و"بلا وطن"، الحماية الدولية لـ31.400 شخص، مقارنة بـ27.100 في العام السابق، و24 ألفاً في عام 2021. لكن هذه الهيئة المستقلة لا تعتمد على الحكومة، وبالتالي لا تخضع من الناحية النظرية للحصص المحددة مسبقا. وأكد جوليان باوتشر، المدير الحالي لـ"أوفبرا" عندما تولى منصبه في عام 2019، أن قرارات المكتب يتم اتخاذها "بشكل مستقل عن أي اعتبار دبلوماسي وأي سياسة للهجرة".
أعداد المهاجرين غير النظاميين تحت السيطرة
إذا كان رئيس الوزراء لا يستهدف الأجانب الشرعيين، فهو بلا شك يستهدف المهاجرين الذين دخلوا الأراضي الفرنسية بشكل غير قانوني. ومن الصعب تحديد عدد هذه الفئة من المهاجرين، لأنها تشمل الأشخاص الذين يتجنبون التسجيل لدى السلطات الفرنسية. وطرح بيير موسكوفيتشي، رئيس ديوان المحاسبة الذي تمت مقابلته في نيسان/أبريل 2024 أمام لجنة القانون، رقم "439 ألف شخص يعيشون في وضع غير قانوني في فرنسا".
واعترف موسكوفيتشي بأن "الرقم غير مؤكد ويعتمد على المستفيدين من المساعدات الطبية الحكومية (AME)، مع العلم أن الكثيرين لا يتقدمون للحصول على AME". ولذلك فهو تقدير "موثوق ولكنه بالتأكيد أقل قليلاً من الواقع". وإذا اعتمدنا على هذا الرقم الرسمي الذي يبلغ 439 ألف شخص، فإن المهاجرين غير الشرعيين يمثلون أقل من 1% من سكان فرنسا.
إذن، هل ارتفع عدد المهاجرين غير الشرعيين في الآونة الأخيرة؟ وهل يواجه طريق "مونتجنيفر" على سبيل المثال، والذي أصبح أحد نقاط العبور الرئيسية
للمهاجرين بين إيطاليا وفرنسا، تدفقا غير مسبوق للمهاجرين؟ الإجابة هي لا، تجيب محافظة "هوت ألب"، "منذ 1 كانون الثاني/يناير (حتى 20 أيلول/سبتمبر 2024)، تم اعتراض 2,689 شخصا في وضع غير نظامي على الحدود مقارنة بـ3,249 خلال نفس الفترة في العام الماضي، بما في ذلك 907 أفراد أعلنوا أنهم قاصرون غير مصحوبين بذويهم مقارنة بـ496 في العام الماضي"، أي أن الأرقام انخفضت.
يمكن تفسير هذا الانخفاض، من بين أمور أخرى، بانخفاض تدفقات الهجرة إلى إيطاليا، فقد وصل 45 ألف مهاجر إلى لامبيدوزا منذ بداية العام مقارنة بـ132 ألفاً في نفس الفترة من عام 2023. وتتذكر المحافظة أن "الأشخاص الذين هم في وضع غير نظامي يأتون بشكل رئيسي من إيطاليا، وبالتالي فإن التدفقات إلى فرنسا مرتبطة بالتدفقات إلى إيطاليا".
تزايد عمليات الطرد
وعلى الرغم من إصرار وزير الداخلية الجديد برونو ريتيللو على ضرورة "استعادة النظام"، يجب التنويه إلى أن فرنسا لا "تتهاون" عندما يتعلق الأمر بعمليات الطرد.
وقد تزايدت عمليات طرد الأجانب غير النظاميين خلال السنوات الثلاث الماضية. ووفقا لأرقام وزارة الداخلية، تم ترحيل 22.700 شخص من البلاد، طوعا أو قسرا، في عام 2023. وهذا أكثر من الأرقام المسجلة في عام 2022 (19.400 عملية ترحيل) وما كان عليه في عام 2021 (16.800 عملية ترحيل).
هل يمكن اعتبار نظام استقبال الأشخاص غير النظاميين "فاشل"؟
في فرنسا، لا يحق للمهاجرين غير الشرعيين العمل أو الاستفادة من المساعدات الحكومية، باستثناء المساعدات الطبية الحكومية. ومع ذلك، فإن معظم المهاجرين الموجودين في فرنسا، وخاصة في منطقة باريس أو في الشمال، لا يحملون وثائق سارية: إما لأنهم لا يطلبون اللجوء (يريدون الذهاب إلى إنكلترا)، أو لأنهم "دوبلينيه" (ملفات لجوئهم مسجلة في دولة أوروبية أخرى)، أو بسبب رفض طلب اللجوء الخاص بهم. وجميعهم معرضون لاستلام قرارات "OQTF" (الالتزام بمغادرة الأراضي الفرنسية) وبالتالي يتم طردهم.
في الوقت الحالي، تعتمد هذه الفئة من الأشخاص الذين يبقون سرا في فرنسا دون دعم محدد ودون مسكن، على المساعدات الإنسانية (المنظمات غير الحكومية والجمعيات) من أجل البقاء في الشارع.
هل يجب تحسين نظام استقبال طالبي اللجوء واللاجئين؟
"ستكون هناك تمزقات، والمزيد من الحزم والإنسانية في نفس الوقت"، وفقاً لما أعلن عنه رئيس الوزراء. هل يمكن ربط "الإنسانية" بتوفير رعاية أفضل لطالبي اللجوء؟ وهم أشخاص يمكنهم بموجب اتفاقية جنيف، البقاء بشكل قانوني على الأراضي الفرنسية أثناء انتظار معالجة قضيتهم. هؤلاء الأشخاص "الذين نرحب بهم في وطننا" يبقون عالقين في أزمة إدارية، فهم ليسوا لاجئين قانونيين ولا يعيشون في وضع غير نظامي.
في فرنسا، تعتمد إقامة هذه الفئة على المكتب الفرنسي للهجرة والاندماج التابع لوزارة الداخلية "OFII". ويتم إيواؤهم في "CADA" (مراكز استقبال طالبي اللجوء) لكن هذه الأماكن تعاني من التشبع، وفقا للتقارير الصادرة عن وزارة الداخلية (في فترة 2021-2023) . وجاء في التقرير أنه يجب "تفعيل العديد من الروافع بشكل مشترك: تقليل أوقات معالجة الطلبات، وإنشاء أماكن إقامة جديدة".
وقال ديدييه ليسكي، المدير العام لـ"OFII" الذي تواصل معه فريق مهاجرنيوز، إن 115 ألف مكان متاح الآن في فرنسا "بنسبة إشغال تصل إلى 97%".
وفي تموز/يوليو، أدانت جمعية "لا سيماد" مرة أخرى هذا النقص في الأماكن، "لا يزال (عدد الاماكن المتاحة) أقل من احتياجات الإقامة لأن عدد طالبي اللجوء المعلقين [...] يبلغ 146,000 في كانون الأول/ديسمبر 2023".
ويكافح اللاجئون القانونيون أيضا من أجل الاندماج في المجتمع، بمجرد حصولهم على تصريح إقامتهم. وعند مغادرة "CADA" أو نظام الاستقبال الوطني (DNA)، لا يكون لدى الكثير منهم المعرفة الكافية ولا إتقان اللغة للوصول إلى المساكن الاجتماعية، ويجدون أنفسهم ضائعين في الإجراءات الإدارية الفرنسية المعقدة ويعيشون في مخيمات على هامش المجتمع.
شارلوت بواتيو