ماذا يعني فشل ائتلاف جامايكا لليمين الشعبوي؟
٢١ نوفمبر ٢٠١٧نجاح تشكيل ائتلاف جامايكا كان من الممكن أن يقدم فرصة على طبق من ذهب لحزب البديل من أجل ألمانيا، فهو بمثابة التقاء لمجموعة ظروف مثالية تصب في مصلحة اليمين الشعبوي في البلاد. فدخول حزب ميركل المسيحي الديمقراطي في ائتلاف يشارك فيه الخضر، كان سيعني ضرورة تحرك الحزب تجاه اليسار، الأمر الذي كان سيضمن هجرة جديدة للناخبين تجاه اليمين، وهذا بالضبط ما رصده الكثيرون في صفوف "البديل من أجل ألمانيا" وأيضا خبراء في العلوم السياسية ومراقبون في برلين.
والآن كيف سيبدو الوضع؟ فبعد انفجار القنبلة السياسية بقليل، أعلن رئيسا الكتلة البرلمانية للبديل من أجل ألمانيا، أليس فايدل وألكساندر غاولاند، عن مؤتمر صحفي، بدأ متأخرا عن الموعد المعلن. وشاهد الصحفيون المنتظرون للمؤتمر، قيادات الكتلة البرلمانية وهم في خضم مناقشات جادة. ما هي الرسالة التي يجب نقلها للصحافة؟
انتصار لليمين الشعبوي؟
"ميركل فشلت" وهو أمر جيد "حان الوقت لأن ترحل"، كانت هذه هي أول جملة لغاولاند حاول من خلالها استعادة "التعويذة" التي أدت لصعود حزبه خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وبررغاولاند تصريحه بأن ائتلاف جاميكا كان سيعني الجمود في السياسة الألمانية، مشيرا إلى أن الوضع الراهن يتيح الفرصة لإعادة التفكير "بشكل جديد ومتعقل" في قضايا مثل لم الشمل وسياسة اللجوء بشكل عام وقضايا الطاقة.
فايدل أيضا ترى أن ميركل فشلت، واليمين الشعبوي يستفيد من تأثير هذا الفشل الذي يعني عرقلة التعاون بين الاتحاد المسيحي والخضر في ائتلاف موسع. وأشارت فايدل إلى تطلع حزبها للعمل المتعقل في صفوف المعارضة أو ربما لانتخابات جديدة حال تطور الأمر على هذا النحو.
"فشل الآخر"
أظهرت استطلاعات الرأي خلال الأسابيع الأخيرة، حالة من الاستقرار النسبي في معدلات التأييد للبديل من أجل ألمانيا، مع رصد احتمالية للصعود في نسب التأييد، ما يعني أن عقد انتخابات جديدة سيكون ميزة لليمين الشعبوي، بالنظر للحالة الراهنة. تحدثت فايدل أيضا عن "تضليل الناخبين على حساب دافعي الضرائب"، مشيرة إلى أن استحالة اتفاق أحزاب بينها هذا القدر الهائل من الاختلاف، كانت مسألة واضحة من البداية.
فشل ائتلاف جاميكا بعد أسابيع من المفاوضات سينظر إليه أيضا داخل الحزب كفشل لما يطلق عليه "الأحزاب القديمة" وسيدفع الحزب اليميني لمحاولة الاستفادة من ذلك.
منافس جديد؟
بالرغم من هذا جاءت تصريحات وتعبيرات قادة "البديل من أجل ألمانيا"، بعيدة عن الشعور بالانتصار وهو أمر مفهوم فهم لا يعرفوا كيف ستطور خريطة الأحزاب الألمانية الآن. فربما يحاول الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري (الشقيق الأصغر لحزب ميركل المسيحي الديمقراطي)، تشكيل جهة محافظة جديدة، الأمر الذي سيشكل منافسا كبيرا للبديل من أجل ألمانيا.
لكن إجراء انتخابات جديدة ليس هو الحل الوحيد المتاح الآن، فهناك إمكانية أخرى تتمثل في حكومة أقلية تتكون من التحالف المسيحي مع الحزب الليبرالي، لكن بدون ميركل، وهو ما ألمحت إليه فايدل قبل عدة أسابيع. وهنا تختلف الآراء بوضوح داخل صفوف الحزب لاسيما مع وجود تيار لا يرغب في التخلي عن الدور الجوهري للحزب المعارض.
ورأت فايدل أن الوقت مازال مبكرا للحديث عن الائتلاف مع أحزاب أخرى مشيرة إلى أن هورست زيهوفر رئيس الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، قد أعرب خلال مفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومي، عن استعداده التخلي عن وعود مثل وضع حد أقصى لاستقبال اللاجئين، وهي مسألة يجب أن يدرسها الناخبون في مقر الحزب بولاية بافاريا، بشكل جيد.
غموض حول القيادات
بعد نحو أسبوعين ينتخب البديل من أجل ألمانيا رئاسته الجديدة وهي قضية لا تخلو أيضا من العديد من الأسئلة التي مازالت تبحث عن إجابة، فبعد استقالة فراوكه بيتري، مازال الغموض يكتنف الشخصية التي ستتولى قيادة الحزب. وتشير بعض الأقوال إلى إمكانية أن يتولى يورغ مويتن قيادة الحزب، ربما أيضا مناصفة مع لايف إريك هولم. لكن هذا لا ينفي وجود شخصيات أخرى مرشحة.
في الوقت نفسه ينظر المراقبون باهتمام كبير لمصير بيورن هوكه زعيم حزب البديل من أجل ألمانيا بولاية تورينغن والذي وجه انتقادات لنصب تذكاري للهولوكوست (المحرقة النازية) في برلين، ما تسبب في اتخاذ إجراءات تأديبيه ضده. والآن يتطلع المراقبون لمستقبل هوكه وما إذا كان سينتقل للصفوف الأولى للحزب، إذ أن اختيار قيادات الحزب سيؤثر أيضا على عمل الكتلة البرلمانية للحزب. وبعيدا عن التكهنات والتحليلات، فإن هناك مسألة واحدة تنطبق على التطورات المقبلة في صفوف اليمين الشعبوي وكذلك على مسار السياسة الألمانية كلها، وهو أنه لا يمكن لأي طرف التكهن بشكل قاطع بما ستحمله الأيام المقبلة.
كاي ألكسندر شولتس/ ا.ف