فضيحة حزب الحرية والشعبوية اليمينية في الانتخابات الأوروبية
٢٣ مايو ٢٠١٩اعتُبر الائتلاف بين حزب الشعب المحافظ وحزب الحرية الشعبوي الذي انهار في النمسا فقط بعد سنة ونصف كطريق ممكن لكثير من اليمينيين في أوروبا للوصول إلى السلطة. وتحدث رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان عن "نموذج لأوروبا". وقد التقى وزير الداخلية الإيطالي اليميني المتطرف ماتيو سالفيني مع زعيم حزب الحرية هاينس كريستيان شتراخه، وروج بعدها لصور معه. وفي البلدان التي لا يحقق فيها الشعبويون اليمينيون غالبية في الأصوات مثل بولندا أو المجر ينبغي على تحالف مع المحافظين ان يتولى السلطة. وهذا هو المخطط بالنسبة إلى إيطاليا حيث أن الأوضاع على خلاف ذلك، فهناك يشكل حزب "الرابطة" لوزير الداخلية ماتيو سالفيني أقوى الأحزاب. ويتطلع حزب "فورسا" لرئيس الوزراء السابق سيلفيو برلوسكوني والفاشيون الجدد "إخوة إيطاليا" لتشكيل الحكومة المقبلة مع سالفيني. والوضع مختلف في ألمانيا حيث رفض المسيحيون الديمقراطيون أي تعاون مع "حزب البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي اليميني الصغير. وفي إسبانيا تجرأ حزب الشعب المحافظ لعقد تحالف إقليمي مع حزب "فوكس" الشعبوي اليميني. وعلى اثر ذلك تمت معاقبته في الانتخابات الوطنية نهاية أبريل/ نيسان الفائت. وبذلك لم يرغب الناخبون بأن يرتمي الحزب المحافظ في أحضان اليمينيين.
تحالفات يمينية فقط في قليل من الدول
في فنلندا استمر "النموذج اليميني"، التحالف الليبرالي المحافظ مع حزب "الفنلنديين" الشعبوي اليميني أربع سنوات. وقد انتهى ذلك بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة في أبريل/ نيسان الماضي حيث فاز الاشتراكيون الديمقراطيون بأغلبية ضئيلة. وفي السويد تدعم عدة أحزاب حكومة أقلية برئاسة الاشتراكيين الديمقراطيين لتفادي وصول الشعبوي اليميني إلى موقع المسؤولية الحكومية. وفي بلجيكا يتوقع الخبراء أن ينجح القوميون الفلاميون في تحقيق نتائج جيدة في الانتخابات البرلمانية المرتقبة لتشكيل ائتلاف حكومي. أما في فرنسا فتسود منافسة محتدمة في الحملة الانتخابية الأوروبية بين الحزب الليبرالي للرئيس إيمانويل ماكرون والشعبوية اليمينية ماري لوبين. الجدير ذكره أن جميع الأحزاب استبعدت الدخول في تحالف مع حزب لوبان.
الشعبويون سيتقدمون في الانتخابات الأوروبية
نظرة إلى الدول الأعضاء الـ 28 في الاتحاد الأوروبي تكشف أن الظروف من بلد لآخر مختلفة جدا، لكن التوجه في الانتخابات الأوروبية واضح. فالشعبويون اليمينيون سيحرزون تقدما وسيحصلون على مقاعد أكثر داخل البرلمان الأوروبي. وتفيد التوقعات أنهم قد يحصلوا على 20 في المائة من المقاعد تتوزع على ثلاث كتل.
لا وجود لسياسة موحدة
وعلى الصعيد الأوروبي سيكون من المستحيل تقريبا عقد تحالف على غرار ما هو عليه الحال في النمسا بين المسيحيين الديمقراطيين والشعبويين اليمينيين. فالكتل الكبيرة إلى حد الآن، المسيحيون الديمقراطيون والاشتراكيون الديمقراطيون استبعدوا تعاونا مع اليمينيين. ولا يتوقع خبير الاتحاد الأوروبي، يانيس إيمانوليديس أن يتحالف في البرلمان الأوروبي الجديد جميع المشككين في الاتحاد الأوروبي وجميع القوميين والشعوبيين اليمينيين في تكتل كبير. "اليمينيون لهم قبل الانتخابات اهتمام كبير بأن يظهروا متحدين. وعلى هذا النحو يمكن لهم القول سنغير أوروبا من الداخل. وهذا دليل قوي حتى على الصعيد الوطني. لكن خلف الكواليس نرى أنه توجد اختلافات بين هذه القوى المنتقدة للاتحاد الأوروبي". وهذا يجعل تحالفات مستقرة على المستوى الأوروبي صعبة. وأوضح إيمانوليديس لدويتشه فيله أن الشعبويين اليمينيين سيتقوون، لكن لن يحصلوا على غالبية. "لن يتمكنوا من تشكيل تحالف مستمر والعمل من أجل تغيير أوروبا".
المفعول مقتصر على النمسا"
الآراء حول ما إذا كانت فضيحة حزب الحرية ستقلص مجموع الأصوات لصالح الشعبويين اليمينيين مختلفة. الخصوم السياسيون يتمنون ذلك. واعتبر البرلماني الأوروبي من الحزب الاشتراكي، ينس غايير أن على الناخبين الآن التفكير مليا قبل منح أصواتهم " لأشخاص يبيعون بلدهم ويريدون تفريغ الديمقراطية، فهذا لن يكون تصويتا احتجاجيا، بل اللعب مع النار". ويعتقد مراقبون آخرون أن فضيحة حزب الحرية سيكون لها مفعول في النمسا، إلا أن حجمها يبقى غير معروف، ولن يكون لتلك الفضيحة تأثير على الانتخابات الأوروبية برمتها، فالحملات الانتخابية يجب النظر إليها من الزاوية الوطنية وليس الأوروبية.
وفي النمسا يحاول حزب الحرية المتورط في تلك الفضيحة قلب الموازين والظهور كضحية لمؤامرة من وسائل إعلام يسارية. وعلى ضوء ذلك غيَر الحزب فورا استراتيجيته في الحملة الانتخابية. وسيحصل خصومهم على دعم لمواقفهم القائلة بأن الشعبويين يتعاونون مع روسيا ومن هناك يحصلون على التمويل.
بيرند ريغرت/ م.أ.م