فون دير لاين لولاية ثانية بالمفوضية الأوروبية: ما فرص فوزها؟
١٩ فبراير ٢٠٢٤ترأس السياسية الألمانية المسيحية أورزولا فون دير لاين، كأول امرأة، مفوضية الاتحاد الأوروبي. وتعتزم السيدة البالغة من العمر 65 عاماً الترشح مرة ثانية لنفس المنصب في الانتخابات التي ستجري في بداية حزيران/ يونيو من العام الجاري. وعلى قمة جدول أعمالها ملفات ضخمة مثل إعادة هيكلة الاقتصاد الأوروبي بشكل محايد مناخياً أو انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.
"أعتقد أن أداء أورزولا فون دير لاين (في رئاستها للمفوضية) كان جيداً. أعرف صعوبات وتعقيدات المنصب. لا يستطيع النهوض بأعبائه إلا قلة، ومن بينهم أورزولا"، هكذا صرح سلفها، جان كلود يونكر، في خريف عام 2023 لإذاعة "دويتشلاندفونك".
وأعلنت أورزولا (تكتب أيضا: أورسولا) فون دير لاين الاثنين (12 شباط/فبراير 2024) بشكل رسمي في اجتماع لحزبها "حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي" في برلين عن استعدادها للترشح من جديد. ومن المنتظر أن ترشحها كتلة "حزب الشعب الأوروبي الديمقراطي المسيحي" في غضون أيام قليلة.
ولا يجري انتخاب رئيس/ة المفوضية بشكل مباشر من المقترعين، ولكن رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرون هم من يقدمون اقتراحات بمرشحيهم. "فرص فون دير لاين ليست سيئة، لكنها بالتأكيد لن تكون سهلة"، يقول جانيس إيمانويليديس الذي يراقب منذ سنوات عمل زعماء الاتحاد الأوروبي لصالح "مركز السياسة الأوروبية" (EPC)، وهو مركز أبحاث مقره بروكسل.
ويوضح الخبير أن منصب رئيس/ة مفوضية الاتحاد الأوروبي ليس سوى جزء من حزمة شاملة يجب اتخاذ قرار بشأنها في الصيف؛ إذ يتعين التفاوض على رئاسة المجلس الأوروبي ومنصب ممثل الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي ورئاسة البرلمان الأوروبي. وكل تلك المناصب والمواقع تتطلب الإجماع بين الدول الأعضاء. وقد يعرقل ذلك رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، وهو خصم سياسي لدود لأورزولا فون دير لاين. ويقول المحلل السياسي: "سيطالب بالتأكيد بثمن". ويضيف: "وبعد ذلك يحتاج الأمر إلى موافقة البرلمان الأوروبي".
آلية الترشيح والانتخاب
ويتعين على البرلمان الأوروبي الذي سَيُنتخب في حزيران/يونيو أن يناقش ويقرر بناءً على اقتراح من رؤساء الدول والحكومات.
وفي عام 2019، حصلت فون دير لاين على أغلبية ضئيلة من تسعة أصوات فقط. ومن المرجح أن يكون تحقيق الأغلبية أكثر صعوبة هذه المرة لأنه، وفقاً للاستطلاعات، سيدخل البرلمان، الذي يبلغ عدد مقاعده 720، المزيد من الشعبويين اليمينيين وأعضاء آخرون يصعب التنبؤ بسلوكهم السياسي.
وقال النائب الإيطالي الاشتراكي الديمقراطي براندو بينيفي لـ DW إن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى التغيير: "لا أعتقد أن إعادة انتخاب أورزولا فون دير لاين فكرة جيدة. إنها تحاول التقرب مع القوميين (الشعوبيين كرئيسة الوزراء الإيطالية) جورجيا ميلوني. ساهمت أورزولا فون دير لاين بالدفع بإصلاح الهجرة إلى الأمام، بما تتعارض مع مصالح الاتحاد الأوروبي".
بين القول والفعل
يشيد العديد من المراقبين في بروكسل بقدرة فون دير لاين على إثبات نفسها كمديرة أزمات. وتجلى ذلك في جائحة كورونا وفي الرد على العدوان الروسي على أوكرانيا. ويقول سلفها جان كلود يونكر: "لم يكن من السهل على السيدة فون دير لاين رص الصفوف ولكنها نجحت في مهمتها ولهذا تستحق الثناء والتقدير".
أما عضو البرلمان الأوروبي مارتن شيرديفان من حزب اليسار، فهو من المنتقدين لأداء فون دير لاين ويتساؤل في مقابلة مع DW: "ما الذي حققته بالفعل؟ إنها بارعة في الإعلان والعناوين البراقة"، ويقول: "لكن عندما يتعلق الأمر بحماية الديمقراطية، ومكافحة الفقر وتعزيز الصناعة في أوروبا، فلم تفعل أي شيء". كما يرى خبير الاتحاد الأوروبي جانيس إيمانويليديس أن فون دير لاين "في الغالب تقول أكثر مما تفعل.، لكن هذه هي طريقة العمل إلى حد ما للوصول إلى تسويات على المستوى الأوروبي، باستخدام التواصل والضغط ".
ترامب قد يصعب مهمة فون دير لاين
في عام 2019، تولت وزيرة الدفاع الألمانية السابقة أورسولا فون دير لاين منصبها بهدف قيادة "مفوضية الاتحاد الأوروبي الجيوسياسية". في بداية رئاستها، ركزت على تحسين التعاون مع الدول الأفريقية، ولكن الحرب التي شنتها روسيا ضد أوكرانيا أدت إلى تراجع هذا الملف على سلم أولوياتها.
"بشكل عام، ليست مفوضية الاتحاد الأوروبي من ترسم السياسة الخارجية. في السياسة الخارجية والأمنية، تتمتع الدول الأعضاء بصلاحيات كبيرة، ولا تتولى المفوضية زمام الأمور بمفردها. واتخاذ القرارات لا يتم إلا بإجماع الدول الأعضاء"، يؤكد جانيس إيمانويليديس من "مركز السياسة الأوروبية".
والولاية الثانية لفون دير لاين، في حال فوزها، قد لا تكون سهلة؛ إذ قد يعود دونالد ترامب مرة أخرى إلى البيت الأبيض. ولا تربطهما علاقة جيدة وترامب لا ينسى. ومن الممكن أن تلوح في الأفق حرب تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا.
يقول خبير الاتحاد الأوروبي جانيس إيمانويليديس من مركز أبحاث "مركز السياسة الأوروبية" (EPC): "(عودة ترامب) سيكون تحدياً لنا جميعاً للاتحاد الأوروبي، ولكن أيضا لحلف شمال الأطلسي (الناتو)".
أعده للعربية: خالد سلامة