في ألمانيا: فرص عمل واعدة لمصممي ألعاب الكومبيوتر
٣ نوفمبر ٢٠١٢أصوات ضجيج تنبعث من قاعات المحاضرات في كلية تصميم ألعاب الكومبيوتر في دسلدورف، فرغم انتهاء الدورات والحلقات الدراسية، إلا أن الطلاب مازالوا يجلسون أمام أجهزة الكومبيوتر والمزودة ببضع شاشات، ويحاولون كفريق واحد تطوير لعبة مغامرات بأبعاد ثلاثية في كلية تصميم ألعاب الكومبيوتر في دسلدورف. إذ تستقبل هذه الكلية سنويا 26 طالبا لدراسة صناعة ألعاب الكومبيوتر.
وتقسم الدراسة في هذا الفرع إلى قسم نظري و آخر عملي ينفذ الطلبة خلالهما مشاريع تتيح لهم اختيار مجال عملهم في المستقبل حسبما تؤكد ليندا لاوبيرشت أول أستاذة جامعية كأنثى تدرس في هذا المجال في ألمانيا. وصولها إلى هذا المنصب لم يكن بمحض الصدفة. فليندا تهتم بألعاب الكومبيوتر منذ أن كانت في الثالثة عشر من عمرها، ما دفعها للالتحاق بمدرسة السينما، وهناك درست ليندا تصميم الرسوم المتحركة عبر الكومبيوتر، لتصبح بعدها محاضرة في كلية المعلوماتية. ومن ثم حصلت على شهادة دكتوراه في مجال الإنتاج الدرامي لألعاب الكومبيوتر وفي حوارها مع DW تؤكد ليندا أن دراسة الفنون مهم للتخصص في مجال تصميم ألعاب الكومبيوتر وتضيف قائلة "قبل بضع سنوات كانت مدرسة الفنون غير محبذة لدى الكثيرين إلا أن ذلك تغير كثيرا، فتصميم ألعاب الكومبيوتر يحتاج إلى الكثير من الفن".
فرع للإناث والذكور على حد سواء
ويحتاج إنتاج ألعاب الكومبيوتر إلى مجهود أكبر مما تحتاجه أفلام هوليوود. إذ تتطلب هذه الصناعة مئات من الأشخاص الذين يعملون من أجل تصميم لعبة واحدة ، وذلك في مجالات عدة كالبرمجة والتصميم والرسم والموسيقى وكتابة القصص وروايتها. وليس غريبا أن يكون إنتاج لعب الكومبيوتر الكبيرة أغلى من إنتاج فيلم سينمائي، إذ تحتاج هذه الصناعة إلى الكثير من المال. وتشهد صناعة ألعاب الكومبيوتر نموا مستمرا، إذ لا تقتصر في انتشارها على الحواسب المنزلية فحسب بل على المحمول وشبكة الانترنيت أيضا. ما يزيد الطلب على شباب متخصصين في هذا المجال.
سابقا كانت نسبة التحاق الذكور بهذه الكلية تفوق الإناث إلا أن ذلك قد تغير كثيرا، إذ تشهد هذه الكلية تزايدا في عدد الفتيات اللواتي يلتحقن بهذه الكلية. وتؤكد ليندا أن هذا التخصص لا يعتمد على التكنولوجيا بشكل أساسي بل على تصميم الألعاب وتضيف قائلة "إنه شيء ممتع". وترى ليندا أن الصورة النمطية المأخوذة عن الفتيات في بعدهم عن البرمجة قد تغيرت كثيرا وتشرح سبب ذلك بالقول "في البداية هناك الكثيرات اللواتي يرين أن تصميم الرسومات وحده لا يكفي للانتساب لهذا الفرع ، وبعد أن يبدأن بالبرمجة يكتشفن متعتها".
إبداع في مجالات عديدة
عبر كلية الفنون والتصميم الغرافي تمكن كثير من الطلاب الالتحاق بكلية تصميم ألعاب الكومبيوتر. إذ يقوم الطلاب بتصميم نماذج حقيقة من الشخصيات الخيالية قبل أن يتم تحويلها إلى العالم الرقمي. "بيا" هي إحدى الفتيات اللواتي انتسبن إلى هذه الكلية، وهي تتعلم كيفية عرض سلاح بشكل ثلاثي الأبعاد. ورغم اهتمامها بالإبداع إلا أن "بيا" درست علم إدارة الأعمال، وبعد الانتهاء من الدراسة كان واضحا بالنسبة لها بأنها لا تحب هذا الاختصاص، ما دفعها للانتساب إلى كلية تصميم ألعاب الكومبيوتر. وتعد البرمجة من أصعب المواد بالنسبة لبيا، ورغم ابتعادها عن بعض المواد العلمية كالرياضيات والتكنولوجيا إلا أنها كانت مصممة على الدراسة في هذا المجال وتشرح سبب ذلك بالقول "اهتمامي بالعمل في هذا المجال كان أكبر دافع للانتساب بالنسبة لي رغم أنني كنت خجولة قليلا في البداية".
أما لوكاس الذي كان يرغب بداية في دراسة الهندسة المعمارية ويهوي رواية القصص، انتسب هو الأخر إلى كلية تصميم ألعاب الكومبيوتر ويشرح ذلك بالقول "هناك مجالات عدة للإبداع، كأن يبدع المرء في كتابة قصص، وعلى المرء أن يهتم بالصوت والصورة و تطوير بعض الشخصيات، إضافة إلى اختراع عوالم وبناء مستويات"
آفاق عمل واسعة جدا
أما آفاق العمل في هذا المجال فهي كبيرة جدا، ويعود سبب ذلك إلى التطورات السريعة التي تشهدها الصناعة في هذا المجال، ما يفرض على خريجي هذا الفرع متابعة التطورات باستمرار حتى بعد إتمام دراستهم.
فخلال العامين الماضيين حدث تطور نوعي في ألعاب الكومبيوتر، وذلك من خلال إمكانية الحصول عليها على الهواتف المحمولة، وهو أمر لم يكن ممكناً قبل ذلك حسبما ما يؤكد مارتن لوربر أحد العاملين في تسويق الألعاب الالكترونية ويضيف بالقول" التطورات في هذه الصناعة مذهلة جدا تجعل من الصعب علينا أن نتنبأ كيف ستتطور هذه الصناعة خلال الأعوام الثلاثة القادمة".
يزور الكلية بعض المحاضرين في استوديوهات تطوير هذه الصناعة بشكل مستمر، وهو أمر مهم حسبما ترى ليندا التي تضيف قائلة "يتسنى لنا بذلك الحصول على ملاحظات من قبل الصناع والمطورين في هذا المجال، كما يبحثون إمكانية دعم التدريب في هذا المجال من خلال منح دراسية مثلا".
دعم خاص للطلبة بعد التخرج
وتقدم الكلية الدعم لخريجيها بعد إتمام دراستهم، في حال كان لديهم مشاريع واعدة يرغبون بانجازها. يولويان يراينرتز وزملائه هم أحد خريجي هذه الكلية، وهو يقومون بإتمام تطوير لعبة ثلاثية الأبعاد تحمل اسم "مينيون" كان قد بدأوا بها أثناء دراستهم. وتدور أحداث اللعبة حول شيطان لديه عقدة نقص، يقوم بتعذيب أحد الأبطال القدماء.
كما تمكنت مجموعة من خريجي هذا التخصص من الحصول على جائزة مسابقة ألعاب الكومبيوتر لعام 2010 ، ليقوموا بعدها بتطوير لعبة مشتركة حصلوا من خلالها على مكان عمل في إحدى شركات صناعة ألعاب الكومبيوتر على حد قول ليندا.