في مونديال روسيا.. الرحمة على اللعب الجميل!
١٣ يوليو ٢٠١٨اقترب مونديال روسيا من نهايته، وأسماء الفريقين المنافسين على الكأس الذهبية خالفت جلّ التوقعات، فحتى وإن كان الكثيرون راهنوا على "ديوك" فرنسا، إلا أن القليلين فقط توقعوا صعود كرواتيا التاريخي وتأهلها إلى نهائي موسكو.
وقبل إسدال الستار رسميا على هذا العرس الكروي مساء الأحد (15 يوليو/ تموز)، هناك العشرات من الأسئلة التي تطرح وستطرح في إطار محاولات تقييم كروية لمميزات ونقائص مونديال 2018. ويبدو أنه وقبل التاريخ المذكور يسود الآن أصلا اجماع بين المراقبين أن دورة روسيا افتقدت للعب الجميل وسيطر عليها اللعب الفعّال.
المقصود هنا افتقار الدورة للملكات السحرية في عالم المستديرة، لأننا لم نشهد هذا الصيف اللمسات الفردية الساحرة في منطقة الجزاء إلا في استثناءات قليلة، بل شهدنا اقصاء أسماء مثل ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو ونيمار دا سيلفا وتوني كروز في أدوار مبكرة عمّا كان متوقعا. في المقابل كانت هناك سيطرة لخطوط الدفاع أو ما كان يعرف في السابق بـ"الكرة الإيطالية".
"لاحظنا كيف أن الفرق، التي تسمى بالفرق الصغيرة، طورت دفاعها بشكل ملفت ونجحت في سد الفراغات أمام الفرق المنافسة"، يقول البروفيسور دانييل ميميرت، مدير مركز علوم التدريب والرياضة التابع للمعهد العالي لشؤون الرياضة في مدينة كولونيا الألمانية، ويضيف "باستثناء مباراة أو اثنتين، كان الشعار السائد رص الصفوف في الخلف والحفاظ على شباك خالٍ من الأهداف".
القليل من الأبداع
النتيجة عشرات المباريات التي راقت عشاق التكتيك الكروي لكن محبي الفرجة بقوا متعطشين للمزيد من العروض الفنية دون جدوى؛ بل حتى مباراتا نصف النهائي لم تخرجا عن هذا السياق "ففي غالب الأحيان، كان ينقص الإبداع لتحطيم الجدار الدفاعي. والسلاح تقل خطورته من فرط استخدامه"، يوضح الخبير الرياضي الألماني. ولعلّ النتيجة الطبيعية لذلك، أن أكثر من 40 بالمائة من الأهداف سجلت من ضربات جزاء أو ضربات حرة أو ركنية، أي أنها لم تطور نتيجة هجمات محكمة. وعلى سبيل المثال، منتخب "الأسود الثلاث" وحده، الذي انهزم في نصف النهائي أمام الكروات، أحرز تسعة أهداف من بين 12 من ضربات كهذه. كذلك "الديوك" أزاحوا "الشياطين الحمر" من ركنية، عبر هدف للمدافع أومتيتي. وللمقارنة فإن نسبة الأهداف المسجلة بهذه الطريقة لم تتجاوز قبل أربع سنوات في مونديال البرازيل 26 بالمائة.
وبهذا يكون دور الهجمات المرتدة السريعة قد بلغ نهايته، وهذا يسري أيضا على فن تيكا تاكا، ذلك الفن الذي أبدع فيه الإسبان واستورده الألمان والأرجنتينيون، باعتبار أنه قمة الاتقان في عالم المستديرة. لكننا اليوم شاهدنا خروج أكثر المنتخبات الثلاثة سيطرة على الكرة، أولهم الألمان من الدور الأول، تلاهم الإسبان والأرجنتينيين.
اللعب المتقلب
ويقول الخبير دانييل ميميرت أن القاسم المشترك بين جميع المنتخبات اليوم هو القدرات الدفاعية المحكمة، فما هي إذا إمكانيات النجاح؟. بالنسبة للبروفيسور الألماني، فإن التحدي القادم هو اتقان "أسلوب اللعب المتقلب". ويشرح فكرته كالتالي: "من يريد الفوز عليه أن يتدرب على أسلوب اللعب المتقلب، بحيث يتم الانتقال من طريقة لعب إلى أخرى مع إدخال أفكار جديدة كل مرة وفي المباراة الواحدة، وهذا سيخلق مشاكل كبيرة أمام المنافس لاستيعاب طريقة لعب الآخر. هذه هي أشكال الابداع القادمة".
غير أن أسلوب اللعب هذا سيجعل الفرق والمنتخبات أكثر حاجة إلى أجيال جديدة من لاعبين خارقين أمثال ميسي ورونالدو، أما الأخيرين فقد اقتربا من نهاية المشوار.
شتيفان نيسلار/ وفاق بنكيران