فيشر ما زال يحرك الخيوط خلف الكواليس في حزب الخضر
عندما أعلن وزير الخارجية الألماني والشخصية البارزة في حزب الخضر يوشكا فيشر مؤخرا أنه سيستقيل من جميع المناصب القيادية في حزبه وأن دوره سيقتصر في المستقبل على تمثيل الخضر في البرلمان كمندوب فقط، كان يعرف أن حزبه يقف أمام تحول كبير يتطلب أيضا إجراء تغييرات في صفوفه القيادية. صحيح أن فيشر انسحب بذلك من مواقع التأثير في الحزب البيئي، إلا أن المراقبين يجمعون على أن أحد مؤسسي الحزب والشخصية الكاريزماتية فيه يحرك الخيوط خلف الكواليس. وقبل أن يجلس فيشر ـ إذا فقد منصبه كوزير خارجية ـ في الصفوف الخلفية للبرلمان الألماني "بوندستاغ"، بدأ من بعيد بتوجيه حزبه ورص صفوفه تحضيرا للمرحلة المقبلة. ولم يخف فيشر في مقابلة مع الصحيفة اليسارية "تاغس تسايتونغ" (تاتس) أنه يؤيد حدوث تغييرات على الصفوف القيادية في حزب الخضر، مرجحا كفة الشباب في الحزب الفتي. وقال فيشر في المقابلة " ..... الآن تبدأ مرحلة جديدة. المرحلة التي حكم فيها جيلي مع الاشتراكيين الديمقراطيين البلاد انتهت دون رجعة. تاريخ المرحلة الجديدة يجب أن يكتبه جيل جديد. أنا أرجح كفة الذين لا تتعدى أعمارهم الأربعين."
من الأعلى إلى الأسفل
وبهذا يكون فيشر قد أصاب عصب الوقت وحدد التوجهات الجديدة في حزبه الذي حكم ألمانيا مع الاشتراكيين الديمقراطيين لمدة سبع سنوات متتالية. وهذه التوجهات ـ حسب المراقبين ـ لا تجري في الاتجاه الذي تعودنا عليه في السنوات السبع الماضية، أي من اليسار إلى اليمين، بل من الأعلى إلى الأسفل. إذ أن "المشاغبين البيئيين" تحولوا في غضون 25 سنة من ثوريين حالمين بمجتمع أفضل إلى شخصيات سياسية فاعلة وقادرة على اتخاذ قرارات في أعرق البرلمانات الأوروبية وأهمها. وهذا الكلام لا ينطبق على شخصيتهم القيادية فيشر، بل عليهم جميعا، من وزيرة الزراعة وحماية المستهلكين ريناته كوناست إلى وزير البيئة يورغن ترتين ومرورا بمهندس الحملات الانتخابية للحزب فريتس كون.
حزب الشباب
وإذا ألقينا نظرة سريعة على الصفوف القيادية للحزب، فإننا نستطيع القول إن مطالب فيشر يمكن تحقيقها دون عناء، فمن المعروف أن الحزب لا يعاني من نقص في القدرات الشابة مثل الأحزاب الأخرى. ووفقا لمصادر البرلمان "بوندستاغ" فإن 12 عضوا من بين 51 سيمثلون الحزب في البرلمان الألماني أعمارهم لا تتعدى الأربعين. ومن بين هؤلاء سياسيون لهم خبرة طويلة في البيزنيس السياسي على سبيل المثال الخبير في وزارة الزراعة وحماية المستهلكين ماتياس بيرنينغر (35 عاما) أو كاترين غورينغ ـ إيكارت (37 عاما) التي ترأست الكتلة النيابية للحزب لفترة طويلة أو خبيرة الشؤون الإعلامية في الحزب غريتي بيتين (30 عاما).
زاغر تقوم بأول خطوة
جاء إعلان رئيسة الكتلة النيابية للحزب اليوم أنها لن تترشح من جديد لمنصب تمثيل الخضر في البرلمان الألماني، جاء تمشيا مع مطالب فيشر. وبهذا يبقى الصراع على السلطة في الحزب البيئي محصورا بين أربع شخصيات هي وزير البيئة يورغن ترتين ووزيرة الزراعة وحماية المستهلكين ريناته كوناست والرئيسة السابقة للكتلة النيابية للحزب كاترين غورينغ ـ إيكرت ومهندس الحملات الانتخابية للخضر فريتس كون. وعزت زاغر انسحابها من قيادة الحزب بالقول إن الخضر يجب عليهم "ترتيب أمورهم من جديد" وبأن الكتلة النيابية كأصغر كتلة في البرلمان تفكر بعمق في اجتذاب تأييد الناخبين، الأمر الذي ربما يتطلب الكشف عن تشكيلة حزبية جديدة. وبطريقة غير مباشرة نصحت زاغر بتعيين وزيرة الزراعة وحماية المستهلكين الحالية ريناته كوناست رئيسة لكتلة الخضر النيابية في البرلمان. وقالت إن كوناست تعتبر بجانب فيشر من أكثر السياسيين الخضر المحببين إلى قلوب المواطنين.
ناصر جبارة ـ دويتشه فيله