فيلم وثائقي عن أشهر فناني الصين ... "المختفين"
٢٨ أبريل ٢٠١١كان من المقرر أن يأتي الفنان الصيني الشهير واي واي هذه الأيام إلى العاصمة الألمانية برلين لافتتاح معرضه الشامل من ناحية، ومن ناحية أخرى لإتمام إجراءات شراء بيت في برلين يحوله إلى "أتيلييه" خاص به. غير أن أشهر فناني الصين مختفٍ منذ الثالث من أبريل / نيسان من هذا العام، ولا أحد يعرف عن مكانه شيئاً. في ذلك اليوم ألقت السلطات الصينية القبض على الفنان الشهير أي واي واي في مطار بكين.
وقد لا يختلف مصير الفنان الشهير عن مصير عدد كبير من المعارضين في الصين، ومن بينهم الحائز على جائزة نوبل في السلام ليو تشياوبو. ربما يكمن الفارق في شهرة واي واي العالمية التي جعلت أنظار العالم كله تتوجه إلى الصين منذ الإعلان عن خبر "اختفائه"، وهو ما جعل صحيفة "ذا غلوبال تايمز" الصينية، وهي الصحيفة الرسمية للحزب الشيوعي الحاكم، تكتب إثر اعتقاله أن "واي واي يحب أن يفعل أشياءا لا يجرؤ الآخرون على فعلها، وأنه اقترب من الخط الأحمر للقانون الصيني". واتهمت الصحيفة أنصار الفنان الدوليين "بالمبالغة في قضية خاصة بالصين ومهاجمة الصين بتعليقات شرسة قبل أن يتعرفوا على الحقيقة".
"لن أشعر بالأسف"
الحملات الدولية المناصرة للفنان الصيني عديدة، كما لا يكاد يمر يوم دون أن تصل الحكومة الصينية مناشدات أومطالبات فردية وحكومية بالإفراج عن واي واي. هذا عدا ما تحفل به مواقع الإنترنت من أفلام ومقالات تطالب بإطلاق سراح أشهر فناني الصين.
وعلى شبكة الإنترنت بإمكان المرء أن يرى فيلما قصيراً مدته خمس دقائق عن واي واي. هذا الفيلم سيتم عرضه قريباً بالكامل في دور العرض السينمائية تحت عنوان Never sorry (لن أشعر بالأسف). مئات الساعات قامت المخرجة الأمريكية أليسون كلايمان بتصويرها مع الفنان آي واي واي خلال العامين الماضيين. هذه الساعات اكتسبت أهمية كبيرة بعد اعتقال واي واي، مثلما تقول المخرجة في حديث لدويتشه فيله: "أعتقد أن الفيلم الوثائقي سيكون معبراً للغاية. والفيلم يتيح للمشاهد أن يلقي نظرة على حياته خلال العامين أو الثلاثة الأخيرة – وصولاً إلى ما يحدث الآن. واي واي بالفعل شخصية غير عادية، ورؤية الفيلم تجعل المرء يعرف الكثير عن الصين."
بوعي قام واي واي خلال الأعوام الماضية بتجاوز الحدود الفاصلة بين الفن والنشاط السياسي؛ مثلاً في أعقاب الزلزال الذي ضرب الصين عام 2008 عندما انهارت العديد من المدارس بسبب نوعية البناء السيئة. آنذاك تحدث الفنان الصيني مع آباء التلاميذ الذين راحوا ضحية انهيار المباني، فكانت النتيجة فيلماً مؤثراً يهز الوجدان، ومعرضاً فنياً أُقيم في ميونيخ بألمانيا. في فيلمها قامت المخرجة الأمريكية كلايمان بمصاحبة واي واي إلى مكان الكارثة، ويسجل فيلمها المصادمات التي حدثت بين الفنان والشرطة آنذاك.
حياة ليست إلا احتجاج علني
لقد حرص واي واي على أن يجعل حياته علنية على الدوام، لذلك قام بتصوير رجال الشرطة الذين يراقبونه، كما صنع التماثيل من المرمر لكاميرات الرقابة الموضوعة أمام منزله في بكين، وسمح للمصورين أن يصوروه وهو على فراش المستشفى في ميونيخ بعد أن تعرض للضرب على يد الشرطة الصينية. كل هذه الوثائق كان الفنان الصيني يضعها بصورة مستمرة على شبكة الإنترنت، كما كان يكتب المدونات ورسائل التويتر.
وتؤكد المخرجة الأمريكية أن واي واي واحد من بين عديدين من الفنانين والكتاب والنشطاء السياسيين في الصين الذين يتعرضون إلى الضرب والتعذيب والاعتقال، والذين لا يعرف أحد عنهم شيئاً – ولكن، وكما يقول الفنان واي واي في الفيلم، إذا لم يتحرك أحد ويعترض على ما يحدث فإن الخطر سيصبح أكبر.
ماتياس فون هاين / سمير جريس
مراجعة: هبة الله إسماعيل