قتل اطفال اليمن ومسؤولية التحالف الذي تقوده السعودية؟
١٩ يونيو ٢٠٢٠مع بداية هذا الأسبوع واجهت عربة في محافظة صعدة شمال غرب اليمن نيران معادية من الجو. الهجوم قامت به قوات تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده العربية السعودية وأدى إلى مقتل 13 شخصا، بينهم 4 أطفال.
حصل الهجوم بعد ساعات قليلة فقط من قيام الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتريش بشطب التحالف الدولي من قائمة سوداء تعدها الأمم المتحدة سنويا. وهي تضم فاعلين سياسيين يمارسون العنف ضد أطفال.
ويوضع على هذه القائمة بلدان أو مجموعات تقتل أطفالا وتجرحهم أو تسيئ معاملتهم. فاعلون يخطفون أطفالا أو يجندوهم للخدمة العسكرية يتم رصدهم هناك مثل أولائك الذين يمنعون الأطفال من الحصول على مساعدات غذائية ويهاجمون مدارس أو مستشفيات. والتحالف العسكري الذي تقوده العربية السعودية في اليمن ظل طوال ثلاث سنوات موجودا على تلك القائمة.
التحالف "بعد تراجع ملموس مستمر لعمليات القتل والتشويهات" يتم شطبه من القائمة، كما علل غوتريش القرار. لكنه أضاف أن التحالف سيخضع للمراقبة طوال سنة. وكل "تقصير" في مواصلة تخفيض عدد ضحايا الأطفال سيؤدي إلى وضع التحالف في السنة المقبلة على هذه القائمة.
ويتكهن منتقدون بوجود ارتباط بأن العربية السعودية ـ رغم أنها طرف فاعل في شن الحرب ـ في بداية الشهر ولأول مرة يمكنها رسميا كشريك إلى جنب الأمم المتحدة تنظيم مؤتمر مانحين دولي لليمن.
الضحية الأساسية للحرب
"بعد خمس سنوات من الحرب تصيب المعاناة أطفال اليمن بالدرجة الأولى"، تقول يُسرى سماش، مديرة قسم السياسة والاتصال لمنظمة إغاثة الأطفال/ Save the children في اليمن. "لقد قُتلوا وجُرحوا في المعارك المستمرة وسُلبوا حقوقهم الأساسية. وإضافة إلى ذلك تعرضت بنية تحتية مدنية مثل المدارس والمستشفيات في اليمن للهجوم. وعلى إثرها تم تهديد الأطفال في أماكن وجب أن ينعموا فيها بالأمان".
وهذه الملاحظات تتلاءم مع خلاصات التقرير السنوي للأمم المتحدة الصادر في 9 يونيو/ حزيران حول الأطفال في مناطق النزاع والذي يدون أيضا الوضع في اليمن. وفي المجموع سجلت الأمم المتحدة هناك خلال السنة الماضية 4042 حالة من العنف الشديد ضد 2159 طفلا. وحسب الوثيقة تم تجنيد أكثر من 680 طفلا كمقاتلين بينهم أيضا 43 فتاة. وغالبية الحالات (482) تُسجل على حساب الحوثيين المدعومين من ايران "أنصار الله" الذين يقاتلهم التحالف العسكري بقيادة العربية السعودية. وحتى الجيش النظامي اليمني المتحالف مع السعوديين لم يتورع في تجنيد أطفال قاصرين حيث أخضع 136 طفلا لخدمته.
كما تم في 2019 اعتقال نحو 100 طفل قاصر. وحتى هنا سُجلت غالبية الاعتقالات، 68 حالة على حساب الحوثيين تلاهم الجيش اليمني الذي سجن 26 طفلا، بينما اعتقل التحالف السعودي 25 طفلا. وغالبية القاصرين تم إطلاق سراحهم لاحقا.
وأكثر من 140 طفلا يمنيا قُتلوا في 2019 أو تعرضوا للتشويه. وقد تم حتى الآن تُسجل غالبية الضحايا حسب تقرير الأمم المتحدة على حساب الحوثيين الذين قتلوا 395 طفلا وشوهوا 1052 آخرين. وفي المقام الثاني يأتي التحالف الدولي: وعلى حسابه يُسجل 222 طفلا مقتولا أو أطفالا مشوهين. والجيش اليميني في المقابل يتحمل مسؤولية وفاة أو تشويه 96 طفلا. وأطفال آخرون توفوا بسبب معارك على الأرض وألغام أو متفجرات أخرى ومن خلال هجمات جوية وقنابل.
ويبدو أن الأطفال يتعرضون عن قصد للهجوم، وعلى الأقل تتم التضحية بحياتهم دون جهد، وهذا ما يكشف عنه تقرير الأمم المتحدة الذي أشار إلى 35 هجوما على مدارس ومستشفيات. وهنا أيضا تُسجل غالبية الهجمات على حساب الحوثيين. والتحالف الدولي يتحمل في التقرير مسؤولية أربعة هجمات.
لكن معاناة الأطفال لا تنتهي بسبب العنف المباشر، كما تقول يُسرى سماش في مقابلة مع دويتشه فيله. "أكثر من 12 مليون طفل في اليمن يحتاجون إلى المساعدة الانسانية. والكثير منهم تم تهجيرهم ويعانون من سوء تغذية حاد. كما أنه ليس بوسعهم حاليا إتمام تكوين وولوج الخدمات الصحية الأساسية". ومن ثم تكون فرص المستقبل للأطفال مقيدة بقوة.
والتحالف الدولي الذي تقوده العربية السعودية رد على وثيقة الأمم المتحدة وعلى قرار غوتريش إلغاءه من القائمة السوداء. فهو يرحب بهذه الخطوة ويحث الأمم المنتحدة في آن واحد على البرهنة على عدد القاصرين المقتولين الـ 222 المذكورين في التقرير.
انتقاد قرار غوتريش
وحقيقة أن يشطب الأمين العام للأمم المتحدة غوتريش التحالف السعودي من القائمة السوداء يثير حاليا استهجان حقوقيين يؤكدون أن غوتريش يتجاهل أدلة الأمم المتحدة على التجاوزات الثقيلة المستمرة ضد الأطفال، كما تفيد منظمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الانسان. لكن مبعوثة الأمين العام لشؤون الأطفال والنزاعات المسلحة، فيرجينيا غامبا تدعي مقابل ذلك أن الأمم المتحدة وضعت المملكة "بدون ضغط" في القائمة. والقرار يستند فقط إلى بيانات.
"ليس إلا الموت والدمار"
منظمة إغاثة الأطفال/ Save the children تنشط حاليا في إحدى عشرة محافظة يمنية. ومجالات العمل الأساسية تشمل الصحة والتغذية وحماية الأطفال. وفي المجموع تم إلى حد الان تقديم الدعم لأربعة ملايين طفل، كما تفيد يُسرى سماش. لكن المنظمة غير قادرة على حماية الأطفال من تجارب كارثية وصادمة يواجهونها تقريبا يوميا بسبب الحرب والمرض والفقر. "طفل يكبر في اليمن"، كما تقول سماش "لا يعرف شيئا آخر سوى الموت والدمار".
كرستن كنيب/ م.أ.م
.