قراصنة انترنت من مختلف أنحاء العالم في خدمة الاحتجاجات في سوريا
٢٢ أغسطس ٢٠١١يطالب المجتمع الدولي بتشديد العقوبات على دمشق بفرض حظر على شراء الأسلحة في إطار تكثيف الضغوط بهدف حمل نظام الأسد على وقف القمع المسلط على المتظاهرين في سوريا، حيث لقي نحو ألفي شخص حتفهم منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في آذار / مارس الماضي. ومثلما كان الأمر في تونس ومصر فإن القيادة السورية لم ترد على الاحتجاجات فقط باستخدام العنف بل أيضا باتباع مراقبة مشددة على المواطنين وفرض رقابة صارمة على الانترنت. ولكن يبدو أن هذه الأنظمة الديكتاتورية لم تحسب حسابا لنشطاء انترنت دوليين بعلنون الحرب عليها.
مع بداية الربيع العربي قام عدد من القراصنة الالكترونيين من مناطق متفرقة من العالم بتوسيع نظم الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط لتزويد الناس خارج تلك المنطقة بالمعلومات حول الأحداث التي تشهدها. وعندما قام نظام حسني مبارك بقطع شبكة الانترنت قامت مجموعة من نشطاء الانترنت تطلق على نفسها اسم "تيليكومكس" بمساعدة المصريين على الدخول إلى الانترنت والحصول على آخر الأخبار عبر تسخير موديم انترنت خاص يعمل من خلال جهاز الهاتف. وتعتبر مجموعة "تلييكومس" نفسها بمثابة قاعدة أو منصة افتراضية يلتقي فيها قراصنة من مختلف الدول للعمل على تحقيق أهداف مشتركة والدعوة عبر تويتر إلى ضمان الحق في التواصل الآمن والحر والحق في حرية الصحافة والتعبير.
رقابة وقمع .. حتى داخل الشبكة العنكبوتية
ويعتبر نشر مقاطع فيديو تظهر الاحتجاجات الشعبية والحصول على المعلومات في سوريا أمرا صعبا للغاية، ذلك أن النظام يقمع كل محاولة لنقل الأخبار بشكل شرس. كما أن إجراء اتصال هاتفي والحديث عن مواضيع حساسة يعتبر أمرا خطيرا للغاية. "النظام السوري وجهاز مخابراته يستغل الأزمة لتوسيع المراقبة المفروضة على كلماتنا وأفكارنا"، هكذا يصف أحد المتظاهرين السوريين، الذي يفضل عدم الكشف عن هويته، الرقابة المسلطة على الشعب السوري. ويكتب في رسالة الكترونية مشفرة بأن خبراء إيرانيين يساعدون النظام على التجسس على النشطاء السوريين. ويقول في رسالته: "عندما يلقون القبض على أحد النشطاء، فإنهم يجبرونه تحت التعذيب على إعطائهم كلمات السر لحسابه الالكتروني أو لحسابه على موقع فيسبوك الاجتماعي. وهكذا يحصلون على معلومات عن نشطاء ومتظاهرين آخرين".
وفي سياق متصل، تقول مها أبو شامه، ناشطة سورية في منظمة العفو الدولية، إن السلطات تقوم بتقييم حتى التعليقات الشخصية للمستخدمين على الشبكات الاجتماعية، و"عندما ينتقد هؤلاء السلطات ثم يتم اعتقالهم فإن ما كتبوه من انتقادات يستخدم كدلائل ضدهم"، على ما تقول أبو شامه.
من جهتها، تزود مجموعة القراصنة الالكترونيين "تيلوكومكس" المحتجين السوريين بأفكار ونصائح تطبيقية تمكنهم من الولوج والتواصل عبر الانترنت بطريقة آمنة. ويوضح شتيفان أورباخ من "تليكومكس" القواعد الأساسية للإبحار في الانترنت والتحايل على الرقابة، بالقول أنه: "يتعين استخدام روابط مشفرة عبر هي.تي.تي.إس وعندما يريدون الدردشة فعليهم استخدام برامج دردشة بوظيفة أو.تي.آر (OTR) تساعدهم على تحويلهم دردشتهم إلى دردشة مشفرة (Off the Record-Funktion).". أما بالنسبة للرسائل الالكترونية فينصح باستخدام برامج خاصة للتشفير مثل بي.جي.بي (Pretty Good Privacy PGP) أو تور (Tor)، وذلك لمحو الآثار من الانترنت حتى لا تقتفي أجهزة النظام المخابراتية أثر المستخدم عبر الشبكة.
"نظام الأسد يستخدم الانترنت لأغراضه أيضا"
ولم تلجأ السلطات السورية بعد إلى حجب الانترنت كليا، حيث يختلف الأمر من مدينة إلى أخرى. وهنا يعتقد ناشطون حقوقيون أن القوات السورية تقوم بقطع شبكة الانترنت عن المكان حينما تشن فيه هجوما. وتفرض السلطات السورية تعتيما إعلاميا على الأحداث وتحظر دخول صحفيين أجانب إلى سوريا ما يجعل معرفة ما يجري في البلاد أمرا صعبا. أما بالنسبة لمجموعة "تيليكومكس" فإن ذلك يعني تحديا جديدا، فقد ساعدوا مثلا في نشر مقطع فيديو يظهر اعتداء قوات الشرطة على متظاهرين سلميين ويطلقون النار على شخص آخر على شبكة الانترنت ومسح آثار صاحبه حتى لا تصل إليه أيادي أجهزة الأمن السوري.
ويرى عبد العظيم الضفراوي، من المؤسسة الألمانية للعلوم والسياسية، أن مجموعات القرصنة الالكترونية على غرار "تيليكومكس" و"أنونموس" بإمكانها فعل الكثير في منطقة الشرق الأوسط، لافتا إلى أن "أنونموس" مثلا ساعدت التونسيين قبل سقوط بن علي في الاتصال بالعالم الخارجي، كما أنها قامت بقرصنة مواقع تابعة لنظام بن علي وموقع وزارة الدفاع السورية.
وعلى عكس نظام حسني مبارك قبل سقوطه والذي قطع شبكة الانترنت بالكامل عن المصرين عند خروجهم إلى الشوارع، فإن النظام السوري يتبع إستراتيجية مخالفة تكمن في حشد التأييد عبر المواقع الاجتماعية. "يحالون حشد السوريين في حركات تضامنية عبر موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي، ويروجون على موقع يوتوب لمقاطع فيديو لأشخاص يرتكبون أعمال عنف ويقولون إنها لمعارضين لنعتهم بعدها بالإرهابيين"، على ما يقول ضفراوي.
سينامون نيبارد / كلاوديا هينين / شمس العياري
مراجعة: عارف جابو