قضاء العطلة في العمل التطوعي
٦ أغسطس ٢٠١١من المعروف عن الألمان أنهم يسافرون كثيرا. ومن المعروف أيضا أنهم ينتظرون عطلهم السنوية بفارغ الصبر حتى يتمكنوا من التوجه إلى البلدان النائية، من أجل التعرف على ثقافات أخرى، أو حبا للمغامرة أو فقط من أجل الاسترخاء والابتعاد عن مشاق الحياة اليومية. هذا الأمر لا يقتصر فقط على الشباب الذين ليس لديهم ارتباطات عائلية أو اجتماعية تمنعهم عن السفر إلى البلدان البعيدة. لكن العامل المشترك يبقى في غالب الحالات الرغبة في أخذ استراحة من متاعب العمل التي تشغل بال المرء طيلة أيام السنة. ورغم ذلك يوجد أشخاص يفضلون العمل أثناء عطلهم السنوية، لكن خارج ألمانيا.
"أواصل رحلاتي وأترك الناس في فقرهم"
أحد هؤلاء الأشخاص هو تيلمان شتراود الذي يبلغ 35 عاما، ويعمل مهندسا في إحدى الشركات الخاصة. فهو سافر أثناء دراسته إلى مناطق متعددة في العالم، كما يقول. وفي كل مرة "كنت أتعرف على أشخاص كثيرين، كما تمكنت من التعرف على معاناة سكان المناطق الفقيرة. في الواقع، كنت دائما أواصل سفري وأترك هؤلاء الناس في فقرهم". وقادت احدى الزيارات تيلمان إلى تانزانيا، حيث يسود فقر مدقع في أرجاء عديدة من هذا البلد الإفريقي. لذا قرر العودة إلى هناك، حيث كان يرغب أن يقضي فترات أطول حتى يستفيد سكان هذه المناطق من الخبرات التي جمعها أثناء دراسته في تخصص الجيولوجيا التطبيقية، كما يقول. فإلى جانب عمله كمهندس يعمل تيلمان شتراوب بشكل تطوعي في جمعية "مهندسون بلا حدود" التي تقوم بمشاريع تنموية في المناطق التي تعاني من الفقر.
تيلمان شتراود ساهم في بناء حاويات مائية مغطاة، لتزويد مدرسة للبنات في تنزانيا بالماء الصالح للشرب. وقد عمل في هذا المشروع لمدة عامين، انطلاقا من مكتبه في ألمانيا، وبشكل تطوعي، قبل أن يقرر التضحية بكامل عطلته السنوية العام الماضي ليقضي ستة أسابيع في تنزانيا. وشكلت تلك الفترة تجربة غنية جعلته يشعر بالارتياح النفسي. "أنت تعيش وتعمل مع الناس في تانزانيا طيلة مدة إقامتك. تتعرف عليهم خلال هذه الفترة بشكل قوي"، كما يوضح المهندس الشاب. "لذا تتجاوز العلاقة الجانب العملي لتصبح إنسانية أكثر. كما أنك تتعرف على تجارب هؤلاء السكان ومعاناتهم. في كل مرة أتعلم أشياء وتجارب جديدة، تفيدني في حياتي اليومية."
عدد رافضي العطل في ارتفاع مستمر
ولا تبقى حالة تيلمان شتراود فريدة من نوعها. فهو ليس الوحيد الذي يفضل القيام بأعمال تطوعية خلال عطلته السنوية. فعدد هؤلاء الأشخاص الذين يلقبون في ألمانيا ب "رافضي العطل"، في ارتفاع مستمر، كما تشير الى ذلك تانيا كونتس التي تعمل في منظمة "TravelWork"، المختصة في تنظيم رحلات عمل للمتطوعين الراغبين في المشاركة في مشاريع تنموية. فحسب كونتس يوجد "من يرغب في القيام يأعمال تدخل في إطار مهنته، كما هي الحال بالنسبة لممرضة ترغب في الإطلاع على ظروف العمل في كينيا مثلا." وتضيف كونتس أنه يوجد كذلك "أشخاص يعملون في ألمانيا في مجال ما ويرغبون في القيام بأعمال مختلفة تماما. هنا أذكر مثلا محامية تقدمت بطلب للعمل في مجال رعاية الأيتام."
كما يوجد هناك أشخاص يسافرون مرتين في السنة من أجل القيام بأعمال تطوعية، كما تقول تانيا كونتس وتذكر مثل معلمة تسافر خلال أعياد الفصح إلى كينيا وخلال العطلة الصيفية إلى زنجبار، لتعليم الأطفال هناك. أما تيلمان شتراوب فقد خطط هو الآخر لرحلة عمل جديدة هذه السنة، رغم انشغاله بمشروع تنموي جديد، كما يقول: "يجب الاعتراف بأن التعب قد يصيب المرء بعد عودته من هذه الرحلات، رغم التجارب القيمة وكل ما يتعلمه خلالها. لذا سأحاول هذه السنة أن أرتاح قليلا حتى أتمكن من تخزين الطاقة وأتمكن من إطلاق مشاريع جديدة."
الكاتبة: راينا بروير / خالد الكوطيط
مراجعة: محمد المزياني