قضية عمر عبد العزيز.. السعودية تتعقب معارضا في الخارج؟
٢٤ يونيو ٢٠٢٠يدرك عمر عبد العزيز تماما أنه بصفته معارضا ومنشقا سعوديا فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لا يمكن أن يقبل به. ويعيش عبد العزيز، البالغ من العمر 29 عاما، منذ سنوات في المنفى، في كندا. والآن تلقى، كما يقول هو، مكالمة هاتفية من الشرطة الكندية أكدت له أنه يواجه تهديدا من السلطات السعودية.
"السلطات الكندية حصلت على معلومات تفيد أنني قد أكون هدفا محتملا" للسعودية، هذا ما قاله عبد العزيز لصحيفة "الغارديان" البريطانية وكذلك في فيديو نشره على موقع تويتر. "محمد بن سلمان ورجالاته يريدون إلحاق الأذى. هم يريدون القيام بشيء ما ضدي، لكنني لا أعرف تماما ما هو. هل يتعلق الأمر باعتداء أم باختطاف؟. لا أعرف، لكن هذا أمر غير مقبول"، يقول عبد العزيز.
لجم المعارضين السعوديين
وحصل عمر عبد العزيز قبل بضع سنوات على اللجوء السياسي في كندا. وهذا شيء جميل، كما يقول غيدو شتاينبيرغ، خبير الشؤون السعودية في المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن في برلين. "ولذلك هو مشهور، لأن جميع الأصوات المعارضة والليبرالية والإسلامية الليبرالية صمتت في السعودية. فهم إما يقبعون في السجون أو أنهم أجبروا بجميع الوسائل على وقف أنشطتهم". ويضيف شتاينبيرغ بأن "عبد العزيز يُعتبر صوتا معارضا ليبراليا دون أن يكون له طابع سياسي واضح".
بدوره كشف عبد العزيز أنها كانت المرة الأولى التي تتصل فيها الشرطة الكندية به. وذكرت "الغارديان" أن علاء محاجنة، أحد محامي عمر عبد العزيز أكد أن التحذير كان ملموسا وملحا.
أصدقاء جمال خاشقجي
إياد البغدادي، ناشط ديمقراطي ومدير مؤسسة الكواكبي في أوسلو، اعتبر منذ وقت طويل أن عبد العزيز سيتعرض بجدية للتهديد: "نحن نعلم أن محمد بن سلمان يستهدفه منذ مدة". وإياد البغدادي تلقى هو الآخر كمنتقد لسياسة ولي العهد محمد بن سلمان في النرويج في 2019 تحذيرا من التهديد من قبل السعودية. هو وعمر عبد العزيز لم يلتقيا شخصيا، لكن القاسم المشترك بين الشخصين هو انتقاد سياسة ولي العهد كما أنهما كانا صديقين للصحفي جمال خاشقجي الذي قتل في 2018 في قنصلية بلاده في إسطنبول.
عبد العزيز كان له في 2017 و 2018 تواصل منتظم بصاحب العمود في واشنطن بوست جمال خاشقجي. وهذا بالتحديد قد يتحول إلى شؤم بالنسبة إلى عبد العزيز. "عندما كان جمال خاشقجي موجودا في واشنطن، بحث عن ربط الاتصال مع عمر عبد العزيز. والاثنان خططا لأنشطة مشتركة"، يقول شتاينبيرغ. "يبدو أنها كانت الفترة التي بات فيها خاشقجي مستهدفا، ولكن أيضا لما لاحظت السعودية أن عبد العزيز يمثل ربما خطرا عليها. والسعودية كانت تخشى أن تتكون حول جمال خاشقجي وعمر عبد العزيز معارضة ليبرالية وقوية في الإعلام بالخارج.
عمر عبد العزيز خضع للتجسس
في 2018 علم عبد العزيز من قبل باحثين في قسم البحوث بجامعة تورونتو أن هاتفه تعرض للاختراق وتم التنصت عليه من طرف شبكة مقربة من السعودية. وبعد الاختراق المفترض تم إلقاء القبض على عدد من أعضاء العائلة. وفي تصريح عبر فيديو يقول عبد العزيز بهذا الشأن:" أن يلحقوا بي الضرر هذا مفهوم، لكن ما علاقة عائلتي بذلك؟ لماذا لم يعد يحق لوالدي وإخوتي السفر والاتصال بي؟" وفي أكتوبر 2018 تعرض جمال خاشقجي في النهاية للتصفية في أبشع صورة داخل القنصلية السعودية بإسطنبول.
خاشقجي وعبد العزيز ضد "الذباب الإلكتروني"
عمر عبد العزيز ينطلق من أنه وخاشقجي تعرضا لاستهداف القيادة السعودية بسبب أنشطتهما. وعلى الأقل ينكشف هذا من خلال مقال في واشنطن بوست في نوفمبر 2019 كتبه عمر عبد العزيز. وفي المقال ورد أن السعودية تريد تخويفه: "السعودية اخترقت بتقنية اسرائيلية هاتفي لقراءة أخباري مع جمال (خاشقجي) الذي أتعاون معه للتعرف على المغردين الموالين للنظام السعودي ونواجههم. كنا نسميهم الذباب الإلكتروني. تعاوننا لحشد جيش من المتطوعين لمجابهتهم". وأفاد أن الحكومة السعودية توظف كل وسيلة لدفعه إلى التخلي عن المشروع، كما كتب سابقا. ويبدو أنه على حق.
تويتر ـ شوكة في عين السعودية
المدون والناشط عبد العزيز له نصف مليون مؤيد على تويتر. وكتب في مقاله أن السعودية تعتبره على ما يبدو من المؤثرين الثلاثة السعوديين الأوائل: لكنه يعيش الآن في المهجر والثاني اعتُقل والثالث اختفى.
وصعود محمد بن سلمان إلى ولاية العهد في 2017، كما يقول عبد العزيز، غيّر تويتر في السعودية. فخلال فترة من الزمن تمكن السكان في حرية نسبية من استخدام تويتر للتعبير عن الرأي. فولي العهد السعودي اكتشف مبكرا أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في تكوين الرأي، كما يقول خبير شؤون السعودية غيدو شتاينبيرغ. ويعتقد أن المستشار القانوني والاعلامي السابق، سعود بن عبد الله القحطاني يُعد مسؤولا رئيسيا عن مقتل خاشقجي، إلا أنه لم يمثل بين المتهمين. والاتهامات ضده كمقرب وثيق من ولي العهد سقطت بسبب " الأدلة غير الكافية"، كما أعلنت النيابة العامة حينها.
ومحمد بن سلمان اعترف تحت الضغط بأن خاشقجي قتل داخل قنصلية السعودية في إسطنبول وقدم على إثرها أحد عشر رجلا للمحكمة. بيد أنه ينفي إلى اليوم إصدار أوامر القتل بالرغم من وجود أدلة قوية من جانب الأمم المتحدة وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية.
عمر عبد العزيز لا يشعر بالخوف
وفيما يخص قضية عمر عبد العزيز لم تتخذ السعودية إلى حد الآن أي موقف. ومتحدث باسم الحكومة الكندية قال حسب الغارديان إن هناك قلقا عميقا من وضع حقوق الانسان في السعودية وأن حكومته ستعمل دوما من أجل حماية حقوق الانسان.
ربما يعود ذلك لكون عمر عبد العزيز لا يشعر بالخوف ويشعر بالأمان في كندا. "أنا في وضع جيد"، قال في تصريح بالفيديو، وموضحا في آن واحد أن الشرطة الكندية سألته عن رأيه تجاه الخطر الذي يهدده. وجوابه كان: "أنا سعيد. لدي الشعور أنني أفعل شيئا. عندما لا نفعل شيئا ما يزعج محمد بن سلمان، يعني ذلك أننا لا نقوم بعملنا على أحسن وجه".
ديانا هودالي/ م.أ.م