قلق أوروبي وأممي إزاء التصعيد العسكري في المناطق الفلسطينية
٦ يوليو ٢٠٠٦يلمس المجتمع الدولي خطورة الوضع في المناطق الفلسطينية المنزلق نحو منعطف خطير، مما ينذر بوقوع كارثة إنسانية قد تطيح بكل جهود إحلال السلام في المنطقة. وللحيلولة دون ذلك بدأت ردود الفعل الدولية تخرج إلى الأضواء وتدعو إلى إيجاد حل سلمي لتطويق الأزمة الراهنة وحماية المدنيين الفلسطينيين. وتأتي هذه التحركات في ظل استمرار الحملة العسكرية الواسعة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة والتي تحولت على إثرها هذه المنطقة إلى ساحة قتال غلبت عليها مشاهد الاشتباكات العنيفة بين القوات الإسرائيلية والمسلحين الفلسطينيين. لكن الدعوات الدولية لوقف الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة لم تجد حتى الآن آذاناً صاغية لدى القيادات العسكرية. فقد أعرب المجلس الوزاري المصغر في الحكومة الإسرائيلية من جانبه أنه ينوي توسيع العمليات العسكرية في المناطق الفلسطينية إلى حين الإفراج عن الجندي الإسرائيلي المختطف، معتبراً في الوقت نفسه أن العمليات المسلحة تستهدف بالدرجة الأولى المجموعات المسلحة. وفي هذا السياق أكد الناطق العسكري للجيش الإسرائيلي اليوم، 6 تموز/يوليو 2006، على أن توغل الوحدات العسكرية الإسرائيلية في شمال قطاع غزة "محدود زمنياً" ويهدف إلى تقليص قدرة إطلاق الصواريخ الفلسطينية على مدن إسرائيلية، مؤكداً على أن القوات الإسرائيلية لا تنوي البقاء في غزة مدة طويلة.
نقد دولي للعمليات العسكرية الإسرائيلية
وفي اجتماع استثنائي لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة انعقد يوم الأربعاء الماضي حاولت دوله الأعضاء الـ47، بما في ذلك ألمانيا، التوصل إلى اتفاق يقضي بإصدار قرار يدين العمليات العسكرية التي تشنها القوات الإسرائيلية في شمال قطاع غزة واعتبار ضرب المنشآت المدنية، كمحطات توليد الكهرباء ومحطات المياه والقناطر، عملاً يتعارض مع حقوق الإنسان. وإلى حين صدور هذا القرار تأمل الدول العربية صاحبة مشروع القرار بأن تساهم الإدانة الدولية في تصعيد الضغط على إسرائيل لوقف عملياتها العسكرية. وعلى صعيد آخر حث الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان على لسان المتحدث باسمه، ستيفان ديوجاريتش، طرفي النزاع، الإسرائيلي والفلسطيني، على "التراجع عن حافة الهاوية" وتفادي عواقب تصعيد الوضع وخروجه عن السيطرة.
ضرورة الوساطة الدولية
وفي مقابلة نشرت اليوم في صحيفة كولنر شتادت انتسيرجير أكد المحلل السياسي موشي تسمرمان، أستاذ التاريخ الألماني ومدير مركز ريشارد كوبنر للدراسات التاريخية في الجامعة العبرية في القدس، على أن المخرج من الأزمة الراهنة، التي تعصف بالمناطق الفلسطينية يستدعي تكوين وساطة دولية تضم كلاً من مصر والولايات المتحدة والإتحاد الأوربي، وذلك للقيام بدور الحكم في النزاع الذي بدأ يأخذ أبعاداً خطيرة، على حد تعبيره. ويرى تسمرمان كذلك أن هذه الدول سيكون بمقدورها تقديم مقترحات تجنب الإحراج لكافة أطراف النزاع ومطالبة إسرائيل بوقف القصف المدفعي أو إطلاق سراح أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني المعتقلين.
غير أن المحلل السياسي يُحمل في الوقت نفسه الفلسطينيين قسطاً كبيراً من المسؤولية عن هذا التصعيد، إذ أن فشل السلطة الفلسطينية في بسط سيطرتها الأمنية والسياسية داخل قطاع غزة قد ساعد على تعزيز موقف الإسرائيليين المعارضين لانسحاب إسرائيل من القطاع وتفكيك المستوطنات اليهودية داخله. أما بخصوص عملية السلام فإن المحلل السياسي يحث على ضرورة اعتماد اتفاقية أوسلو وخارطة الطريق كأرضية للاستئناف مفاوضات السلام منتقداً تعنت بعض الجهات الإسرائيلية والفلسطينية التي تتبنى الفكرة القائلة: " كل ما لا يمكن حله بالقوة يجب حله بمزيد من القوة".
تحرك عربي للضغط على إسرائيل
وفي خضم التطورات، التي تشهدها الساحة الفلسطينية تسعى الدول العربية والإسلامية المنضوية تحت لواء منظمة المؤتمر الإسلامي في نيويورك إلى تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي يطالب إسرائيل بانسحاب فوري من قطاع غزة وإطلاق سراح جميع المسؤولين، الذين تم اعتقالهم من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية. وتأتي هذه الخطوة بعدما تبنى المؤتمر بياناً أدان فيه "الهجوم العسكري الواسع النطاق" مناشداً المجتمع الدولي الإسراع بتقديم معونات طارئة إلى المدنيين الفلسطينيين داخل قطاع غزة.