"قلق الليبيين يزداد مع الإقتراب من جبهة القتال"
٥ مارس ٢٠١١أعلن المجلس الوطني الليبي المؤقت في ختام اجتماعه الذي عقده اليوم السبت(05 مارس/آذار) في بنغازي شرق ليبيا، أنه سيعمل كواجهة للمعارضة الليبية والتي تقاتل من أجل إسقاط حكم العقيد معمر القذافي. كما أعلن المجلس عن رغبته في نقل مقره من شرق البلاد الذي يخضع لسيطرة الثوار إلى العاصمة طرابلس التي لا تزال تحت سيطرة القذافي وقواته، وقد تم اختيار وزير العدل السابق مصطفى محمد عبد الجليل رئيسا للمجلس.
وبينما بدأ الثوار المسلحون بالزحف من شرق البلاد نحو غربها، حيث تمكنوا من السيطرة على مدينة راس لانوف. ما تزال تدور معارك عنيفة في مدينة الزاوية (غرب طرابلس) والتي يسعى القذافي لاستعادتها.
الصحافي الألماني شتيفان بوخن المتخصص في شؤون العالم العربي، زار مدينة راس لانوف بعد دخول الثوار إليها، وقال في حوار مع دويتشه فيله إن معنويات الثوار"عالية" وأن هدفهم هو السيطرة على مدينة سرت مسقط رأس القذافي، وهم يزحفون برا نحوها.
وفيما يلي نص الحوار:
دويتشه فيله: ما هي قراءتك لتركيبة المجلس الوطني المؤقت، وهل تمثل هذه الهيئة فعلا القوى التي فجرت الثورة يوم 17 فيبراير/شباط الماضي؟
شتيفان بوخن: لا يزال يوجد هناك بعض الغموض فيما يتعلق بهذه النقطة. فأعضاء المجلس الذين أعلنوا عن هويتهم أمام الصحافة اليوم أكدوا على دور الشباب في هذه الثورة وعلى كونهم يستمدون شرعيتهم من الحركة الشبابية. وفي نفس الوقت لم يكن بين الموجودين في المؤتمر الصحافي شخص لم يتجاوز الأربعين. لذا يوجد لدي بعض الغموض حول كيفية تواصل المجلس الوطني مع الشباب.
وحسب انطباعي فأعضاء المجلس الوطني هم شخصيات محلية تتمتع بسمعة جيدة كل في مدينته. واعتقد أن هؤلاء الأعضاء ينتمون إلى المؤسسات الدينية أو العسكرية أو ممثلون عن القبائل المهمة في ليبيا.
ما هي أبرز النتائج التي أعلن عنها إثر اجتماع المجلس الوطني الليبي المؤقت؟
من أبرز النتائج رفض المجلس لأي تدخل عسكري أجنبي مباشر في ليبيا. وهذا الرفض يناقض الموقف الذي أعلن عنه المجلس الوطني قبل ثلاثة أيام عندما طالب المجتمع الدولي بالقيام بضربات جوية تستهدف معاقل المرتزقة مثلا أو مقر إقامة العقيد معمر القذافي في العاصمة طرابلس. من جهة أخرى تم الإعلان عن بعض الأسماء التي تنتمي للمجلس الوطني المؤقت والتي كانت سرية لحد الآن. من أبرز هذه الشخصيات هو القائد العسكري للثوار وهو السيد عمر الحريري.
لماذا هذا الرفض، علما أن نقطة القوة لقوات القذافي هي السلاح الجوي؟
السيد مصطفي عبد الجليل أكد دعم المجلس للزحف الأرضي للثوار نحو الغرب، كما أكد أن الحركة الشبابية الليبية تصر على تحرير ليبيا دون اللجوء إلى قوى خارجية. فحسب قوله كان هناك لقاء بين أعضاء المجلس وبين ممثلين عن شباب الثورة الذين عبروا عن رفضهم للتدخل الأجنبي. وعلى ما يبدو فإن المعارضين يحققون تقدما لحد الآن، خاصة بعد استيلائهم على مدينة راس لانوف الليلة الماضية. لكني لاحظت عند زيارتي لهذه المدينة أن القوات الجوية الموالية للقذافي تحاول ضرب معاقل الثوار حتى أولئك المتواجدين شرقي راس لانوف.
سمعنا أن هناك معارك شرسة تدور حول مدينة الزاوية. ما هي أهمية هذه المدينة بالنسبة للقذافي، برأيك؟
من المعروف أن مدينة الزاوية تحتوي على أحد أهم المنشآت النفطية في ليبيا. وأعتقد أن القذافي يركز قواته هناك لهذا السبب. بالفعل سمعت عن معارك شرسة في الزاوية لكنني لم أكن شاهد عيان، كما أنني لم أتحدث إلى شهود عيان. أنا متواجد الآن في بنغازي وهي منقطعة تماما عن الزاوية أو طرابلس. لذا من المستحيل معرفة الوضع بدقة.
وكيف تسير المعارك في شرق البلاد؟
ليس هناك معارك في الشرق. الشرق تحت سيطرة الثوار الذين بدأو بالزحف نحو الغرب بشكل ملحوظ. وهذا ما شاهدته عندما زرت مدينتي أجدابيا والبريقة اللتين تعرفان حركة قوية للثوار في اتجاه غرب البلاد. والهدف الأول للثوار، حسب ما شاهدته، هو مدينة سرت، مسقط رأس العقيد القذافي. لا أحد يعلم في هذه اللحظة مدى نجاح هذا الزحف. لكنني تأكدت من تمكن الثوار من السيطرة على مدينة راس لانوف. كما أنني شاهدت، وكما سبق الذكر، آثار الضربات الجوية التي مارستها القوى الموالية للقذافي والتي بلغت حتى المناطق شرقي راس لانوف.
هل لديك معلومات عن الوسائل التي يستخدمها الثوار والتي تمكنهم من التقدم على حساب قوات القذافي المجهزة بأسلحة ومعدات أكثر تطورا؟
لا أعرف بالضبط مستوى وكفاءة القوات التي أرسلها القذافي في الأيام السابقة. ربما لم يلجأ بعد للنخب العسكرية التي تخضع لأوامره، ولم يستخدم بعد كل طاقاته. سمعت أنه أرسل كتيبة واحدة إلى هذه المنطقة. وعلى ما يبدو تمكن الثوار من هزيمتها. كما تفيد بعض المعلومات بانضمام بعض جنودها لصفوف الثورة. ومن جانب آخر لاحظت أن الثوار يملكون معنويات عالية، طبعا لا يمكن مقارنة مستواهم التدريبي وانضباطهم العسكري بأعضاء الجيش، لكنهم مستعدون لتقديم تضحيات عالية من أجل نجاح الثورة. رأيت جثث عديدة لأشخاص سقطوا في المعارك، كما شاهدت جرحى عديدين تم نقلهم إلى مستشفيات أجدابيا الأمس واليوم. بالإضافة إلى ذلك فإن أعداد الثوار عالية للغاية كما أن الكثيرين قدموا من مدن الشرق المختلفة كبنغازي والبيضاء وطبرق في طريقهم نحو الغرب.
لماذا لم يستخدم القذافي كل القوى الموجودة لديه؟ ماذا ينتظر حسب رأيك؟
لا أستطيع تقديم جواب قاطع عن هذا السؤال. لكنني أخمن أنه ربما يرغب في استخدام هذه القوات للدفاع عن طرابلس ومعاقله هناك كباب العزيزية(مقر القيادة الليبية في العاصمة) أو مدن أخرى كالزاوية مثلا. أو ربما سيستخدم هذه القوات عندما تقترب المعركة من مدينة سرت. لا أحد يعرف تماما.
ما هي الأوضاع الإنسانية للسكان في المدن التي زرتها لحد الآن؟
لم ألاحظ أن هناك كوارث إنسانية كتفشي المجاعة مثلا. لكنني لا أستطيع القول أن الوضع على ما يرام. فالأوضاع في مدينة أجدابيا مثلا، وهي المدينة الأولى وراء الجبهة حاليا، بائسة لحد ما، كما أن الناس متشائمون وينظرون بترقب حذر وقلق لما سيحدث في الأيام القليلة المقبلة. وهذا الوضع يزداد حدة كلما اتجه المرء نحو الغرب مقتربا من جبهة القتال.
أجرى الحوار: خالد الكوطيط
مراجعة: منصف السليمي