قمة مجموعة السبع.. اختبار لشولتس ولدور ألمانيا القيادي
٢٥ يونيو ٢٠٢٢
جبال مرتفعة وقمم مغطاة بالثلوج، مروج خضراء وجداول مياهها نقية زرقاء. في مثل هذه الأجواء في جنوب ولاية بافاريا تعقد قمة مجموعة السبع الكبار في ألمانيا، في قصر قلعة إلماو، حيث يستضيف اعتبارا من الأحد (26 حزيران/ يونيو 2022) المستشار أولاف شولتس ضيوفه من رؤساء دول ورؤساء حكومات، الولايات المتحدة، بريطانيا، كندا، اليابان، فرنسا وإيطاليا.
في قمة عام 2015 التي عقدت في نفس القلعة كان المكان مثاليا جدا، ففي الخلف منظر رائع يرسل رسالة إلى أن العالم مازال بخير. تقع القلعة في واد يصعب الوصول إليه قريب من بلدة غارمش بارتين كيرشين البافارية، كما يمكن تأمينه بسهولة. مع ذلك، يصنع أكثر من 18 ألف شرطية وشرطي سياجا بطول 16 كيلومترا أقيم حول القلعة لضمان عدم تسبب أي متظاهر إزعاجا للمكان . كما سينقل القادة والضيوف بطائرات مروحية من مطار ميونيخ إلى القاعة. الحكومة الاتحادية وحكومة ولاية بافاريا قدرتا قيمة تكلفة تامين القمة بحوالي 180 مليون يورو.
الحرب والمناخ
تناقض واضح بين روعة المكان والقضايا الملحة التي تناقشها القمة. شعار القمة "تقدم من أجل عالم عادل"، إذ أن القضايا التي كانت على رأس أولويات القمة هي مكافحة تغير المناخ، الجوع والفقر في العالم. لكن الحرب الروسية في أوكرانيا وعواقبها البعيدة ستهمين على القمة. يقول المستشار أولاف شولتس الذي يأمل موقف موحد وقوي في القمة "إن قمة مجموعة السبع تحظى بأهمية كبيرة هذا العام".
وبكونها الدولة المضيفة تريد ألمانيا لعب دور مهم، كما يرغب المستشار في تعديل صورة ألمانيا، بعد أسابيع وجهت فيها انتقادات دولية لبرلين. فبعد اندلاع الحرب قرر المستشار والحكومة تغييرات واسعة من خلال نقطة تحول في سياسة ألمانيا الخارجية والأمنية وزيادة هائلة في ميزانية تسليح الجيش، لكن النتيجة بعد ذلك كانت : لا شيء.
دار الحديث خلال الفترة الماضية عن مماطلة وتردد من جانب المستشار شولتس. إذ تأخر تسليم السلاح الألماني إلى أوكرانيا كما تأخر المستشار كثيرا في السفر إلى كييف. موقف المستشار بدا وكأنه مناورة، كي لا تغلق تماما قنوات التواصل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
لكن التردد هذا له أسباب تعود إلى طبيعة الحزب الاشتراكي الديمقراطي نفسه، حزب المستشار شولتس. فالحزب غير موحد خلف "نقطة التحول"، فالنزعة السلمية والاعتقاد الراسخ أن لا سلاما في أوروبا من دون شراكة مع روسيا متجذرة بعمق في عقيدة الحزب.
دور ألمانيا القيادي
بعد مشاهد الحرب والدمار والوحشية التي تسبب بها الجيش الروسي في أوكرانيا لزم دعاة السلام الصمت. مع بداية هذا الأسبوع نشرت الحكومة الألمانية قائمة متحفظة تظهر حجم الدعم العسكري الألماني لأوكرانيا. وبعدها أعلن عن دخول أول دفعة من مدفع هاوزر ألاماني منطقة القتال في أوكرانيا.
رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي لارس كلينغبايل الذي يدعم المستشار شولتس فاجأ كثيرين بقوله "على ألمانيا لعب دورها القيادي". ففي خطاب له أكد على ارتفاع التوقعات الدولية بلعب ألمانيا دورها، "بعد 80 عاما من التحفظ أصبح لألمانيا دور في النظام العالمي"، فمنذ عقود اكتسبت ألمانيا ثقة تدريجيا، "ألمانيا أصبحت محور تركيز ويجب علينا ملء هذا التوقعات".
يتوقع أن تكون هذه القمة هي الاختبار الأول لقيادة المستشار شولتس، إذا ما نجح في مهمة وضع الرؤساء على مسار واضح وموحد، مثل هذا النجاح سيكون له مردود كبير عليه، خصوصا وأن ألمانيا الدولة المضيفة التي بإمكانها توجيه مسار القمة وجدول أعمالها.
من المخطط تخصيص اليوم الأول للقمة حول العقوبات على روسيا والمزيد من المساعدات طويلة الأمد لأوكرانيا. شولتس قال في بيان حكومي في البوندستاغ يوم الأربعاء الماضي: "سنواصل تقديم دعم هائل لأوكرانيا، ماليا، اقتصاديا، إنسانيا وسياسيا، وأخيراً وليس آخراً من خلال توفير الأسلحة، طالما كانت أوكرانيا بحاجة إلى دعمنا". كما اقترح في خطابه خطة إعادة الإعمار للبلد الذي مزقته الحرب.
وعلى غرار "خطة مارشال" التي دعمت فيها الولايات المتحدة إعادة الإعمار في ألمانيا ودول أوروبية أخرى بعد الحرب العالمية الثانية، قال شولتس "حجم الدمار هائل". تم حشد أموال بالمليارات منذ بداية الحرب، وألمانيا في المقدمة، "لكننا سنحتاج إلى المزيد من المليارات من اليوروهات والدولارات لإعادة الإعمار، لسنوات قادمة. لا يمكن تحقيق ذلك إلا إذا ضمنا جهودنا". هذا من المقرر أن يناقش في إلماو وأيضاً مؤتمر الخبراء الذي سيعقد. وسيشارك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المحادثات افتراضيا.
مكافحة تغير المناخ والجوع والفقر
شحنات الحبوب من أوكرانيا وروسيا توقفت بسبب الحرب، والأمم المتحدة تحذر من أسوأ كارثة جوع منذ عقود. وفي جنوب الكرة الأرضية مازالت هناك دول تكافح عواقب جائحة كورونا، و المستشار شولتس يحذر بالقول "إذا لم نتمكن من مساعدة هذه الدول فإن قوى أخرى مثل روسيا والصين ستستغل الموقف".
على العموم، من الضروري توجيه النظر إلى الديمقراطيات الكبيرة في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية. يقول المستشار شولتس إن فهم الديمقراطية يكون قاصرا إذا ركزنا على الغرب الكلاسيكي.
في القمة ستكون خمس دول شريكة حاضرة في اليوم الثاني للقمة في إلماو: إندونيسيا والهند، اللتان تتوليان رئاسة مجموعة العشرين لأهم الدول النامية والناشئة التي تعقد العام المقبل. السنغال، تحتل رئاسة الاتحاد الأفريقي. والأرجنتين كرئيس لمجتمع دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وجنوب إفريقيا.
مع الشركاء سيتم مناقشة "نادي المناخ"، وهي فكرة كانت لدى المستشار شولتس منذ مدة. يقول المستشار: "يمكن لأي شخص في العالم العمل في نفس الاتجاه لتحسين الوضع والمساعدة في التحول الصناعي الرئيسي الضروري الآن، كي نتمكن من العمل بطريقة محايدة لثاني أكسيد الكربون ورغم ذلك توفير وظائف جيدة في جميع أنحاء العالم".
زابينه كينكارتس/ ع.خ