قمة مجموعة السبع في إيطاليا: برنامج مثقل بالأزمات
١٣ يونيو ٢٠٢٤تتوجه رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية الشعبوية جيورجيا ميلوني إلى قمة مجموعة السبع في مزاج جيد وهي معززة بنتائجها الجيدة في الانتخابات الأوروبية يوم الأحد الماضي (التاسع من حزيران/ يونيو 2024). وتستضيف الرئاسة الإيطالية اجتماع "غراند سيت"، وهو الاسم الذي يطلق على مجموعة الدول الاقتصادية الغربية السبع الأكثر أهمية باللغة الإيطالية، في منتجع "بورغو ايغنازيا" الفاخر المنعزل في ريف بوليا، وسط بساتين الزيتون.
ساعدت ميلوني في تشكيل العديد من التفاصيل بنفسها عند التحضير لـ"قمتها" كما تسميها، فهي تريد تقديم جنوب إيطاليا في أفضل حالاته وإظهار أن شيئاً ما يحدث اقتصادياً في الجنوب الذي كان فقيراً في يوم ما، وذلك أيضاً بفضل أموال الاتحاد الأوروبي السخية التي تتدفق إلى إيطاليا من صندوق التعافي من فيروس كورونا. وبالإضافة إلى إيطاليا، تضم مجموعة السبع الولايات المتحدة الأمريكية وكندا واليابان وفرنسا وبريطانيا العظمى وألمانيا بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي.
ميلوني متقدمة على نظرائها الغربيين
وقالت جيورجيا ميلوني بثقة كبيرة قبل سفرها من روما إلى بوليا: "من بين الدول الأوروبية الكبرى، تعد حكومة إيطاليا بالتأكيد الأقوى على الإطلاق". في الواقع، يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك حالياً وقتاً عصيباً على المستوى الداخلي، فقد دعا إيمانويل ماكرون إلى إجراء انتخابات جديدة في 30 يونيو/ حزيران الجاري وسط المخاوف من خطر التحول نحو اليمين. أما أولاف شولتس فقد تعرض لهزيمة خطيرة لائتلافه الحاكم المكون من حزبه الاشتراكي الديمقراطي والخضر والليبراليين في الانتخابات الأوروبية. كما تخوض أطراف التحالف معركة داخلية مريرة بشأن الميزانية الاتحادية المقبلة. ومن المرجح أن يضطر المحافظ ريشي سوناك إلى تسليم مكتبه لحزب العمال بعد انتخابات الرابع من يوليو/ تموز المقبل.
ويمكن لجيورجيا ميلوني وحدها من بين هؤلاء القادة الأوروبيين أن تقول إنها فازت بالانتخابات بشكل مريح مع ائتلافها القومي اليميني. وباتت تريد الآن أن يكون لها دور مهم في الاتحاد الأوروبي وأن يكون ظهورها في مجموعة السبع متناسقاً مع هذه النتيجة. أما علاقتها بالرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يخوض هو الآخر حملة انتخابية، جيدة جداً، ويتفق كلاهما إلى حد كبير على القضايا عبر ضفتي الأطلسي وعلى دعم أوكرانيا في معركة الدفاع عن النفس أمام روسيا.
أسلحة وأموال لأوكرانيا
تحتل قضية أوكرانيا مكانة متقدمة في جدول أعمال الدول الغربية السبع التي يأتي منها الدعم المالي الأساسي ومساعدات الأسلحة لكييف. ومن المتوقع أن يشارك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي في المناقشات بمدينة بوليا، فبلاده بحاجة إلى مزيد من الأسلحة بعيدة المدى والذخائر ومزيد من القدرات المضادة للطائرات. وقد تعهد المستشار أولاف شولتس بالفعل بالعمل على شراء المزيد من منظومات الدفاع الجوي من دول مجموعة السبع وخارجها. وحتى الآن، فإن بعض الدول الأوروبية التي تمتلك نظام الدفاع الصاروخي باتريوت على سبيل المثال، مترددة في تسليم هذه المنظومات إلى أوكرانيا.
لكن دول مجموعة السبع غير متفقة بعد على تمركز جنود غربيين في أوكرانيا، ففي حين أن فرنسا وبريطانيا منفتحتان على إرسال مدربين ومستشارين عسكريين، فإن ألمانيا والولايات المتحدة وإيطاليا ترفض بشدة هذه الخطوة. بدوره يريد المستشار أولاف شولتس تحقيق التزامات ملموسة لإعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب.
وترغب دول القمة السبع والاتحاد الأوروبي في الاتفاق على تزويد أوكرانيا بمبلغ إضافي قدره 50 مليار دولار. ومن المقرر أن يتم أخذ هذه الأموال كقرض مشترك، وسيتم سداده ببطء بعد ذلك من عائدات الأصول الروسية المجمدة. ومن المقرر أيضاً مناقشة طريقة إنهاء الحرب. وأخيراً، سيسافر بعض رؤساء دول وحكومات مجموعة السبع يوم السبت المقبل إلى سويسرا لحضور مؤتمر دولي للسلام تنظمه أوكرانيا. لكن روسيا المعتدية لن تشارك فيه.
خطط جديدة لإفريقيا
تريد جيورجيا ميلوني، وهي الرئيسة الإيطالية لقمة المجموعة، التركيز على تعاون أفضل مع إفريقيا في مجال المواد الخام وإمدادات الطاقة وسلاسل التوريد ومواجهة الهجرة. ولهذا الغرض فقد دُعي اثنا عشر ضيفاً من دول إفريقيا ومنطقة المحيط الهادئ للحديث عن المزيد من الاستثمار في إفريقيا والإنتاج المشترك للطاقة الصديقة للبيئة هناك لصالح أوروبا.
يُذكر أنه كانت هناك بالفعل العديد من المبادرات الإفريقية من هذا النوع داخل مجموعة السبع. وما كان مفقوداً هو الالتزامات المالية الملموسة والتعاون على قدم المساواة، الأمر الذي انتقدته منظمة "أوكسفام" غير الحكومية قبل الاجتماع. وبالاستعانة بثلاثة في المئة فقط من إنفاقها الدفاعي السنوي، تستطيع دول مجموعة السبع أن تكافح الجوع في إفريقيا بفعالية كبيرة.
في هذا السياق قال توبياس هوتشيلد من فرع منظمة "أوكسفام" في ألمانيا قبل انعقاد القمة في إيطاليا: "لقد تمكنت حكومات مجموعة السبع من الاستثمار بكثافة في مجال التسلح، ولكن عندما يتعلق الأمر بوقف الجوع، فإنها تُفلس فجأة". وتشكو منظمة "وان" (ONE) للمساعدات التنموية من أن التزام الغرب المالي تجاه إفريقيا قد تراجع بالفعل في الأعوام الأخيرة. لكن مقابل ذلك تتزايد الديون بسرعة. كما أن خدمة الديون، حتى بالنسبة للقروض الآتية من الصين بشكل متزايد، باتت تثقل كاهل العديد من دول إفريقيا، كما جاء في بيان صادر عن المنظمة بشأن قمة مجموعة السبع.
قيود إضافية على الهجرة
من الملاحظ أن دول الاتحاد الأوروبي باتت تربط بشكل متزايد مساعداتها للدول الإفريقية بإجراءات التعاون في السيطرة على الهجرة. ويحاول الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاقيات للسيطرة على الهجرة مع ليبيا وتونس والأردن ومصر من أجل وقف اللاجئين والمهاجرين في بلدان العبور هذه قدر الإمكان. وتنتقد منظمات الإغاثة هذا التوجه، إذ ترى أن أوروبا تريد التنصل من مسؤوليتها.
بالمقابل تحب جيورجيا ميلوني أن تعد في إيطاليا بغلق الحدود بشكل أو بآخر أمام المهاجرين وبإصلاح نظام اللجوء وتقديم طلبات اللجوء خارج الاتحاد الأوروبي قدر الإمكان. ويبدو أن ميلوني وجدت مؤخراً بعض الإلهام من الرئيس جو بايدن الذي أصدر مؤخراً مرسوماً يقيد بشدة قدرة المهاجرين على تقديم طلب اللجوء على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، ما يمّكن الآن من إعادة المهاجرين إلى المكسيك دون محاكمة. كما أن هناك دعوات في بعض دول الاتحاد الأوروبي لفتح الباب أمام الترحيل المباشر للمرفوضة طلباتهم من أجل تأمين الحدود الخارجية.
وقف إطلاق النار في عزة
ومن المقرر أن تدعم مجموعة السبع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بوقف إطلاق النار في الحرب بين حماس وإسرائيل في قطاع غزة، والذي تقدمت به الولايات المتحدة. وفي هذا الإطار قال دبلوماسي رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي في منتجع بورجو إنازيا ببوليا قبل الاجتماع إن الدول السبع والاتحاد الأوروبي تتوقع أن تقبل حماس على الفور شروط وقف إطلاق النار. يُذكر أن حماس مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
وينص القرار على إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين ووضع حد للمعاناة الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة. ومع ذلك، فمن غير الواضح للدبلوماسيين بعد ما إن كانت إسرائيل ستؤيد القرار بالكامل.
وتبدو جيورجيا ميلوني مسترخية تماماً قبل القمة. وقد سافرت إلى بوليا في وقت مبكر لتتمتع بيوم إجازة بجوار حمام السباحة، حسبما ذكرت صحيفة "كورييري ديلا سيرا". بعد كل شيء، استرخى نجوم العالم مثل مادونا وجاستن تيمبرليك في قرية الفندق الحصرية للغاية بمنتجع بورغو ايغنازيا.
أعده للعربية: ع.غ
التسجيل في خدمة الرسالة الإخبارية