قوانين ضد القطع الجائر للأشجار
٧ يونيو ٢٠١٢تصطف المخازن الكبيرة في موقع شركة Cross Tradeلتجارة الأخشاب في بريمن. ويمكن سماع هدير الشاحنات التي تعبر الموقع. رائحة الأخشاب الجديدة تعم المكان، حيث تقوم الرافعات بتحميل الشاحنات بجذوع الأشجار الضخمة. وتلفت الأنظار أرقام طبعت باللون الأبيض على جذوع الأشجار. وتحرص شركةCross Trade على عدم تحميل أي شجرة لا يعرف مصدرها، إذ يجب أن يكون أصلها واضحا. ويكفي لتوضيح المصدر رمز صغير يمكن بالكاد رؤيته على الجذوع، وهو رمز الشهادة التي يمنحها مجلس رعاية الغابات (FSC).
ويستخدم كلاوس يورغان شميدت المدير التنفيذي للشركة، هذه الشهادة منذ عام 2006، وكما يقول فإنه لا توجد في مخازن شركته، أية أخشاب تم قطعها بشكل غير قانوني، "بواسطة الشهادة، أعرف أنه يمكنني الثقة في المنتج الذي أتاجر به". ورغم أن الشركات ليست ملزمة بالتعامل بواسطة هذه الشهادة، إلا أن شميدت يعتمد على شهاداتFSC لضمان مصدر الأخشاب، أي ألا يكون الحصول على الأخشاب قد تم عن طريق قطع الأشجار بشكل غير مشروع في البلدان المنتجة. وهو يشعر أن هناك مسؤولية تقع عليه وعلى كل العاملين في هذا القطاع، إذ لا يمكن أن ينحصر التركيز على تحقيق أكبر الأرباح فحسب، ولكن أيضا على عامل الاستدامة. ويعبر شميدت عن موقفه هذا قائلاً: "بالإضافة إلى هذا يتم دعم المشاريع الاجتماعية في أفريقيا وآسيا، ومنها مثلا بناء المدارس والمستشفيات".
وبالطبع فإن شراء الأخشاب التي تحمل هذا النوع من الشهادات هو أكثر تكلفة بالنسبة للعملاء، ويجب أن يتوفر لدى شميدت المال اللازم للتحقق من الحصول على الأخشاب بطرق قانونية، وكما يقول:"بالطبع يجب علي الحرص على تحقيق الأرباح"، لكن الأمر يتعلق أيضا بالإيمان بمبدأ ما وبتوعية المشتري بأهمية التعامل حصرا بالأخشاب اتي تحمل شهادةFSC المعتمدة. إن "الكثير من المستهلكين في ألمانيا لا يعون غالبا الأسباب التي تحتم عليهم شراء الأخشاب المرخصة، وهم يعتقدون أن تجار الجملة يريدون كسب المال فقط من وراء ذلك." لكن الختم الموضوع على الأخشاب، يضمن قطعها بأسلوب مستدام وبمراعاة شروط حماية المناخ المتمثلة في زراعة شجرة جديدة مقابل كل شجرة تقطع.
مسؤولية الاتحاد الأوروبي
وتتطابق وجهة نظر الاتحاد الأوروبيمع هذا الرأي، وتتلخص الجهود في هذا الخصوص في الخطة المعروفة باسمFLEGT، فمنذعام 2003 تضع الخطة الأساس القانوني الواجب اتباعه لدى استيراد الأخشاب، بحيث يجرم استيراد الأخشاب المقطوعة بطريقة غير شرعية إلى أوروبا، وقد وقعت ست دول أوروبية على اتفاق شراكة بهذا الخصوص.وعبر هذا الاتفاق على أن تلزم تلك الدول نفسها ببناء نظام مراقبة خاص بها، يتم العمل من خلاله على تقديم الأدلة القانونية للكيفية التي تم بها قطع الأشجار في الدول المنتجة. إلا أن البيروقراطية تحول دون اتخاذ الإجراءات بالسرعة المطلوبة في كل بلد، وعادة ما يستغرق الأمر سنوات إلى أن يتم اتخاذ القرارات المناسبة. وكما يوضح تورستن هاينريش خبير في الزراعة والغابات في وزارة حماية المستهلكالألمانية: "لابد من أن يضع كل بلد تعريفه لما هو قانوني ولما هو غير قانوني، بحيث يحصل المستوردون على الدلالات الخاصة بقانونية الأخشاب، وبالإضافةإلى ذلك، يجب أن يحصلوا على الوثائق التي تثبت أن الواردات تأتي من مصادرمستدامة، وحول ظروف العمل السائدة."وقد أثبتت الدراسة التي أجريت عام 2010 النجاح الكبير الذي حققته خطةFLEGT ، فقد ساهمت في زيادة الاهتمام بالقضية على المستوى المحلي، وانخفض قطع الأشجار بطرق غير قانونية.ومن المقرر أن تعمل اللائحة الأوروبية للأخشاب الاستوائية، التي سيتم التصديق عليها في آذار من عام 2013، في نفس هذا الاتجاه.
استغلال الغابات بأساليب مستدامة
ومن المحتمل أن تصبح شهادة FSC، التي تثبت بها شركةCross Tradeمشروعية منتجاتها، جزءا من تلك اللائحة، وهناك بالفعل محادثات مع الاتحاد الأوروبي بهذا الصدد. وبناء على اللائحة، سيتعين على الشركات إثبات المصادر التي تأتي منها أخشابها، وكما توضح إيريكا مولر خبيرة الغابات التي تدعم اللائحة الأوروبية للأخشاب الاستوائية، فإن"شهادة الاثبات الناجحة يجب أن تدلل على الحفاظ على الوظائف الايكولوجية للغابات، وعلى الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض." وفي هذا الإطار يحصل أصحاب الغابات على تقييم من مصدر مستقل لمدة خمس سنوات، وبهذا يضمن العاملون في قطاع تجارة الأخشاب "ان هذا الخشب يأتي من مصادر مسؤولة"، بحسب مولر. كما يجب على تجار الجملة أيضا، الحرص على التعامل مع الأخشاب المقطوعة بطرق القانونية، والخضوع مرة في على تقييم في هذا الشأن من مصدر مستقل.
وكما تذكر خبيرة الغابات مولر، فإن المثال الإيجابي الذي يدل على فائدة مثل هذه الشهادات، يتجلى في التعاونيات التي توجد في إندونيسيا. هناك "يلتزم السكان المحليون بإدارة الغابات في مناطقهم واستغلالها بأسلوب مستدام. وقد قام سكان البلدة بشراء الأرض وزراعتها. وتعتبر هذه التعاونية الأولى من نوعها في إندونيسيا، التي تتلقى شهادةFSC لنجاحها في إدارة الأرض بأسلوب مستدام. ومقابل كل شجرة يتم قطعها هناك، يتم زراعة 10 شتلات. وكما تقول مولر، فإن التعاونية تساهم في فهم السكان لأهمية الإدارة المستدامة للغابات. وهذا يعود بالفائدة أيضا على الشركات العالمية العاملة في مجال تجارة الأخشاب كشركة Cross Trade في بريمن، ويعود بالفائدة أيضا على المدى الطويل على الغابات والأشجار الموجودة فيها وبالتالي على صحة المناخ كذلك.
كلاوديا فولكر/نهلة طاهر
مراجعة: سمر كرم