der Islam braucht eine sexuelle Revolution
١٦ أكتوبر ٢٠٠٩التجارب الشخصية التي مرت بها الكاتبة الألمانية التركية الأصل، سيران أتيس، منذ طفولتها شكلت الدافع للبحث عن الأسباب التي تجعل المرأة والفتاة تعامل في الأوساط المتزمتة كإنسان أدنى من الذكر. وكانت قد وصفت الأوضاع الخانقة التي حررت نفسها منها في كتابها الذي صدر في عام 2003 بعنوان " رحلة كبيرة إلى النار " الذي استقت عنوانه من اسمها، إذ أن كلمة سيران هي كلمة كردية تعني النزهة وكلمة أتيس تعني النار.
كان والداها قد قدما إلى ألمانيا وهي طفلة صغيرة، دون أن تعرف إلى أين توجها. ثم التحقت بأسرتها في برلين وهي في السادسة من عمرها. ولم تكن طفولتها سعيدة إذ أُرغمت منذ نعومة أظفارها على القيام بالدور التقليدي للأنثى وعلى خدمة أخيها ووالديها، كما لم يسمح لها بمغادرة المنزل بمفردها. وإن عصيت، فإنها كانت تتعرض للعقاب والشتم والضرب.
من يقرر حياة المرأة الجنسية؟
لكنها تمردت على هذه الأوضاع ودرست المحاماة وبدأت بالدفاع عن النساء المظلومات. وفي كتابها الجديد " العالم الإسلامي بحاجة إلى ثورة جنسية" تشرح الأهمية الكبيرة لقرار المرأة الذاتي في حياتها الجنسية، معتبرة ذلك أحد العوامل الرئيسية لتطور شخصية المرأة واستقلاليتها في شتى الميادين. وفي حديث لدويتشه فيله تقول سيران أتيس "علينا أن نتحدث بشكل أكبر عن مفهوم الجنس لدى المرأة في العالم الإسلامي"، مشيرة في ذات الوقت إلى أنها أدركت في وقت مبكر جداً "أن الفصل بين الجنسين ذو علاقة أساسية برفض المجتمع اتخاذ المرأة قراراً ذاتياً في حياتها الجنسية".
عندما تحكي الكاتبة سيران أتيس البالغة من العمر ستة وأربعين عاماً عن تجربتها الشخصية، تقول إنها كانت تبحث في طفولتها في ظل مرارة الصمت الخانق من حولها عن أجوبة لأوضاع محيرة. وهي تعلم أنها ليست الوحيدة التي عانت مما تصفه في حديثها لدويتشه فيله بـ "أخلاقية الجنس الصارمة ". فهي ترى أن ملايين الأشخاص يعانون منها أيضاً وتقول في هذا السياق "أنا لا أتحدث عن مشكلة فريدة يعاني منها شخص واحد وإنما مشكلة تعاني منها مجتمعات بأسرها".
تربية قمعية لبنات الجاليات المسلمة
وتشرح سيران أتيس في كتابها الجديد الذي صدر هذا اليوم الجمعة ( 16تشرين أول/أكتوبر 2009) بإسهاب طرق التربية القمعية التي تخضع لها أعداد كبيرة من بنات الجاليات المسلمة في ألمانيا والآلام الشديدة التي تشعر بها الفتيات عندما لا يعرفن سبباً مفهوماً لمعاملتهن بهذه الطريقة، بل كل ما يسمعنه من أجوبة على تساؤلاتهن لا يتعدى كلمات مجردة مثل "المسموح والمحظور" "و"العيب" و"نحن أتراك ومسلمون وهذه هي عاداتنا".
وتشير أتيس أيضا في كتابها إلى الضغط النفسي الكبير الذي تتعرض له الفتاة منذ الصغر وإلى معاملتها ككائن عليه أن يبقى متخفياً ومحتجباً وتقول في كتابها "منذ أن كنت طفلة لاحظت أن بين ساقي منطقة من المفروض حسب رأي البعض أن لا يكون لها وجود". وتشير في الوقت نفسه إلى التمييز الكبير في المعاملة بين الأنثى والذكر وتقول "بالنسبة إلى الصبيان فليس من العيب أن يكون لهم أعضاء جنسية".
وتطالب الكاتبة بفتح مناقشة حول ما تصفه بـ "القرار الذاتي في الحياة الجنسية " وتستخدم عبارة "ديمقراطية الجنسين في المجتمع" مستشهدة بقول الكاتبة الأمريكية Shere Hite أن "الجنس هو جزء من الصورة الكاملة للمجتمع، وموقع المرأة في الحياة الجنسية يعكس مكانها في المجتمع". وتدافع الكاتبة عن موقفها بالقول إن "الثورة الجنسية باتت موجودة في العالم الإسلامي على صعيد الحياة الشخصية لكن بشكل مستتر وخفي"، الأمر الذي يؤدي في نظرها إلى نشوء ازدواجية أخلاقية.
الاستقلالية الجنسية وتطور شخصية الإنسان
وتذهب سيران أتيس في تحليلها للسلوك الاجتماعي في ظل التقاليد إلى أبعد من ذلك لتعبر عن الرأي القائل بأن استقلالية المرأة الجنسية تلعب دوراً أساسياً في تطور شخصيتها. وبالتالي فإن ذلك يدعم في رأيها مساهمتها الاجتماعية بشكل فاعل وإيجابي، كما يؤثر في تطور المجتمع ككل وتقول في هذا الإطار "العالم الإسلامي بحاجة إلى ثورة جنسية كي يتمكن من إثبات نفسه في مجتمع عالمي منفتح".
مواقف أتيس ودفاعها عن النساء المظلومات عرضها إلى التهديد بالقتل في العديد من المرات، لاسيما من قبل الرجال. وفي عام 1984 قتل رجل زوجته بالرصاص أثناء وجودها في مكتب المحامية أتيس من أجل استشارة قانونية تتعلق بالطلاق. خلال هذا الاعتداء تعرضت سيران أتيس أيضاً لجراح، لكن هذا لم يثنها عن مواصلتها الكفاح ضد قمع الفتيات وضد الزواج القسري وما يوصف بجرائم الشرف.
وفي حديثها مع دويتشه فيله تؤكد الكاتبة على أنه "إذا كان العالم الإسلامي مهتما فعلاً بدمقرطة مجتمعاته، فإن هذا لا يمكن أن يتحقق إلا عن طريق الاعتراف بالمساواة بين المرأة والرجل". وتضيف أن "المساواة تعني أيضاً تمتع المرأة بالقرار الذاتي في حياتها الجنسية. وتتوقع أتيس أن يثير كتابها والنظريات التي تطرحها فيه مناقشة واسعة النطاق معربة عن أملها في أن يرفع أعداد أكبر من المسلمين الليبراليين الذين يعيشون في الخفاء أصواتهم، لأنها تريد كما تقول "أن تبرز قوة المسلمين العصريين إلى جانب الإسلام المتحفظ "على حد تعبيرها. وتهدي الكاتبة كتابها إلى كل من "كتب عليهم الموت لأنهم أرادوا أن يحبوا ويعيشوا بحرية وقرار ذاتي".
الكاتبة منى صالح
مراجعة: طارق أنكاي