كان قريبا من أسود الأطلس - قصة حسين عموتة صانع المجد الأردني
٥ فبراير ٢٠٢٤نادر الابتسام، كثير الغضب، هكذا يظهر مدرب منتخب الأردن، المغربي حسين عموتة، الذي كانت كثير من الأصوات تطالب بإقالته من تدريب منتخب النشامى، قبل انطلاقة بطولة أمم آسيا المقامة حاليا في قطر، بسبب أداء المنتخب الهزيل في المباريات الإعدادية، لكن المدرب حقق ما لم يسبقه فيه اي مدرب آخر، وأوصل الأردن إلى نصف نهائي هذه المنافسات.
يتحاشى عموتة الأضواء، وإطلالاته الإعلامية قليلة، ويتغيب حتى عن المناسبات التي تخصص للاحتفاء به، وكل من تدرب تحت إشرافه يعرف جيدًا أنه لا مجال للتهاون والكسل، وأن هذا الرجل قادر على طرد أي لاعب يراه غير منضبط بالشكل الكافي.
جاء عموتة إلى الأردن، قادمًا من تجربة تدريب قصيرة مع نادي الجيش الملكي المغربي الذي قاده في آخر مباريات الموسم الماضي. ومشواره مع الأردن هو أول تجربة حقيقية له مع منتخب أول، بعد حوالي 17 عاماً من تدريب الأندية ومنتخبات الفئات العمرية.
بدأت التجربة بشكل سيء: خسارة أمام النرويج 6-0 في مباراة إعدادية، وأخرى أمام اليابان 6-1، ونقطة واحدة من مبارتين في تصفيات كأس العالم. قبل أن يغيّر كل شيء مع انطلاقة أمم آسيا ويحقق التأهل من دور المجموعات، بأربع نقاط، جاءت بفوز على ماليزيا (4-0)، وتعادل مع كوريا الجنوبية (2-2) وخسارة أمام البحرين (0-1)، ثم انتصار على العراق (3-2) في الدور ثمن النهائي، وأمام طاجكيستان (1-0) في ربع النهائي، ليتأهل لملاقاة كوريا الجنوبية مجددا في نصف النهائي.
صانع مجد مدينة الخميسات
كان حسين عموتة واحداً من المدربين القلائل الذين تولوا التدريب وفي نفس الوقت دخلوا إلى المباراة كلاعبين، وحدث ذلك في بعض المباريات، خلال بداية مسيرته التدريبية مع فريقه الأم في مدينة الخميسات. حقق عموتة مع هذا النادي المتواضع أداءً مميزًا، وصل من خلاله إلى وصافة الدوري المغربي في موسم 2007/2008، ما أهله للمشاركة في دوري أبطال إفريقيا لأول مرة في تاريخه.
رحل عموتة عن فريق الاتحاد الزموري للخميسات بعد ثلاثة مواسم ناجحة، لكن نتائج النادي تدهورت بشكل كبير بعدها، ليهبط النادي إلى الدرجة الثالثة (دوري الهواة) حاليا. ذكرى تؤلم كثيراً عموتة المحب لمدينته الصغيرة القريبة من الرباط، حيث بدأ مساره كلاعب في عام 1988، في خط الوسط، وبعدها لعب لفرق الفتح الرباطي، ثم احترف في الخليج مع عدة أندية، أبرزها السد القطري بين 1997 و2001.
مسار تدريبي حافل
ولا يذكر الكثير من المتتبعين أن الحسين عموتة كان من بين ما عُرف بالتركيبة الرباعية، وهم أربعة مدربين مغاربة تولوا تدريب المنتخب المغربي في المباريات الثلاث الأخيرة من تصفيات كأسي العام وأمم إفريقيا عام 2010 خلفًا للفرنسي روجي لومير، لكن المنتخب خرج من هذه المباريات بشكل كارثي، ولم يتأهل لأي واحدة من المنافستين.
لكن ظروف المنتخب المغربي كانت حينها سيئة بسبب البداية الكارثية للمدرب الفرنسي روجي لومير في التصفيات، وكذلك معاناة المنتخب من رواسب إقصائه من الدور الأول في كأس إفريقيا لعامين 2006 و2008، ونهاية جيل من اللاعبين. كما أن عموتة لم يكن وحده المسؤول، ولم تكن كذلك خبرته كبيرة في مجال التدريب.
تمت المناداة على عموتة للانضمام للمنتخب حينها بعد نجاحاته مع فريق الفتح الرباطي، وبعد الإخفاق الجماعي في سنوات عجاف للكرة المغربية، رحل عموتة إلى الخليج العربي حيث درب السد القطري، وهناك تألق بشكل لافت.
ويحمل حسين عموتة العديد من الألقاب كمدرب، فقد توج بلقب دوري أبطال إفريقيا مع الوداد عام 2017، ولقب كأس الاتحاد الإفريقي مع نادي الفتح الرباطي عام 2010، فضلاً عن الألقاب المحلية مع هذين الفريقين، إلى جانب فريق السد القطري الذي درب من خلاله مجموعة من اللاعبين المتميزين، أشهرهم راؤول غونزاليس وتشافي هيرنانديز.
عندما تسبب مونديال قطر بإقالته
الجميع يذكر الفترة الصعبة التي عاشها المنتخب المغربي قبل مونديال قطر 2022، حيث كان لا يقنع عشاقه في الفترة، عندما كان يدربه البوسني وحيد خليلحوجيتش، وارتفعت الأصوات، مطالبة بالتعاقد مع الحسين عموتة الذي كان يدرب المنتخب المغربي لأقل من 23 سنة، خصوصاً وأنه فاز بكأس إفريقيا 2020 للمنتخبات المؤلفة من اللاعبين المحليين، كما قاد المنتخب المغربي الرديف في كأس العرب 2021 وخرج من ربع النهائي.
وفي النهاية، اختارت الجامعة وليد الركراكي الذي قاد الأسود لأفضل إنجاز إفريقي وعربي في تاريخ بطولات كأس العالم، باحتلاله المركز الرابع. ومن الصدف أن عموتة خلف الركراكي، في ذلك الصيف، على رأس الوداد البيضاوي، الذي غادره صانع مجد مونديال قطر، وعاد إليه عموتة مجدداً.
وصرّح حينها عموتة أنه بالفعل تلقّى دعوة من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لتدريب المنتخب الأول في مونديال قطر، لكنه اعتذر عنها لأنه لم يكن جاهزا لرهان من هذا الحجم.
لكن المونديال تسبّب بإقالة عموتة بسرعة من الوداد، بعد مضي ثلاث أشهر من تعيينه، إذ سافر إلى قطر للعمل محللاً رياضيا لدى قناة قطرية إبّان المونديال، وهو ما رفضته إدارة النادي البيضاوي. وقبل الإقالة، غادر عموتة كذلك منتخب أقل من 23 سنة رغم أنه كان مقرّرا أن يشارك به في كأس إفريقيا للمحليين وكذلك في نسخة خاصة من كأس إفريقيا مؤهلة إلى دورة الألعاب الأولمبية. وفي النهاية حصل الاتفاق مع الاتحاد الأردني لكرة القدم، وبدأت مسيرة مظفرة في القارة الآسيوية.
إ.ع