كتاب "إبني السلفي" - صيحة أم بعد أن تطرف إبنها
٢٣ أكتوبر ٢٠١٦كانت صدمة نيريمان يمان كبيرة عندما دخلت امرأة بيتها في يوم ما بلباس البرقع حيث يخفي شباكه عينيها وتغطي قفازتان يديها. إنها الصديقة الجديدة لإبنها يوسف. الأم يمان التي تبلغ من العمر 37 عاما هي أيضا مسلمة ولكنها لا تتصور أبدا مثل هذه الظواهر المتطرفة. منذ 15 عاما وهي تعيش مع ابنها في غيلزنكيرشن الذي ترعرع هناك. نصف عدد المحلات التجارية هناك فارغة ومغلقة، وعلى بعد أمتار منها تحتكر عائلة لبنانية كبيرة مجموعة دور للسكن. منذ شهر أبريل/نيسان يقبع يوسف في السجن. الشاب الذي يبلغ من العمر 16 عاما سلم نفسه للشرطة واعترف بأنه وضع قنبلة أمام معبد لطائفة السيخ في إيسن، قائلا بأنه لم يكن يود إصابة الناس.
لم يقم الشاب بهذا الفعلة فجأة: فقبل عامين من ذلك وجد نفسه في محيط سلفي. وكافحت أمه بكل ما في وسعها لأبعاده من هذا الانزلاق، والآن ألفت كتابا بعنوان " إبني السلفي" (أصدرته دار النشر mvg في ميونيخ وهو من 256 صفحة) هاجرت أسرة يمان من منطقة الأنضول التركية أملا في تحسين حياة أفرادها. وقضت نيريمان يمان شبابها في منطقة حوض الرور، حيث كانت تلبس سروال جينز وجاكيت جلدية كما كانت تستمع لموسيقى روكن رول: إذن التطرف بعيد كل البعد عن عائلتها.
كان يوسف في 14 من العمر عندما بدأت شخصيته تتغير. " بدأ الامر مع بيير فوغل (ألماني مسلم متشدد) ثم إنه بدأ يشارك في مشروع " إقرأ" لتوزيع القرءان" كما تحكي أمه.
اسرة يوسف رحبت ببعض التغيرات التي طرأت عليه، حيث إنه لم يعد يدخن، كما بدأ يهتم بالاسلام بشكل مفاجيء ولكن ظهرت لاحقا بعض الاشارات التي تدعو إلى الإنذار، حيث لم يعد يود أن تتعرف أمه على أصدقائه، فيرسلها الى المطبخ عند وجودهم في البيت. وعلمت الأم من المدرسة أن " مسار تطور ابنها في الدروس لم يعد جيدا". لم يكن مساره في المدرسة الابتدائية جيدا أيضا، ورغم ذلك فقد تمكن من الدخول الى الثانوية، غير أنه لم يواكب مثل الآخرين، وتم الكشف عن مرضه بأعراض الحركية المفرطة، غير أنه وجب عليه وقف تناول الادوية التي أضرت به، وأخيرا وجب عليه الانتقال من الثانوية الى الاعدادية.
وعندما قام بتهديد طالبة يهودية هناك وجب عليه مغادرة المدرسة. ورفضت المدارس قبوله بسبب الغوغائية المنطلقة منه. وعلى مدى 10 أشهر سنحت الفرصة للمستقطبين المتشددين بالتأثير سلبيا عليه.
في منطقة لمناجم الفحم قام الشاب في أحد الآيام بتفجير هناك، كما أطلق مرة الرصاص في الهواء وهو يصيح "الله أكبر"، وكان ينشر ذلك على الفيديو بكل فخر، إلى حين أن قامت الشرطة يوما بتفتيش بيته وهناك صاحت بشعور الغيض: "أاخذوه معكم واضغطوا عليه لمعرفة مرافقيه"، غير أن رجال الشرطة أكدوا لها أنه لا يحق لهم ذلك.
واتصلت أمه بالدائرة المكلفة بالمدارس بهدف البحث عن مكان له في إحدى المدارس ولكن دون جدوى. لم تكن أي مدرسة مستعدة لقبول الشاب السلفي. كما اتصلت الام في منطقة حوض الرور بجاليات مسلمة بحثا عن إمام يقنع الشاب بخطئه في نهج طريق السلفية، ولكن أيضا دون جدوى عدا بعض الدعوات والمواساة من الأئمة. فليس هناك من أحد يود التعامل مع متهم بالارهاب.
الأم يمان التي أصدرت الكتاب باسمها قبل الزواج تمكنت أخيرا من تسجيل ابنها في برنامج " الطريق المرشد" لحكومة ولاية شمال الراين فيسفاليا (والذي يهدف إلى إقناع الشباب بالابتعاد عن مواقف التطرف) "وبدى لي بريق من الأمل، حيث إنهم قاموا حقا برعايته كل أسبوعين" كما تتذكر الأم القلقة، غير أن ذلك أيضا لم ينفع في وقف مسار التطرف لدى إبنها. صندوق الكيماويات التي استخدمت في صناعة القنبلة تم تسليمها له فقط قبل ساعات قليلة من الانفجار، كما تصرح أمه. وتضيف أنها قامت بتفتيش الصندوق ولكن إبنها كان قد أخذ ما بداخله ووضع فيه كتبا.
إن الكتاب هو مثابة نداء صارخ بضرورة العمل على مواجهة استقطاب الشباب لأعمال الارهاب بشكل فعال. "يجب القيام بأي شيء ويجب على الخبراء الاهتمام بذلك. الحديث اليوم عن يوسف وغدا قد يكون شخص آخر"، كما تحذر الأم ملاحظة أن " الذين هم خلف ذلك يلجأون إلى المكر والقوة والتنويم وغسل الدماغ"
الأم غيرت شكل الغرفة الذي كان يسكنه الإبن يوسف ولكن داخل الخزانة لازالت هناك نسخ من القرءان التي كان يوزعها إبنها في إطار مشروع " أقرأ". وفي السابع من شهر ديسمبر المقبل ستتم محاكمة الإبن أمام محكمة الولاية في إيسن، حيث يوجه إليه تهمة محاولة القتل.
ع.ع(د.ب.أ)