كرنفال الراين فرصة ذهبية للترفيه عن النفس وجني الأرباح
١٥ فبراير ٢٠٠٧منطقة الراين الألمانية وفي مقدمتها مدن كولونيا ودوسلدورف و ماينز اعتباراً من اليوم ذروة الاحتفالات بالمهرجان التقليدي السنوي المعروف "بكرنفال الشوارع" الذي بدأ يوم الخميس 3 فبراير/ شباط. وخلال هذا المهرجان تشهد المنطقة أجواء احتفالية بهيجة تشهد الشوارع فيها مسيرات ضخمة بأزياء تنكرية وسط أنعام الموسيقى التي تصدح عاليا من مكبرات الصوت ألمثبته على عربات مزخرفة بأشكال هزلية مثيرة للضحك. ويستمتع المحتفلون بالرقص في الشوارع وسط أجواء من المرح واللهو والهرج والحركات البهلوانية، وهي مظاهر تميز هذه المناسبة عن غيرها من المناسبات الأخرى في المانيا. وبطبيعة الحال لا تكتمل مظاهر الإحتفال دون استهلاك كبير للمشروبات الروحية وعلى رأسها البيرة الالمانية المميزة المذاق. ويضفى الطقس الصيفي المشمس والبديع الذي تعيشه ألمانيا هذه الأيام على غير العادة، مزيدا من الانتعاش والحيوية على المناسبة.
النساء وقصة كرافتات الرجال
من العادات المرافقة لانطلاقة المهرجان بهذا المناسبة ان يرتدي الرجال ربطات عنق "كرفتات"، بينما تقوم النساء بقصها كنوع من الانتقام من منهم. وتعود الخلفية التاريخية لذلك إلى حوالي 180 سنة مضت حيث كان الرجال يذهبون الى الكرنفال في مدينة كولونيا، بينما تظل النسوة في بون يقمن بأعمال التنظيف لملابس الأسر الغنية على شاطئ نهر الراين الشديد البرودة في فصل الشتاء القارس. لكن النسوة لم يرضن بهذا الوضع فقررن ترك اعمال التنظيف كنوع من الإضراب عن العمل والالتقاء فيما بينهن لشرب القهوة والاحتفال والثرثرة على الرجال. ومنذ ذلك التاريخ أصبحت هذه المناسبة رمزا لثورة المرأة على سلطة الرجل وظلمه. لكن التعبير عن هذه "الثورة الناعمة" يتم الآن بطريقة رمزية فكاهية تتمثل في قيام بعض النسوة باقتحام مبنى البلدية، رمز السلطة، تعبيرا عن قدرتهن على الحكم وتحمل المسؤلية. كما يخرجن في هذه الليلة لوحدهن دون رجالهن للقاء بعضهن في منأى عن سلطة الرجال، وحينما يصادفهن أحدهم يقمن متنكرات بقطع ربطة عنقه.
مناسبة ذهبية للبيع والربح
لا يمثل الكرنفال، مثله مثل أية مناسبة أخرى، فقط مناسبة للاحتفال وقضاء أمتع الأوقات بعيدا عن القيود وضغوط الحياة اليومية، بل انه مناسبة اقتصادية تنشط فيها حركة البيع والشراء بشكل كبير جداً، حيث تشهد المحلات المتخصصة ببيع الأزياء التنكرية والسلع المتعلقة بالكرنفال حركة تجارية نشطة تفوق حتى قدراتها على الاستيعاب. حوالي 500 الى 1000 شخص يتدفقون يوميا على هذه المحل الواحد لشراء الملابس التنكرية والإكسسوارات الخاصة بالكرنفال. وتشير التقديرات الى ان كل شخص يصرف في المتوسط ما بين 40 الى 60 يورو من أجل هذه الملابس. وليس هناك مجال للحديث هنا عن التوفير والاقتصاد في الصرف.
ويميل الألماني في هذه المناسبة الى الترويح عن النفس دون النظر الى قيمة المتعة وتكلفتها المالية. وهو ما يعني ان هذه المناسبة تمثل بالنسبة لأصحاب المحلات التجارية "أفضل أيام السنة" كما يقول مدير احد المتاجر، بينما يؤكد أخر ان الإرباح التي تجنيها هذه المحلات تصل الى حوالي 70 في المائة من إجمالي الإرباح السنوية. وهذا ليس كل شيء فالمنطقة التي تعيش هذه المناسبة تستفيد من الكرنفال بشكل مباشر او غير مباشر. فحركة السياحة فيها تنشط بشكل كبير من داخل وخارج ألمانيا مما ينعكس بدوره على المطاعم والفنادق والمواصلات وصالونات التجميل او بالأصح "صالون التنكر" وغيرها. ويقدر المعهد الاقتصادي في مدينة كولونيا حجم التداول التجاري في هذه المناسبة ما بين ثلاثة الى خمسة مليارات يورو. كما يستفيد سوق العمل من خلق حوالي 40 الى 50 الف فرصة عمل مؤقتة حسب تقديرات مصرف دريسدن الألماني.
عبده المخلافي