كوباني تعيد صياغة ذاكرة الأكراد الجماعية
٩ نوفمبر ٢٠١٤"تيمناً بأبطالٍ كُثر، نقوم نحن الكرد بتسمية أولادنا بأسماء شخصياتٍ من شعوب وثقافات مختلفة، حققت إنجازات في الحياة الاجتماعية والثقافية والإنسانية أو السياسية. اليوم أردت كما الكثيرين تغيير القاعدة، فاتفقت مع زوجتي على تسمية طفلتنا باسم (آرين كوباني)"، هكذا قرر الطبيب كنان إطلاق اسم "كوباني" على ابنته ذات الخمسة عشر يوماً. بالنسبة لهذا الطبيب من مدينة أربيل عاصمة كردستان-العراق، فإن المدينة السورية كوباني-عين العرب، سطرت اسمها بحروف من ذهب بتصديها لـ"مجرمي الأرض"، في إشارة إلى مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف إعلاميا بداعش. وفي حواره مع DW عربية، يضيف الأخير أن مقاومة الأكراد "عظيمة"، وعبرها تتمّ كتابة "تاريخ جديد" للأكراد.
هاوكار /30 عاما/ سائق تاكسي من إقليم كردستان، يقر أنه لم يكن يعرف في السابق أن بسوريا أكراد، إلى أن فرّ هؤلاء إلى العراق فاحتك بهم مباشرة. وتابع لـDW عربية، "إذا كان العرب متفقين على وجود مدينة تجمعهم تسمى القدس، فإن الأكراد يعتبرون كوباني عين كردستان". وأظهر هاوكار افتخارا شديدا بـ(بنات العم) كما يحلو له تسميتهن، مشيداً بنساء (كوباني) اللواتي أبهرن العالم بحب الوطن ومشاهد التضحية. ولم يخف السائق تعطشه للأخبار القادمة من كوباني والتي يرويها زبائنه الأكراد السوريين، موضحا "إن أقوالهم أفضل مما تنقله الإذاعات".
كوباني أبرز محطات التاريخ الكردي الحديث
بدوره يؤكد الكاتب والمحلل السياسي هيوا عثمان عن وجود محطات استوقفت المسيرة الكردية في العصر الحديث، من ولادة جمهورية "مهاباد" للكرد في إيران التي لم تدم أكثر من 45 يوماً، وصولاً الهجوم الذي استهدف "كوباني" وصمود أهلها دفاعا عنها. ولم يستغرب عثمان تفاعل أكراد إقليم كردستان مع قضية "كوباني" السورية، نظرا لوجود شعور قومي كردي حاضر وثابت، فيما أعادت هذه الأحداث إلى الأذهان حقيقة "وجود شعب على الأرض ما زال بدون دولة".
وشبّه المحلل السياسي المدينة السورية ببرلين إبّان الحرب الباردة، قائلاً إن المدينة الألمانية قسّمت العالم إلى معسكر شرقي وغربي، أمّا اليوم فإن كوباني تقسّم العالم إلى معسكر الخير ومعسكر الشر، على حدّ تعبيره، معتبراً أن من يريد السلام سيدعم الأكراد، ومن يريد الشر فإنه بالتأكيد سيصطف إلى جانب "داعش".
الواجب القومي ورمزية المدينة
بدوره يرى الصحفي والكاتب سمير هورامي، بأن "كوباني" السورية هي جزء من كردستان الكبرى، مضيفا لـ DW عربية: "إن الشعب الكردي في إقليم كردستان وحتى في دول أوربا وأميركا متعاطف مع المدينة المحاصرة، كونها تحولت إلى قضية قومية". وأكد المتحدث على ضرورة البحث عن مخرج قبل سقوطها كما سقطت "شنكال" (سنجار بالعربية وهي مناطق الإيزيديين بالعراق) بيد داعش. وحذر هوارمي من حدوث مجازر جديدة بحق الأكراد، ووقوع نساء "كوباني" سبايا بيد التنظيم الذي قد يتاجر بهن كما فعل مع أكثر من 3 آلاف امرأة كردية يزيدية. واعتبر هورامي أيضا أن الحرص القومي يتطلب إرسال الأسلحة والعتاد والأدوية والمواد الغذائية إلى المدينة لدعم المدافعين عنها في مهمتهم.
على صعيد آخر، أطلق ناشطون أكراد ما أسموه "اليوم العالمي لمساندة كوباني" الموافق للأول من نوفمبر/تشرين الثاني. وبهذه المناسبة، تمّ افتتاح حديقة في قضاء رانية بإقليم كردستان أطلق عليها اسم (كوباني)، وذلك "احتراماً لمقاومة المدينة الكردية التي تتعرض لهجمات تنظيم (داعش) الإرهابي"، كما جاء في تصريح لمسؤول محلي في القضاء. كما قرر محافظ السليمانية بهروز محمد، قبل يومين، إطلاق اسم ( تقاطع كوباني)، على أحد مشاريع الطرق في المحافظة، اعتزازاً، بالمدينة الصامدة. ونالت كوباني رواجاً حتى في فعاليات الثقافة والفنون، حيث تقام حفلات موسيقية بالمركز الثقافي تحت شعار "كوباني في قلوبنا"، إضافة إلى إطلاق حملة تبرعات لشراء مستلزمات الحياة المعيشية، وإرسالها إلى "كوباني" على الفور.
عامر سلام- أربيل