كورونا واللاجئون ـ الفيروس يقرر السياسة ويوقف ابتزاز أردوغان
٦ أبريل ٢٠٢٠"يسود الهدوءالآن و"المهاجرون غير الشرعيين"عادوا أدراجهم"، يقول سترافروس تساماليديس، الشخصية القائدة في القرية في كاستانيس. هذه القرية الصغيرة على الحدود اليونانية التركية كانت في صلب اهتمام الرأي العام العالمي إلى حين تفشي كورونا. وبعدما فتحت تركيا في نهاية شباط/ فبراير الحدود في اتجاه اليونان، تزاحم آلاف اللاجئين طوال أسابيع خلف السياج الحدودي على أمل العبور إلى أوروبا. والآن عاد الهدوء في البقعة الخالية بين أوروبا وتركيا. "أحرقوا الخيم"، يذكر تساماليديس الذي تساءل:" لماذا أبعدوا مرة واحدة المهاجرين، هذا لا نعرفه. إما بسبب كورونا أو أن اردوغان أُصيب بالتعب وأراد تغيير الموقف".
جهاز المخابرات الألمانية يتحدث عن عملية مفبركة
كاستانيس قرية هادئة. والسياح الأتراك يأتون يوميا عبر الحدود للأكل أو شرب الكحول الذي بات مكلفا تحت نظام اردوغان. ويرى تسماليديس العلاقات بين البلدين في أزمة خانقة: "سيكون من الصعب بعد هذه الخلافات الشديدة العودة إلى حياة يومية معتادة. لكن بالطبع أصدقاءنا على الجانب الآخر يظلون أصدقاءنا. ليس لدينا مشاكل مع الناس".
على ما يبدو كانت الشكوك على الجانب اليوناني تحوم حقيقة حول التدفق المفاجئ للاجئين على الحدود اليونانية. وحسب تقارير إعلامية، ينطلق منها أيضا جهاز المخابرات الألمانية من أن أنقرة هي التي أدارت العملية عن قصد. وعلى متن الحافلات التي نُقل بها الآن اللاجئون تم إحضارهم بها إلى أدرنة في الجانب التركي من الحدود. وفي اتجاه الشمال على الجانب البلغاري لا يمكن رؤية شيء. فاردوغان يستهدف اليونان وكان يأمل في أن تهيج المشاعر الوطنية اليونانية ويطرأ تصعيد على الوضع الحرج في الجزر.
ومخططه يرمي إلى ابتزاز أوروبا عندما يتهم الكتلة الأوروبية بالفشل في سياسة اللجوء. وهدفه هو فرض تدخل حلف الناتو لإقحام الحلف في الحرب في سوريا. وحصلت توترات بين الجيشين التركي واليوناني. لكن كورونا بعثر الأوراق والصحافة العالمية انسحبت ووجب على الرئيس التركي الان الاعتراف بالهزيمة. فالفيروس جاء بالحل على الحدود التركية اليونانية على الأقل في الوقت الحاضر.
لا انفراج في الجزر
في تركيا يوجد رسميا نحو 4 ملايين لاجئ، ومن الناحية غير الرسمية أكثر. وفي اليونان يوجد حسب تصريحات الحكومة حاليا نحو 100.000 طالب لجوء، 41.000 منهم في جزر ليسبوس وساموس وكيوس وليروس وكوس. وواحدة منهم هي سمية البالغة من العمر 20 عاما من أفغانستان التي تعيش في مخيم موريا في سكن مقاوم لتقلبات الطقس. والقليلون لهم هذا الرخاء الحزين. وحول المخيم تكونت مدينة خيم مأساوية وسط مابات يُسمى بالأدغال. وهنا يعيش الجزء الأكبر من نحو 21.000 لاجئ في ليسبوس في خيم وأكواخ من الكرتون:" الطقس بارد جدا هذه اللحظة. الحياة قاسية، وهطل مطر كثير"، تصف سمية الوضع. وحاليا يخشى الكثيرون الفيروس:" قلما نتوفر على ماء واللاجئون هنا لا يعرفون ماذا يحصل. هل يتعرض شخص للعدوى بالفيروس؟ أنا قلقة". لكن سمية تريد تقديم المساعدة وتدعم كمتطوعة منظمة الإغاثة الدنماركية Team Humanity وهي توزع الأكل والملابس. وحالياً يدور الحديث هنا أيضا عن كورونا. ومن إنتاج محلي يتم خياطة كمامات وتوزيعها في المخيم.
كلمات أكثر من إجراءات
وقبل أسبوعين أصدرت أثينا قائمة من 12 نقطة للسلوك في التعامل مع كورونا داخل مؤسسات اللاجئين حيث وجب تعليق الزيارات أو الأنشطة. والسكان مدعوون فقط في حال الضرورة إلى الحركة داخل المخيمات. وشراء الحاجيات اليومية لا يسمح القيام به إلا من طرف عضو من العائلة يتم نقله على متن حافلات الشرطة إلى المتاجر. وانطلاقا من السابعة مساء يسود حظر التجول. كما أن التعليمات الجديدة تمنع على طالبي اللجوء استخدام منافذ المصارف الآلية الموجودة في القرى المحيطة.
والنقطة خمسة في تلك القائمة من التعليمات تدعو الناس إلى الالتزام بقوانين النظافة. وأحد الأطباء اليونانيين من منظمة "أطباء بلا حدود" يتساءل كيف يمكن تحقيق ذلك. "كل شيء ممتلئ عن آخره. إنها ظروف مثالية لانتشار كوفيد 19. ومنذ شهور لا يتم نقل الأزبال. و1300 شخص يقتسمون حنفية ماء واحدة. والكثيرون ليس لهم منفد للماء والكهرباء أو المراحيض".
حسابات سياسية على كاهل اللاجئين؟
والحكومة تلتزم الصمت. وحتى بعد أسئلة متتالية من DW حول كيفية تنفيذ الإجراءات في المخيم وهل توجد مخططات إجلاء ملموسة وهل تحصل تجارب؟ تم فقط إرسال قائمة التعليمات التي وجب اتباعها في التعامل مع كورونا.
ويعتبر الطبيب اليوناني من أطباء بلا حدود أنّ إجراءات كورونا الصادرة عن الحكومة نفاق، حيث أنها صادرة بالأساس لحماية السكان المحليين وتهمش طالبي اللجوء في المخيمات التي تبقى بدون حماية. وفي جزيرة ليسبوس كلها يوجد خمسة أسرة للعناية المركزة وفي ساموس اثنان فقط. وثلاثة أطباء من وزارة الصحة وجب عليهم في مخيم موريا الاعتناء بـ 20.000 شخص وليس لديهم أدوية أو تجهيزات طبية. ويعتقد الطبيب اليوناني أن الحكومة اليونانية تستغل الفيروس لتنفيذ أجندتها السياسية:" فإذا قالوا حان الوقت الآن للتحلي بالحذر وأنه من الأمان وضع اللاجئين في مراكز مغلقة، فإنهم يحاولون ببساطة فرض هذا المخطط". فإلى هذا الحين قوبلت أثينا بسبب المراكز المغلقة بانتقادات قوية من منظمات حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي في بروكسيل وحتى السكان المحليين. وفي الوقت الذي تدوس فيه أنقرة على الفرامل بسبب الفيروس، يبدو أن أثينا تراهن فيما يخص اللاجئين على التصعيد. وإلى حد الآن لم يتم الكشف رسمياً عن حالة إصابة واحدة بفيروس كورونا في مخيمات اللاجئين. وبالنسبة إلى الطبيب اليوناني يبقى أمر واحد مؤكدا هو أنه "في حال ظهور الفيروس في مخيمات اللاجئين، فإن الكارثة ستكون كبيرة".
روبيرت شفارتس/ م.أ.م