كوريا الشمالية تمتلك السلاح النووي وبوش أمام اختبار صعب
أعلنت وكالة الأنباء الرسمية في كوريا الشمالية أن البلاد تمتلك السلاح الذري بهدف الدفاع عن النفس. واتهمت الحكومة هناك الولايات المتحدة بأنها تتبع سياسة "فرض العزلة" ضد بلادها. في هذه الأثناء أعلنت وزارة الخارجية الكورية الشمالية انسحابها من اجتماعات اللقاء السداسي الذي يضم أيضاً الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا وكوريا الجنوبية إضافة الى اليابان. وربطت استئناف مشاركتها فيها بالتوصل إلى نتائج إيجابية. وتسعى الأطراف المعنية من خلال هذه المفاوضات لإقناع حكومة بيونغ يانغ بالتراجع عن برنامجها النووي.
وباتهامها للولايات المتحدة باستخدام سياسة "فرض العزلة" تتخذ كوريا الشمالية من التصريحات الأمريكية المعادية لها موقفاً جدياً. وقد فُسر ذلك على أنه رد على خطاب وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس التي اعتبرت أن سياسة حكومتها ترى في كوريا الشمالية "رائدة للطغاة". وتشهد علاقات الأخيرة توتراً متزايداً مع واشنطن منذ إعلان حكومة بيونغ يانغ في أكتوبر/ تشرين الأول أنها على وشك إنتاج قنبلة نووية.
العزلة وتبعاتها القاسية
وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس حذرت حكومة كوريا الشمالية من قرارها بالانسحاب من المحادثات. وقالت في كلمة لها في لوكسمبورغ أن هذه الخطوة ستعمل فقط على زيادة العزلة الدولية إزاء كوريا الشمالية. وأضافت أنه من الواضح للجميع لزوم "عدم السماح بوجود السلاح الذري على شبه الجزيرة الكورية." وتعاني كوريا الشمالية من عزلة عالمية فرضتها عليها الولايات المتحدة وحلفائها بسبب الاتهامات الموجهة لها بالعمل على إنتاج سلاح نووي. وفي هذا السياق اعتبرها الرئيس بوش جزءاً مما سماه محور الشر الذي ضم إيران والعراق قبل إسقاط الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وقد أدت العزلة المذكورة إلى نتائج اقتصادية واجتماعية قاسية. ولعل من أبرز مظاهرها النقص الحاد في المواد الغذائية وانتشار الجوع الذي يشمل ربع السكان وفقاً للتقديرات الدولية.
الاختبار الصعب
يشكل إعلان كوريا الشمالية لامتلاكها السلاح الذري اختباراً صعباً للسياسة الأمريكية الخارجية في عهد الرئيس بوش. ويرجح الكثيرون أن يكون ذلك من أصعب اختباراتها. فقد أعلنت هذه إدارته مراراً أن محاربة الإرهاب وجعل العالم مكاناً أكثر أماناً أهم هدفين على سلم أولوياتها. غير أن غالبية المحليين ترى أن سلوكها أدى حتى الآن إلى تزايد الأخطار المحدقة بالعالم. فقد شنت على سبيل المثال الحرب على العراق واحتلته متذرعة بامتلاك النظام العراقي السابق أسلحة ذرية، الأمر الذي فشلت في إثباته حتى اليوم. وقد أدى ذلك إلى تقوية الجماعات الإرهابية فيه وفي مناطق أخرى من العالم. وفي حالة كوريا الشمالية يقول الخبير بالشؤون الآسيوية باتريك كولنر في حديث مع موقع دويتشه فيله إن الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة بيل كلينتون نجحت في إبرام اتفاق معها. ويقضي الاتفاق بحصول بيونغ يانغ على مفاعلين نوويين للأغراض المدنية مقابل تخليها عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم اللازم لإنتاج الأسلحة النووية. أما الإدارة الجديدة بقيادة بوش فقد فشلت في احتواء الخلاف مع كوريا الشمالية مما أدى إلى قرار الأخيرة بنقض الاتفاق المبرم ومقاطعة المفاوضات الدبلوماسية. كما أعلنت اليوم بصراحة عن امتلاكها السلاح الذري.
ازدواجية الموقف الأمريكي
تتبنى الإدارة الأمريكية سياسة مزدوجة حيال قضية الأسلحة الذرية، وهو الأمر الذي يطعن كثيراً في مصداقيتها. فقد شنت حرباً على العراق بدعوى امتلاكه للسلاح الذري. كما تظهر تشدداً تجاه إيران بسبب سعيها للحصول على هذه الأسلحة. وقد وصل ذلك إلى حد التهديد باحتمال اللجوء للعمل العسكري. غير أن الإدارة المذكورة من ناحية أخرى تغض الطرف عن البرامج النووية لحليفتها إسرائيل. ومن المعروف أن الأخيرة تمتلك سلاحاًَ نووياً مع أنها ترفض الاعتراف بذلك أو نفيه.