كولونيا .. بعد أيام من صدمة التحرش الجماعي
٦ يناير ٢٠١٦بعد أيام قليلة من أحداث ليلة رأس السنة، يبدو الوضع في محطة القطار الرئيسية بمدينة كولونيا شبه طبيعي: الكثير من الناس يسرع لركوب القطارات، بينما يلتقط السياح صوراً تذكارية أمام كاتدرائية كولونيا، التي تقع بجوار المحطة. لكن رغم مظاهر عودة المدينة لحالها الطبيعي، إلا أن وقع الصدمة، جراء الأحداث المرعبة ليلة رأس السنة، ما زال يخيم على العديد من سكان المدينة.
ويقول شاب يعمل في سلسلة للمطاعم السريعة بمحطة القطارات: "لم نكن نتصور نهائياً ما وقع تلك الليلة"، مضيفاً أنه كان يتوقع أن تشهد ليلة رأس السنة الكثير من الحركة والصخب، إلا أنه لم يتوقع وقوع أحداث من هذا القبيل، إذ شاهد على بعد عشرة أمتار فقط من مكان عمله مجموعة من النساء يتم التحرش بهن من طرف رجال وصفهم بالعدوانيين للغاية. هؤلاء الرجال قاموا بسحب ملابس النساء وملامستهم بين الساقين. وما زال هذا الشاب يعيش على وقع الصدمة، متابعاً بالقول: "لم يسبق لي أن رأيت مثل هذا".
البائعات في المحطة يشعرن بالخوف
ليس ببعيد عن المطعم، تقوم امرأة شابة في إحدى الأكشاك بترتيب الحلويات في الرفوف، وهو أول يوم عمل لها في العام الجديد. تقول هذه البائعة إنها كانت "لحسن الحظ" في إجازة خلال ليلة رأس السنة، خاصة وأن الكشك الذي تعمل فيه يشهد إقبالاً كبيراً خلال المناسبات الكبرى، إذ يأتي الكثير من الأشخاص السكارى ليلاً لشراء السجائر أو غيرها من الأشياء.
وتعترف الشابة البالغة من العمر 27 عاماً بأنها مصدومة أيضاً بسبب الاعتداءات الجنسية التي حدثت على بعد خطوات قليلة من مكان عملها. ولهذا، فهي تشعر بالخوف وقررت: "لن أقوم بورديات ليلية في عطلة نهاية الأسبوع وخلال فترة الكرنفال".
من يتجول في منطقة محطة القطارات الرئيسية بكولونيا، بعد أيام قليلة من ليلة رأس السنة، يصعب عليه أن يتصور ما حدث في تلك الليلة، حيث تجمع نحو ألف من الشبان، الذين يبلغون من العمر بين 18 و35 عاماً، ويبدو أنهم من "شمال أفريقيا"، حسب شهود عيان. لكن حتى الآن، لم يتأكد الأصل الحقيقي للمسؤولين عن الاعتداءات.
شعور بالدهشة والغضب
المؤكد هو أنهم كانوا في حالة سكر وقاموا بإلقاء الألعاب النارية على الحشد، حسب تصريحات للشرطة، التي قالت إنها تلقت أول شكوى ملموسة حول اعتداء جنسي في حدود الساعة الواحدة ليلاً، على حد قول فولفغانغ ألبرس، قائد شرطة كولونيا. لكن قبل ذلك، تلقت الشرطة فقط شكاوى بشكل أساسي حول حالات سرقة، في حين وصلت طوال الليل فقط ثلاث شكاوى تتعلق بحادثة تحرش جنسي.
والسؤال المطروح هو: كيف يمكن أن تخرج الأمور عن السيطرة في مثل هذا المكان الرمزي، خاصة في ليلة رأس السنة؟ لماذا لم تتمكن الشرطة من السيطرة على الوضع؟ هذا ما يثير القلق ويجول في خاطر العديد من المارة والناس الذين يعملون في محيط المحطة - شعور يختلط فيه الغضب بالدهشة
تعزيزات أمنية وكاميرات مراقبة
في هذا الصدد يقول بائع المجوهرات إبراهيم أوزتورك إن الشرطة فشلت تماماً في هذه المهمة. ويضيف إبراهيم، الذي يقع متجره مباشرة أمام محطة القطارات، بأنه غير قلق بسبب إمكانية ارتفاع حالات السرقة، ولكنه قلق بشكل أكثر على موظفاته، خاصة وأن الكثير منهن يركبن القطار ويخشين الآن من الخروج وحدهن ليلاً في محيط المحطة.
كما تعتبر امرأة خمسينية تقوم بإقفال دراجتها أمام محطة القطارات بأن على الشرطة أن تقوم بواجبها، مضيفة: "نأمل أن يتم عبر كاميرات الهواتف الذكية تحديد الجناة بسرعة". كما تشير إلى أن مجرد التفكير بأن ذلك كان قد يصيبها يجعلها تشعر بالقلق. وبالإضافة إلى ذلك، هناك قلق كبير من أن يتم وضع اللاجئين تحت الاشتباه العام.
وفي مسعى من السلطات في مدينة كولونيا لطمأنة المواطنين، أكدت أن هناك تعزيزات أمنية في المستقبل، ليس فقط خلال المناسبات الكبرى. كما أن هناك نقاشاً حول إمكانية زيادة المراقبة عبر كاميرات الفيديو.
وفي انتظار إلقاء القبض على الجناة، مازال وقع الصدمة يخيم على الجميع، حتى عندما قدمت عمدة المدينة، هنريته ريكر، ورئيس الشرطة ألبرس، مخططهم الأمني لتفادي وقوع مثل هذه الأحداث، بدت عليهما آثار الصدمة.