كيف تُلهم التجربة الكندية الغرب في الاستفادة من المهاجرين؟
١ نوفمبر ٢٠١٩بين الرفض الكامل لاستقبال المهاجرين، وخاصة غير النظاميين، باعتبارهم "عبئا على المجتمع"، والترحيب الكامل بهم لاعتبارات إنسانية أو للاستفادة منهم كقوة عمل شابة، أضحت قضية الهجرة خلال السنوات الأخيرة واحدة من القضايا المهمة المطروحة على جدول أعمال العديد من الدول، وبخاصة المتقدمة.
وعانت أوروبا من تحديات كبيرة في مجال الهجرة، إذ إن رفض المهاجرين الدافع الرئيسي وراء حصول قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما أن العداء للمهاجرين شكل أزمة كبيرة للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل خلال ولايتها الرابعة والأخيرة، فيما وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظام الهجرة في بلاده بـ "محطم".
ويصل عدد العمالة المهاجرة في العالم إلى حوالي 164 مليون عامل، حسب تقديرات منظمة العمل الدولية، يلعبون دورا اقتصاديا واجتماعيا مهما، سواء في دولهم أو في الدول التي يقيمون بها، وقد قاموا بتحويل حوالي 480 مليار دولار إلى أسرهم في أوطانهم الأصلية في عام 2017. لكن معطيات متعددة تشير إلى أن عددا منهم يعملون في مهن شاقة وأحيانا تتسم بالخطورة.
"الفقر في الدول المصدرة للهجرة هو ما يجعل الأمور تمضي على هذا النحو"، تقول المؤرخة سيندي هاهاموفيتش، مؤلفة كتاب "الأرض المحرمة" الصادر في عام 2011 عن برامج العمالة المهاجرة في العالم.
التجربة الكندية
ترغب الولايات المتحدة بالاستفادة من تجربة كندا التي تستخدم نظام "النقاط" لتقييم المهاجرين القادمين إلى البلاد لأسباب اقتصادية، والذين يشكلون حوالي 60 في المئة من إجمالي المهاجرين. بيد أن 27 % من سكان كندا، يعتبرون المهاجرين عبئا على اقتصاد بلادهم، وإن كانت هذه النسبة هي الأقل من بين شعوب 18 دولة متقدمة شملها استطلاع رأي أجراه مركز "بيو" لاستطلاعات الرأي العام ونشر نتائجه في آذار/ مارس الماضي.
وتعد كندا تعتبر نموذجا مثاليا في تحقيق أقصى استفادة ممكنة من المهاجرين. وقد استقبلت حوالي 321 ألف مهاجر العام الماضي وهو أعلى رقم منذ 1913. وترى كندا أن دخول المهاجرين بدون تدقيق في كفاءاتهم لا يسهم بشكل إيجابي في اقتصاد البلاد، بحسب ستيفاني بانجراث أستاذ مساعد التاريخ في جامعة ويسترن في لندن.
بدأ تطبيق نظام النقط في كندا عام 1967، حيث يتم منح طالب الهجرة عددا من النقاط على أساس السن والمستوى التعليمي والمهارات المهنية وإتقان اللغة الإنجليزية، ليتقرر بعد ذلك قبول الطلب أو رفضه. وساهم هذا الأسلوب في اختيار أفضل العناصر للهجرة إلى كندا والعمل بها.
ويقول دانيال بيلاند، مدير معهد الدراسات الكندية بجامعة ماكجيل في مونتريال، إن هناك دعما شعبيا واسعا للمهاجرين الاقتصاديين في كندا نظرا لأهميتهم الاقتصادية والسكانية في ظل تراجع معدل الخصوبة والإنجاب في البلاد، وهو ما يهدد بظهور نقص حاد في الأيدي العاملة، حيث تشير التقديرات إلى أن كندا ستفقد حوالي 100 ألف عامل سنويا اعتبارا من عام 2026، كما يوجد في البلاد حاليا أكثر من 580 ألف وظيفة لا تجد من يشغلها.
اليابان تريد المهاجرين!
لا يظهر النموذج الياباني مرحبا بالمهاجرين، إذ رغم أن الأجانب لا يمثلون إلّا أقل من 2 % من عدد السكان، إلا أنه لا وجود لأفكار تؤيد اللاجئين. لكن مع ذلك، بدأت الحكومة تحركا حذرا لاستقطاب المهاجرين للعمل والإقامة في البلاد بسبب تراجع نسبة الشباب بين سكان البلد.
وفي هذا السياق، قرّرت الحكومة منح الأجانب تصاريح إقامة تستمر 5 سنوات بهدف سد النقص في الأيدي العاملة في بعض القطاعات الحيوية، فقد تبين لها أنه النقص في اليد العاملة لم يتم سده فقط بالاقتصار على تشجيع توظيف النساء وتأخير سن التقاعد واستخدام الإنسان الآلي، خاصة في قطاعات مثل التشييد والزراعة.
وتتوقع اليابان انكماش عدد السكان في سن العمل بنسبة 23% خلال 25 عاما، في حين يصل عدد الوظائف الخالية في البلاد إلى 3 وظائف لكل باحث عن وظيفة.
إ.ع/ ع. خ (د ب أ)