كيف يكون الجهاد جهاداً؟
٣ أكتوبر ٢٠١٣59 قتيلاً في هجوم شنّته حركة الشباب المجاهدين الصومالية في مركز تجاري في كينيا.
78 قتيلاً في انفجارين استهدفا مجلس عزاء في مدينة الصدر في بغداد.
142 قتيلاً في هجوم شنّه مسلحو حركة «بوكو حرام» على بلدة بني شيخ في نيجيريا.
56 قتيلاً في هجوم نفذه انتحاريان على كنيسة في مدينة بيشاور شمال غربي باكستان الأحد.
هذه حصيلة أولية، لحصاد «الجهاد الإسلامي» في يوم واحد.
يأتي في تعريف الجهاد بأنه «مصطلح إسلامي يعني جميع الأفعال أو الأقوال التي تتم لصد عدو ما، أو لتحرير أرض ما، أو لمساعدة أحد ما، لإعلاء كلمة الله». وبمقارنة المعنى بالفعل، هل يستطيع أحدكم إقناعي كيف يكون الجهاد جهادا، حين يتم قتل بشر مسالمين يتعبّدون في كنيستهم، أو تفجير معزّين في سرادق عزاء، أو القضاء على متسوّقين في مجمع تجاري؟
كيف برّر هؤلاء (المجاهدون) لأنفسهم قتل الأبرياء، والادعاء بأن جرائمهم كانت جهادا لإعلاء كلمة الله؟، والله والإسلام منهم براء.
ربما نحن نلقي باللائمة على الجهة الخطأ، فهؤلاء ليسوا سوى قطيع يجرّهم شيوخ الفتنة. شيوخ دين من كل صنف ولون يدعون للجهاد، بينما هم يفرون إلى مصايف لندن وسويسرا لقضاء إجازاتهم الآمنة مع أولادهم. يزرعون الفتنة وينشرون لغة الكراهية، ويحرّضون المسلم على المسيحي، والسني على الشيعي، والشيعي على الدرزي، والدرزي على العلوي. يحصدون الأتباع والأموال، ويرسلون أبناءنا (وليس أبناءهم) للجهاد.
" تحولت سوريا إلى مكبّ لنفايات العالم"
يحدث ذلك في سوريا بشكل واضح ومؤلم، فقد تحوّلت سوريا الى «مكبّ لنفايات العالم»، وأصبحت مسرحا للجهاديين من كل شكل ولون. فالجهاد في سوريا أصبح تشريع القتل بين المسلمين أنفسهم: «ألبان، ليبيون، سعوديون، كويتيون، باكستانيون، فرنسيون، بريطانيون»، ومن كل بقاع الأرض... جميعهم يجاهدون على الأرض السورية، وضد من؟ ضد السوريين أنفسهم. كتائب بمسميات إسلامية تاريخية أحفاد الرسول، أحرار الشام، لواء التوحيد، كتائب الفاروق، جبهة النصرة، دولة العراق والشام، القاعدة، حزب الله. كلهم يجاهدون في سوريا، مضحّين بالدماء السورية، ليقلبوا مفاهيم الثورة من حرية وعدالة وكرامة إلى إقامة خلافة إسلامية بالسيف.
من جهة أخرى، تعدى الجهاد مسألة الموت، ليصبح دخيلا على متع الحياة، فها نحن نسمع عن مصطلح «جهاد النكاح» يندد به وزير الداخلية التونسي، قائلا: إن تونسيات عدن إلى بلادهن حوامل بعد مشاركتهن بـ«جهاد النكاح» في سوريا. أما في البلد المكلوم نفسه، فقد بثت وسائل الإعلام الرسمية شريطا مصورا لفتاة سورية لا تتعدى الخامسة عشرة من عمرها، تحكي كيف «سَمسَر» عليها أبوها، وفرّط بشرفها باسم الجهاد، مؤملها بالجنة إن ماتت شهيدة، وهي «تعاشر» المجاهدين.
وبين كل هذه الروايات (الجهادية) الصادق منها والكاذب.. ضاعت سوريا.
ويا أمة قرفت من (جهادها) الأمم.