كيف يمكن إقناع المستهلكين بشراء منتجات صديقة للبيئة؟
١٣ ديسمبر ٢٠١٢أفكار عالمية: تأسست شركتكم بهدف تسويق البن الإثيوبي البري. وقد قمتم الآن بتأسيسمشاريع لتسويق الكاكاو المنتج في الاكوادور والشاي المنتج في نيبال. ما هو الهدف الذي تصبون إلى تحقيقه؟
فلوريان هامرشتاين: نريد أن ندعم منتجات صغار المزارعين، بحيث يتحقق بشكل مواز أيضا هدف حماية الطبيعة، فالأمر يتعلقدائما بحماية الغابات والاستفادة منها في الوقت نفسه. مثال على ذلك: فصيلة عالية الجودة من نبات الكاكاو في إكوادو، يتم اقتلاعها بشكل متزايد لزراعة أنواع أخرى تنتج كميات أكبر من الكاكاو، وهي أنواع تدر أرباحا أكبر ولكنها قليلة الجودة من ناحية النكهة والطعم. ولا تنموالأصناف عالية الجودة إلا في ظلال أشجار الغابات وهي تحتاج إلى ظلال تلك الأشجار كنوع من الحماية. وشأنها شأن البن البري، فإن عملية حصادها شاقة إذ يجب قطف الثمار الناضجة باليد. ونظراً لأننا نحن والمستهلك ندفع مقابل هذه المنتجات عالية الجودة أسعارا مرتفعة، فالأمر يعتبر ذي جدوى اقتصادية عالية بالنسبة للمزارعين.
ما هو الدور الذي يلعبه التسويق بشكل عام في تحقيق التناغم بين حماية الغابات واستغلالها؟
تسويق منتجات الغابات وتحقيق أرباح عالية هو أمر مغر بطبيعة الحال، فالتسويق يمثل المفتاح الرئيسي لحماية الغابات بشكل ناجح.لكن هذا يتطلب بطبيعة الحال وجود مستهلكين مهتمين، يرغبون في معرفة من أين تأتي من المنتجات التي يستهلكونها، وعلى استعداد لدفع المال اللازم مقابل الحصول عليها. بدون توفر قنواتلبيع منتجات الغابات، لن تصبح فكرة حماية الغابات برمتها مجدية، وذلك بغض النظر عن كون الفكرة أساسا جيدة.
وهل يمثل هدف حماية الغابات تحديا كبيرا يواجه الشركات؟
يجب أن يكون رجال الأعمال والمساهمين على استعداد للانتظار لتدر استثماراتهم الأرباح المرجوة، ووقت الانتظار هو أطول بطبيعة الحال مقارنة بالاستثمارات العادية. في مجال إدارة الأعمال هناك مثل قديم يقول "الربح يكمن في الشراء"، ويمكن أيضا عكس المثل ليصبح "الخسارة تكمن في الشراء". أي إذا بدأت بدفع ثمن مرتفع للمنتجين بهدف تشجيعهم، فلا بد لي أولا من دفع الكثير من المال ثمنا للمنتج، وبالتالي الانتظار طويلا لتحقيق الأرباح.
وما السر وراء استعدادكم للانتظار؟
أعتقد أن المسؤولية التي تقع على عاتق الشركات تتجاوز مجرد المسؤولية عن السعر والجودة. للشراء دائما جانب أخلاقي، يتعلق بالظروف التي يعيش فيها المواطنون في الدول المنتجة.
ليس هناك الكثير من الشركات التي ترى بأن حماية الغابات هو أمر يقع ضمن مسؤولياتها.كيف تمكنتم من تطبيق الفكرة عمليا وإقناع المستثمرين بها؟
تطلب الأمر بالفعل نفسا طويلا وطاقة كبيرة.قبل ثمانية عشر شهرا، أخبرنا أحد المصارف التي نتعامل معها بأنه تراجع عن دعمنا بعدمناقشة داخلية، وبأنهم لم يفهموا الفكرة التي يقوم عليها استثمارنا. قد يكون من الصعب أيضا تفهم أننا لم نركز على تحقيق أقصى قدر من الأرباح في غضون فترة زمنية قصيرة، لكن الأمر يتطلب وقتا أطول لأننا نأخذ مصلحة المنتجين بعين الاعتبار، لأن منحهم فرصة فورية لكسب المزيد من المال، هو السبيل لوقف التدهور السريع للغابات.
حتى الآن تم التسويق في ألمانيا وسويسرا، هل هناك خطط لتوسيع التسويق؟
نعم، لدينا خطط ي هذا الاتجاه.هناك عموما فرص جيدة لتسويق المنتجات الصديقة للمناخ في كافة البلدان الصناعية نظرا إلى أن الدخل أعلى مقارنة بالدول الأخرى، ويمكن لسكان هذه الدول التفكير ي شراء سلع كمالية. ويعد النقاش حول مصدر القهوة وما إذا كانت منتجة بسبل "حيوية" أو "صديقة للبيئة" نوعا من الترف لا يمكن تحمله، ما لم تتوفر ظروف الرفاهية. فرص التسويق في بريطانيا والولايات المتحدة والسويد أكبر بكثير منها في ألمانيا، وفي هذا الصدد يمكن اعتبار ألمانيا بلدا ناميا، إذ لا يوجد فيها سوى سوق صغيرة للمنتجات الرفيقة بصحة البيئة والمناخ، والقسم الأكبر من السوق هو للعروض ذات الأسعار المنخفضة.
ما هي الصعوبات التي تواجهكم بشأن توسيع التسويق إلى بلدان أخرى؟
أحيانا كان من الصعب علينا التنبؤ بحجم الإنتاج، نحن بحاجة ماسة إلى استمرارية الإنتاج، وعند تحقق هذا الشرط فقط، يمكننا أن نلبي زيادة الطلب من الأسواق الجديدة على نحو فعال.في الوقت الراهن يمكننا تسويق ما نحصل عليه من منتجات. لكن موسم الحصاد السابق كان سيئا، وواجهتنا للمرة الأولى مشاكل في التسليم.لكن هذا يعتبر في نهاية المطاف أمرا طبيعي، فمنتجاتنا من القهوة والشاي والكاكاو لا تنتج بكميات هائلة للاستهلاك الرخيص.أعتقد أننا يمكن أن نحقق خمسة أضعاف الإنتاج الحالي، ولكن هذا هو الحد الأقصى.
هل فكرتكم بخصوص المنتجات الصديقة للبيئة تمثل نموذجا يحتذى به بالنسبة للمنتجات الغذائية الأخرى؟
نعم، ولكن للبعض وليس للجميع. وذلك لأن الفكرة جذابة ولا تنجح إلا بضمان توفر المواد الخام عالية الجودة، إذ أن شراءالمنتجات لا يمكن أن بشكل دائم بدافع الرأفة، فالسوق لا يعرف الرحمة إذا جاز التعبير.لا بد من حصول المستهلك على قيمة إضافية لإقباله على شراء المنتج، وما نقدمه هو الجودة والطعم المتميز، وإلا فإننا لن نثبت وجودنا في السوق على المدى الطويل. من المؤكد أن نموذجنا صالح للتنفيذ في مشروع أو آخر، ولكن حماية الغابات وحماية المناخ ترفع كلفة المنتجات، وإذا لم تكن النوعية جيدة، فلا أحد سيكون على استعداد لدفع أسعار أعلى على المدى الطويل. لذلك، نحن نعتقد بأن الحل الذي وجدناه، لن يمثل تلقائيا الحل المناسب للآخرين.