كيف ينظر السوريون إلى الوضع مع دخول الأزمة عامها الرابع؟
١٦ مارس ٢٠١٤في 22 فبراير/ شباط 2011، كتب تلاميذ من مدنية درعا- جنوب سوريا- شعارات مناهضة لنظام الحكم على جدران مدرستهم، هذه الشعارات تسببت باعتقالهم وتعرضهم لأقسى أنواع التعذيب. وفي منتصف شهر مارس/ آذار نظّم تجّار وباعة الحريقة -سوق تجاري وسط دمشق- مظاهرة احتجاجية بعد أن أقدم شرطي بضرب "حمّال للبضائع". واعتصم أهالي المعتقلين السياسيين في السادس عشر من الشهر ذاته، وكانوا قرابة ثلاثمائة شخص تظاهروا أمام وزارة الداخلية وسط العاصمة السورية، مطالبين السلطات بالإفراج عن ذويهم، ولم تمض دقائق على وقفتهم حتى قابلهم عناصر الأمن بالضرب وانهالوا عليهم بالعصي والهراوات وفرقوهم بالقوة. يومها جرح العشرات واعتقل 31 متظاهرا.
الحراك السوري بدأ سلمياً
سرعان ما اتسعت رقعة الاحتجاجات إلى باقي مدن ومناطق سوريا، في ما تميزت المظاهرات بسلميتها حتى نهاية عام 2011. لجين (24 سنة- طالبة جامعية) كانت من أوائل المشاركات في التظاهرات التي كانت تخرج في العاصمة دمشق. وبعد مرور ثلاثة أعوام، عبرت لـ DW عربية أنها كانت تحلم "بتغير النظام بشكل سلمي كما حدث في تونس ومصر"، ونقلت أنها "لمست الطاقة والشجاعة عند الشباب المشاركين في أولى التظاهرات لاسيما في كليات وأقسام جامعة دمشق".
إلا أنّ صورة المدينة تغيرت عليها وقالت "عم حس إنه الشوارع فاضية رغم ازدحامها الكبير، والبشر عبارة عن مجسمات يسكنون في ثكنة عسكرية والجميع يتحرك حسب الأوامر". لكن لبنى (30 سنة- ناشطة إعلامية) ترى من جانبها "أننا أمام ثورة طويلة الأمد قد تستمر لعدة سنوات، بعد أن تحول مسارها إلى صراع مسلح". لبنى ابنة حي الميدان الدمشقي أحد أرقى أحياء العاصمة الذي شهد تظاهرات حاشدة خرجت بالآلاف، أعربت لـ DW عربية أنّه "منذ بداية العام الماضي بدأت ملامح الحرب الأهلية تتجسد بشكل واضح على الأرض، ما ينذر بأن الحسم العسكري سيستغرق وقتاً طويلاً".
"سوريا تتجه نحو مزيد من القتل والدمار"
بحسب المعارض السياسي بدر منصور، فإن سوريا تتجه نحو مزيد من القتل والدمار والتفتت الذي سيصيب البنية التحتية والاقتصادية. أما السياسي المعارض بدر منصور فأكد لـ DW عربية أنّ الدولة السورية "تتجه إلى نظام لامركزي على أقل تقدير، وذلك بعد سنوات ربما من القتال والموت والمزيد من التدخل الدولي لاستنزاف كل شيء فيها حتى تغدو دولة عاجزة عن الوقوف ثانيةً، بعد فقدانها لأي مقوم من مقومات الدولة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً".
من جانبه، تطرق الدكتور هشام من منطقة المالكي أحد أرقى أحياء العاصمة دمشق في حديثه لـ DW عربية إلى مشكل الأقليات التي اشتد خوفها في السنوات الثلاث الأخيرة من الكتائب المتطرفة، موضحا أن "الاعتقاد السائد لدى الأقليات بأن نظام الأسد يحميها هو اعتقاد خاطئ، ففي حقيقة الأمر، النظام هو من يحتمي بالأقليات". وحول صمود النظام رغم الصراع الطاحن بسوريا، يوضح الدكتور هشام أنه "لولا الدعم الروسي والإيراني إضافة لدعم رجال الأعمال المقربين من السلطة لكانت الدولة قد انهارت منذ اندلاع الأزمة في سنتها الأولى. ومع ذلك يصعب التنبؤ بمدى استمرار هذا الصمود في ظل تغيرات الوضع الدولي بدخول الأحداث عامها الرابع".
أربعة عقود والنظام الحاكم يتمسك بالسلطة
بيد أن النظام السوري لا يزال متمسكا بالسلطة وبقوة، وهذا ما عكسه بوضوح قانون الانتخابات الجديد والذي حدد شروطاً يحرم الكثير من السوريين من حقّ الترشح، يقول المعارض بدر منصور. وأقر البرلمان مؤخرا وبالإجماع قانوناً لتنظيم الانتخابات الرئاسية ونص "على من يريد الترشح لمنصب رئيس الجمهورية أن يكون مقيماً في سوريا مدة لا تقل عن عشر سنوات إقامة دائمة متصلة عند تقديم طلب الترشيح". وجاء في مادة أخرى من القانون "أن يحصل المرشح على تأييد خطي لترشيحه من 35 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب". رغم ذلك، يؤكد السياسي بدر منصور لـ DW عربية أنّ الشعب السوري "لن يتنازل عن حريته التي حرم منها طويلاً حتى وإن لم يتحقق الكثير إلى (غاية اللحظة) من ثورة الكرامة". وكان الرئيس السوري الحالي بشار الأسد قد تسلّم الحكم في 17 تموز/يوليو من العام 2000 بعد وفاة والده الرئيس حافظ الاسد الذي حكم البلاد لثلاثة عقود، وأعيد انتخابه عام 2007 لولاية ثانية لمدة سبع سنوات تنتهي في صيف العام الجاري.