كينونة الاسرة في الثقافتين العربية والالمانية: نظرة مقارنة
١٥ مايو ٢٠٠٦يحتفل العالم اليوم الموافق الخامس عشر من أيار/مايو بيوم الأسرة العالمي. ومفهوم الأسرة يفهمه كل شخص حسب عاداته وتقاليده ودينه ومجتمعه الذي تربى فيه. ولكل شعب ولكل حضارة تعريفها الخاص لمعنى الأسرة ودورها في بناء الفرد والمجتمع. ونلحظ اختلافا واضحا ما بين الأسرة العربية والأسرة الغربية. فلكل منهما نظرته الخاصة للأسرة وللزواج وللأطفال. كل منهما يتفق على ان الأسرة مجتمع صغير يجب ان تسود فيه المحبة والمودة والاحترام ليتمكنوا من بناء مجتمع كامل. ولكن تظهر الاختلافات في طريقة ممارسة كل منهما لهذه الحياة الأسرية، وفي عدد الأطفال وفي نظرتهما للحياة الزوجية وما يترتب عليها من مسؤوليات.
الأسرة الأوروبية في تغير ملحوظ
تتصف الأسرة الغربية عادةً بقلة عدد الأطفال، واستقلالية أفرادها. فلا تجد في الأسرة الغربية ذلك الترابط الكبير الذي يوجد في الأسرة العربية. ولولا أن الطلاق ممنوع في بعض الدول التي للكنيسة الكاثوليكية تأثيرا كبيرا عليها، لفكر الكثير من الرجال بالطلاق من زوجاتهم بدلا من خيانتهن بشكل سري بسبب فشل العلاقة الزوجية بين الطرفين. وفي هذا المجال فإن معدل الأسر في الاتحاد الأوروبي تغير اليوم بشكل غير معهود مقارنة بالماضي. فتشير اخر إحصائيات لمكتب دائرة الإحصاءات الأوروبي أن هناك علاقة من بين كل علاقتي زواج تنتهي بالطلاق. وأصبح المولود الثالث يأتي من علاقة غالبا ما تكون خارج إطار العلاقة الزوجية. وقد سُجل 2.2 مليون زواج في عام 2004 ولكن في نفس الفترة هناك مليون علاقة منها انتهت بالطلاق. هذا وقد سجلت في كل من قبرص والدنمارك ومالطا أعلى معدلات زواج بين دول الاتحاد الأوروبي المكون من 25 دولة. حيث وصل المعدل في قبرص الى 7.2 لكل ألف شخص، والدنمارك 7 ومن ثم مالطا 6. أما أدنى معدلات فقد سُجلت في سلوفانيا حيث كانت النسبة 3.3 لكل ألف شخص.
منع الطلاق لم يزد معدل الإنجاب
تتقدم كل من الجمهورية التشيكية ولتوانيا على دول الاتحاد الأوروبي بمعدلات الطلاق، حيث تصل نسبة الطلاق الى 3.2 لكل ألف شخص. بينما في مالطا وايرلندا وايطاليا فتنخفض نسبة الطلاق لتأثير الكنيسة الكاثوليكية على الحياة هناك. حيث تصل نسبة الطلاق في ايرلندا 0.7 وفي ايطاليا 0.8 لكل ألف شخص. أما في مالطا فلا يوجد حالات طلاق بالبتة لأن الطلاق غير مسوح به في جزيرة البحر المتوسط. وبالرغم من تأثير الدين في الحياة العامة للناس الأوروبيين ومنعه للطلاق. إلا أن معدلات الإنجاب تبقى متدنية مقارنة بالدول الأخرى. وأعلى نسبة إنجاب كانت حسب الإحصائيات في ايرلندا حيث كانت النسبة 15.2 لكل ألف شخص. ومن ثم فرنسا بنسبة 12.7 ويليها كل من بريطانيا والدنمارك ولوكسمبورغ بنسبة 21 لكل ألف شخص في كل منها. وبالرغم من التأثير القوي للكنيسة الكاثوليكية في ايطاليا وبولندا إلا ان معدلات الإنجاب منخفضة جدا فيها حيث تصل الى 9.7 في ايطاليا و9.3 في بولندا. أما ألمانيا فتأتي في اخر مرتبة من حيث معدلات الإنجاب، حيث تصل النسبة فيها الى 8.6.
علاقات غير شرعية
تشير أحدث الإحصائيات أن الطفل الثالث من بين 4.8 مليون طفل وُلد في دول الاتحاد الأوروبي وُلد خارج إطار العلاقة الزوجية الشرعية. وهذه الظاهرة تنتشر غالبا في منطقة الشمال في الدول الاسكندنافية ودول جزر البلطيق. فتصل النسبة الى 57.8 في استونيا، وفي السويد 55.4، بينما تصل 45.4 في الدنمارك، يليها لاتفيا 45.3، وفي فرنسا 45.2.
ولا تنتشر هذه الظاهرة بشكل كبير في دول جنوب أوروبا، ففي قبرص تصل النسبة الى 3.3، وتصل في اليونان الى 4.9، وفي ايطاليا 14.9. وقد نالت قبرص جائزة لأفضل أنموذج لحجم الأسرة، حيث 10 بالمائة من العائلات هناك ينجبون ثلاث أطفال أو أكثر، مقارنة بما نسبته 4 بالمائة لدول الاتحاد الأوروبي الأخرى. أما بما يتعلق بالمصاريف الأسرية، فيذهب ما نسبته 21 بالمائة من ميزانية الأسرة الى أمور منزلية ضرورية كالغاز والكهرباء والماء. وفقط في قبرص ولتوانيا ومالطا والبرتغال من بين كل دول الاتحاد الأوروبي ينفقون على الطعام والسفر والتنقل أكثر مما ينفقون على المنزل. بينما في بريطانيا والنمسا ينفق الناس هذه الأيام المال بشكل كبير على الأمور الترفيهية والنشاطات الثقافية.
المرأة عماد الأسرة العربية
تعتبر الأسرة في الوطن العربي نواة المجتمع، وتتميز بزيادة معدلات الإنجاب فيها. وقد تغير حال الأسرة منذ ان دخلت المرأة معترك الحياة العملية. فنجد المرأة المثقفة ترفض أن تبقى بالبيت وترعى أطفالها وتقوم بتأدية واجباتها المنزلية فقط، بل أصبحت تطالب بمشاركة الرجل بالعمل خارج المنزل، مما قلل الوقت الذي تقضيه الأم مع أطفالها. وسبب لها العديد من المشاكل الزوجية. ولكن هناك الكثير من النساء العربيات اللواتي أثبتن قدرتهن على العمل داخل وخارج البيت دون أن يؤثر أيا منهما على الآخر. وفي هذا السياق تقول السيدة إيمان عوف مديرة مركز أهالينا لدعم وتنمية الأسرة المصرية :" في الوطن العربي وفي مصر على وجه التحديد تعتبر المرأة المكون الرئيس للأسرة، فبعد ان كان يقتصر عملها على رعاية الأطفال والاهتمام بشؤون بيتها أصبحت أيضا تساهم اقتصاديا في الأسرة. وفي مصر هناك الكثير من العائلات التي تعيلها المرأة. ولكن الظروف الصعبة التي تتعرض لها في عملها جعلها تقصر نوعا ما بحق زوجها وأطفالها وبيتها. فهي تعمل 7 ساعات يوميا وبظروف عمل غير جيدة وتتلقى أجرا قليلا. وما ان ترجع الى بيتها حتى تكون متعبة وغير قادرة على تحمل طلبات زوجها وأولادها".
الفقر من أهم أسباب الطلاق
وتضيف السيدة عوف:"إن أكثر مشكلة تتعرض لها الأسر العربية هي غياب الديموقراطية داخل الأسرة، وبالتالي كثرة الخلافات بين الزوجين، وبين أفراد الأسرة جميعها". وبما يتعلق بازدياد حالات الطلاق في الوطن العربي وفي مصر تحديدا، أرجعت السيدة عوف الأمر الى العديد من الأسباب فقالت:" من أهم الأسباب المؤدية للطلاق هو الفقر وما يترتب عنه من خلافات داخل الأسرة وعدم تحمل الزوج نفقات الأسرة وعدم مراعاة الزوجة والأولاد للظروف الصعبة التي قد يمر بها الزوج. فقد تتطلع الزوجة لحالة اقتصادية أفضل ولكن الزوج ليس عنده الإمكانيات المناسبة مما يدعوها لطلب الطلاق. ناهيك عن الخلافات العائلية وتدخل أهل الزوج وأهل الزوجة في حياتهما. وكذلك المشاكل الجنسية والعجز الجنسي قد تعتبر من أهم أسباب الطلاق في الأسر العربية".