"لا يهم من يحكم في الدول العربية بل كيف يحكم"
١ مايو ٢٠١٢طارق رمضان، أستاذ الدراسات الإسلامية، في جامعة أكسفورد، صنفته مجلة " تايم" من بين أهم 100 شخصية في العالم. لكنه يعتبر في الوقت نفسه من الشخصيات المثيرة للجدل، فمن جهة يحظى رمضان بتقدير البعض، ومن جهة أخرى أثار مرات انتقادات وجدلا حول مواقفه من بعض القضايا. DW عربية حاورته حول قراءته لما يحدث في المنطقة العربية. وإليكم نص الحوار:
دويتشه فيله: الأستاذ طارق رمضان، مضى ما يزيد على سنة عن بداية التحولات السياسية المفاجئة، التي عرفها العالم العربي. هل لازلت متحفظا في تسمية هذه التحولات "ربيعا عربيا" وثورات"؟
كما تعرف أنا لا أسمّي ما يحدث في العالم العربي "ثورة" أو" ربيع عربي"، بل هي بالنسبة لي عبارة عن صحوة عربية وانتفاضات تشهدها دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط. يجب علينا التأني في الحكم ونتابع كيف ستتطور الأحداث في المستقبل: مثلا في تونس، التي نجحت إلى حد كبير في تحقيق الاستقرار والأمن بعد إسقاط النظام، لازال الوقت مبكرا في التحدث عن "ثورة" أو عن "ربيع عربي"، حيث لازالت هناك أسئلة كبيرة عالقة يجب التطرق إليها، من بينها بزوغ التيار السلفي، الذي من شأنه أن يؤثر على هذا الاستقرار. هناك مسألة أخرى مهمة أيضا وهي تطور العلاقة بين الإسلاميين والإصلاحيين والعلمانيين في تونس. أما إذا شاهدنا الوضع في مصر فهو أكثر تعقيدا، حيث يسود عدم الاستقرار والأمن، ولازال الجيش يلعب الدور الأكبر وراء الكواليس. ولا تزال الأمور غير واضحة. الأمر الذي ينطبق أيضا على باقي الدول العربية الأخرى.
طارق رمضان: لكن أليست هذه نظرة متشائمة لما تشهد المنطقة العربية؟
أنا في الحقيقة متفائل، لأن الشعوب استوعبت أنه باستطاعتها صنع التغيير بطرق سلمية دون أن تستعمل العنف. الشعوب استوعبت أنه باستطاعتها الإطاحة بالأنظمة الديكتاتورية الحاكمة. ربما لا ينطبق هذا على الأحداث الراهنة في سوريا، حيث لا يزال الأمر صعبا. ولكن في نفس الوقت يجب أن يكون هذا التفاؤل حذرا.
التيارات والأحزاب الإسلامية تعتبر الرابح الأكبر من هذه التحولات، وهذا ما يثير إلى حد ما بعض التخوفات في الدول العربية والغربية أيضا، حيث يقول البعض إن نجاح الإسلاميين "قد يهدد نجاح الثورات"، ما رأيك في هذه المخاوف؟
هذا أمر يختلف حسب التطورات والتوجهات. لكنني عموما لا أرى في صعود الأحزاب الإسلامية تهديدا، فمعظمهم ديمقراطيون ويؤمنون بالديمقراطية. الأمر الذي نراه حتى الآن في تونس أو في التجربة التركية التي بدأت منذ عدة سنوات. ولهذا فمن الممكن أن تسير هذه الدول أيضا في طريق الديمقراطية. ولكنني أرى أن النقاش حول شكل وتركيبة الأنظمة، التي من شأنها أن تصل إلى الحكم، هو نقاش سطحي. أرى أنه من الأجدر مناقشة الأمور الأكثر أهمية، والتي أشرت إليها في كتابي:" الصحوة العربية: الإسلام والشرق الأوسط الجديد". و في هذا الصدد أقول إنه علينا بحث كيفية معالجة المشاكل الاقتصادية لهذه الدول وتحسين النظام التعليمي فيها بالإضافة إلى مكافحة الرشوة والفساد وتقليص نسب البطالة. وهذه هي المشاكل الحقيقية لهذه الدول بالإضافة إلى تعزيز دور المرأة في المجتمع.
تجري في مصر الاستعدادات للانتخابات الرئاسية وقد تم الإعلان على لائحة المرشحين لمنصب رئاسة الجمهورية، ومن بينهم أيضا بعض المرشحين الإسلاميين، هل سيكون رئيس الجمهورية القادم من الإخوان المسلمين؟
لا أعتقد ذلك. لكنني لا أستطيع الجزم، فكل شيء أصبح ممكنا، وقد أصبح من الصعب تقييم اتجاهات الناس وآرائهم. لكن المرشحين الأوفر حظا هما في نظري: عمرو موسى ومنعم أبو الفتوح. ولكن، لا أحد يدري ما سيحدث. لكن ليس من المهم من سيحكم بل كيف سيحكم، أي نوعية السياسة الذي سيتبعها. ولكن، للأسف، أرى لحد الآن أن الخطاب في مصر لا يزال سطحيا ويفتقد إلى رؤية وبعد نظر، فكل واحد يحاول فقط الاستفادة على حساب الآخر دون أي رؤية واضحة وشاملة.
في حال فاز مرشح إسلامي بالانتخابات الرئاسية في مصر، إلى أي حد ستلعب الشريعة الإسلامية دورا في الدستور الجديد للبلاد؟
هذه نقطة خلاف بين مختلف التيارات، حتى داخل صفوف الإخوان المسلمين. ففي تونس مثلا تم اتخاذ قرار بعدم أخذ الشريعة كمرجعية للدستور. أما في مصر فهناك تياران مختلفان: السلفيون يتشبثون بفكرة اعتماد الشريعة كجزء من الدستور، في حين يقول الآخرون إنه من الممكن اتخاذ الشريعة كمرجعية ولكن في إطار دولة مدنية، أو ما يصطلح عليه بالدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية. وهذه نقاشات من شأنها أن تلعب دورا مهما وأن يكون لها تأثير كبير على المستقبل السياسي في هذه الدول، ولكن ليس باستطاعتها إيقاف المسار الديمقراطي. الحديث عن الدستور المقبل ليس هو ما يهدد التطور الديمقراطي. يجب علينا الاهتمام أكثر بالنقاش حول دور العسكر والقوى الأخرى التي تهدد المسار الديمقراطي بأكمله.
أجرى الحوار: أمين بنضريف ـ برلين
مراجعة: شمس العياري