لاجئون عالقون في "بنات" بين حدود ثلاثة بلدان
٢٦ نوفمبر ٢٠١٧"بنات" رقعة جغرافية تتقاسمها منطقة شرق رومانيا وشمال غرب صربيا وجنوب شرق هنغاريا. في هذه المنطقة بات مسار البلقان الذي يتبعه المهاجرون يصطدم بنهاية مغلقة، فسياج الأسلاك الشائكة المنيع الذي أقيم على الحدود بين صربيا وبين هنغاريا بات يحرف مسارهم إلى رومانيا التي لا تمثل هدفا للاجئين، لكنها في الغالب محطة يجبرون على الإقامة فيها بسبب افتقارهم لجوازات سفر ولتأشيرات سفر غالبا، ما يجعل منهم "مهاجرين غير قانونيين".
لمعبر "سينادا" الحدودي ذاكرة تروي تفاصيل مختلفة. "روكسانا كوستاكه" الناطق الرسمي لشرطة حدود تيمشوارا رافقت موفد مهاجر نيوز إلى المعبر الحدودي، وشرحت الموقف الرسمي بالقول: "في الأشهر التسعة الأخيرة، عثرت شرطة الحدود في مقاطعة تيمش على أكثر من 1400 شخص أجنبي حاول عبور الحدود الرومانية بشكل غير قانوني، من بينهم 1300 شخص حاول العبور بشكل غير قانوني من صربيا إلى رومانيا، وفي نفس الوقت، وفي منطقة الحدود مع هنغاريا، عثرت الشرطة على مائة وخمسة عشر شخص أجنبي من طالبي اللجوء يحاولون مغادرة رومانيا بشكل غير قانوني متجهين إلى هنغاريا".
بوسع من يقف عند المعبر الحدودي على بعد 500 متر من الشريط الحدودي أن يرى بالعين المجردة المرتفعات الهنغارية التي تلوح في الأفق الشرقي والغربي، وهي التي تمثل هدفاً حقيقيا يتمنى المهاجرون الوصول إليه ليعبروا من خلاله إلى غرب أوروبا، فيما تمكن موفد مهاجر نيوز أن يلقي نظرة على المنطقة المشتهاة التي يروم وصولها أغلب المهاجرين.
الناطق الرسمي لشرطة الحدود حدد جنسيات طالبي اللجوء الذين عثر عليهم بالقول: "أغلب هؤلاء من العراق، يليهم القادمون من سوريا، ثم القادمون من باكستان، ثم القادمون من أفغانستان وإيران".
في معبر "سيناد" الحدودي تتبادل قوات الشرطة من البلدان الثلاثة (رومانيا ، هنغاريا، صربيا) تنسيق المواقف، وترتيب إدارة المعبر وتنظيم العابرين من خلاله. حاول موفد مهاجر نيوز التحدث إلى أي منهم فاعتذروا لأسباب تتعلق بالإدارات المرتبطين بها، وضرورة التنسيق معها قبل إجراء أي لقاء صحفي.
حلم الوصول إلى الغرب
في تيمشوارا، المدينة التي تعد نصف مليون نسمة، والتي شهدت انطلاق الثورة على نظام تشاوشيسكو الشيوعي عام 1989، التقى موفد مهاجر نيوز ببعض طالبي اللجوء، ومن بينهم العراقي كوران عبد السلام البالغ من العمر 35 عاماً، والذي يقول إنّ أباه عربي وأمه كردية، وهو مقيم حالياً في مخيم "سترادا آرمونيه".
وقد كشف لمهاجر نيوز" أنا من الموصل وقد عشت وحيدا، حيث توفيت أمي ولي من العمر عام واحد، ثم قتل أبي في انفجار عام 2007 وبقيت وحيدا، ولم أستطع مواصلة دراستي، فتركتها بعد خمس سنوات (الصف الخامس الابتدائي). بدأت أعمل وأنا طفل، واستمر الحال كذلك حتى عام 2016. في شهر آب/ أغسطس عام 2016 اضطررت إلى مغادرة العراق بعد أن طاردتني ميلشيات شيعية وميلشيات كردية بسبب عملي منذ عام 2004 مع الشركات الأمنية الأجنبية".
وتحدث كوران عن قدرته على تعلم اللغات المختلفة، كاشفاً أنه تمكن من إتقان أربع لغات بجانب لغتيه العربية والكردية، وعند التحدث معه بالإنكليزية أبدى تمكنا من اللغة أثبت قدرته فيها، وكذلك حاوره بعض الحاضرين في المكان بلغات أخرى يتقنها، وأثبت أنه قادر تماما على التفاهم بها بشبه طلاقة ودون أخطاء تقريبا.
واصل كوران وصفه لسبب هجرته بالقول: "حضرت اجتماعات خلف أبواب مغلقة في العراق بين الحكومة وبين أطراف دولية أخرى، وبعد أن انتهى عملي مع شركات الحماية الدولية، طاردتني الحكومة العراقية وأصدرت أمرا بقتلي".
وبين كوران أنه تعلم اللغات المختلفة عن طريق السماع، وباتت تلك اللغات وسيلته للعمل، مضيفا أنّ بقاءه في معسكر للاجئين في صربيا مع طالبي لجوء أفغان كان سببا لتعلمه اللغة الدارية (الفارسية بلكنة أفغانستان).
ولدى سؤاله عن طريق وصوله إلى أوروبا قال كوران: "خرجت من العراق في شهر آب/أغسطس 2016 عن طريق تركيا حيث بقيت فيها نحو شهر، ومنها سافرت على الأقدام إلى بلغاريا التي بقيت فيها 3 أيام، من بلغاريا عبرت إلى صربيا وبدأت العمل في مطعم هناك فتعلمت بعض اللغات (...) وبقيت في صربيا 4 أشهر، بعدها وصلت إلى رومانيا عبر معبر سيناد حيث تسلمتني شرطة الحدود في الثاني من الشهر الرابع عام 2017 وجاءت بي إلى مخيم "سترادا آرمونيه" حيث أني مشمول بقانون الحماية منذ ذلك التاريخ".
يروم كوران أسوة بأغلب المهاجرين وطالبي اللجوء الوصول إلى أوروبا الغربية، وينتظر أن تقبله إحدى تلك الدول ليغادر رومانيا.
ملهم الملائكة - رومانيا