لبنان يمنح الفلسطينيين حقوقهم المدنية ـ "أية حقوق"؟
١٨ أغسطس ٢٠١٠يستغرب غسان عبد الله، المدير العام للمنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان في لبنان (حقوق)، التقارير الإعلامية التي تحدثت عن موافقة البرلمان اللبناني يوم أمس الثلاثاء (17 آب/ أغسطس 2010) على "قانون يمنح اللاجئين الفلسطينيين حقوقا مدنية أساسية"، متسائلا "عن أية حقوق مدنية يتحدثون"؟ فالبرلمان اللبناني لم يتطرق، برأيه "لا من قريب ولا من بعيد إلى الحقوق المدنية للفلسطينيين في لبنان؛ وكل ما حصل أنه عدل قانونا، وبشكل جزئي، يتعلق بالحقوق الاقتصادية، وهو حق العمل".
ويضيف الحقوقي الفلسطيني غسان عبد الله، في حوار مع دويتشه فيله، بأن ما تحقق هو أمر "شكلي ولا يلامس جوهر معاناة الفلسطينيين في لبنان". فلبنان يهدف من وراء هذا التعديل القانوني إلى "تلميع صورته أمام المجتمع الدولي، لأنه أمام استحقاقات تتعلق بحقوق الإنسان". إذ من المفروض أن تقدم الحكومة اللبنانية، في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، تقريرا حول أوضاع حقوق الإنسان في لبنان إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
لاجئون أم أجانب؟
وإذ يقر نديم حوري، المتحدث باسم منظمة هيومان رايتس ووتش الأمريكية لحقوق الإنسان في لبنان، بأن مجلس النواب اللبناني لم يقر قوانين أو يجري تعديلات بخصوص الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين وبأنه اكتفى بحق العمل، فإنه يرى في التعديل القانوني لهذا الحق "خطوة إيجابية وفي الاتجاه الصحيح". ويضيف حوري، في حوار مع دويتشه فيله، بأنها "المرة الأولى في تاريخ لبنان الحديث التي يجتمع فيها مجلس النواب اللبناني ليقر قانونا لتحسين أوضاع الفلسطينيين في لبنان بما يشبه الإجماع".
وكانت تقارير إعلامية تتحدث عن وجود اثنتين وسبعين مهنة يحظر على اللاجئ الفلسطيني ممارستها في لبنان، كالمحاماة والهندسة والطب والتمريض وبعض المهن اليدوية. إلا أنّ حوري يقول إن عدد هذه المهن أقل من ذلك بكثير وهي تتراوح بين 18 إلى 25 مهنة و"أن المشكلة لم تعد متعلقة بقانون العمل بل بقانون النقابات نفسها". فبعض المهن الحرة كالمحاماة والطب والصيدلة تحتاج إلى رخصة من النقابة المختصة وليس من وزارة العمل.
وإذا كان التعديل الجديد يمنح الفلسطينيين الحق بالعمل في جميع المهن، التي يسمح للأجانب العمل فيها، فإنه يصطدم بعقبة النقابات المهنية التي تشترط مبدأ المعاملة بالمثل في منحها لرخص العمل. بمعنى أنه إذا كانت دولة هذا الشخص الأجنبي تسمح للمواطنين اللبنانيين بممارسة هذه المهنة أو تلك على أراضيها فإن لبنان يعامل مواطنيها بالمثل. لكن ليس للفلسطينيين دولة وبالتالي "كيف يمكن للبنان أن يعاملهم كأجانب"؟ يتساءل غسان عبد الله غاضبا. ويضيف "القوانين اللبنانية مجحفة بحق الفلسطينيين فهي لا تعترف بهم كلاجئين كي لا تمنحهم حقوقهم المنصوص عليها في القوانين الدولية".
"معركة حق التملك قادمة"
وإلى جانب حق العمل فتح التعديل القانوني الجديد الباب أمام الفلسطينيين في لبنان للاستفادة من الضمان الاجتماعي الذي يوفره القانون اللبناني بالنسبة إلى ما يعرف بقانون نهاية الخدمة (التقاعد). إذ أقر التعديل آليات لإنشاء صندوق خاص للضمان الاجتماعي للفلسطينيين بحيث لا تتحمل الدولة اللبنانية أعباءه المالية. ولا يشمل التعديل استفادة الفلسطينيين من صندوق الضمان الاجتماعي للمرض.
وبالرغم من أن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي كانت كتلته البرلمانية قد تقدمت باقتراحات إلى البرلمان لمنح الفلسطينيين حقوقا مدنية، وصف التعديل بـ"الإنجاز الذي حصل نتيجة التوافق" إلا أنه اعتبر أن "المعركة التالية قادمة وهي معركة حق التملك". لكن المدير العام للمنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان في لبنان غسان عبد الله غير متفائل بإقرار تعديل قانوني آخر حول الحقوق المدنية للفلسطينيين وخصوصا حق التملك. ويضيف متسائلا "انتظرنا اثنين وستين عاما كي نأخذ حقا مجتزءا من حقوق العمل، فهل ننتظر ستين سنة أخرى كي نحصل على قانون جديد يسمح لنا بحق التملك؟".
إلا أن الباحث اللبناني في منظمة هيومان رايتس ووتش والمتحدث باسمها نديم حوري يدعو إلى "النظر في النصف الملآن من الكأس وليس الفارغ". فهذا التعديل، وبالرغم من أنه جاء متأخرا وغير كاف، فإنه يعتبر "خطوة مهمة يمكن البناء عليها في الحقوق الأخرى كحق التملك". ويضيف حوري بأن هناك "كتلا سياسية لبنانية مستعدة لمنح الفلسطينيين كل حقوقهم وعدم الاكتفاء بحق العمل، لكن الأمر يحتاج إلى نقاش وطمأنة مخاوف الآخرين وخصوصا المسيحيين". يشار إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يقدر بـ 425 ألف لاجئ حسب إحصائيات الأمم المتحدة.
أحمد حسو
مراجعة: طارق أنكاي