لعبة "ماينكرافت" تتحدى الرقابة على الإنترنت
٧ مايو ٢٠٢٠مع انتشار استخدام الشبكة العنكبوتية في الاطلاع على المعلومات ومقارنة الأوضاع في العالم، أصبحت الكثير من الدول تفرض رقابة شديدة على ما يستطيع مواطنيها الاطلاع عليه. وتعاني الجهات الإعلامية على وجه الخصوص من الحجب، فالعديد من محتويات DW مثلاً ممنوعة في بعض البلدان منها إيران والصين. توجد في هذه الحالات ثغرات تكنولوجية يُمكن استخدامها للاطلاع على المحتويات المحجوبة، مثل برنامج " سايفون" الذي يُمكن تحميله على الأجهزة الإلكترونية. طريقة أخرى مبتكرة للتحايل على الرقابة أعلنت عنها المنظمة غير الحكومية "مراسلون بلا حدود" في اليوم العالمي ضد رقابة الإنترنت، وهي عبارة عن مكتبة افتراضية أخفتها في دهاليز لعبة "ماين كرافت" الشهيرة. كانت الفكرة هنا أنه حتى في البلدان التي تمارس الرقابة على الإنترنت، مازالت ألعاب الفيديو والكمبيوتر متاحة، وعن طريق هذه الالعاب من الممكن أيضاً نشر المعلومات لأعداد كبيرة من المستخدمين.
نصوص ممنوعة في خمس دول
تُعد لعبة "ماين كرافت" من أنجح وأشهر ألعاب الكمبيوتر إذ يستخدمها أكثر من 145 مليون شخص حول العالم كل شهر. تتكون اللعبة من كتل ومكعبات يستطيع اللاعب ترتيبها وتركيبها في شبكات ثلاثية الأبعاد وبناء الأشياء بها. استغلت منظمة "مراسلون بلا حدود" شهرة وانتشار اللعبة لإتاحة المحتويات الممنوعة في العديد من دول العالم ومنها مصر، والسعودية، وروسيا، والمكسيك وفيتنام. وبحسب أقوال المشرفة على المشروع كريستين بيسه، تم اختيار هذه البلدان لوجود أعداد كبيرة من لاعبي "ماين كرافت" فيها. لكنها تؤكد غلى أن مشروع "المكتبة الافتراضية ضد الرقابة" سيشمل بلاد أخرى فيما بعد.
تضم المكتبة مقالات وكتب ممنوعة في بلدانها الأصلية، بالإضافة إلى محتويات من صحفيين تم نفيهم أو سجنهم أو اغتيالهم. فمثلاً يستطيع اللاعبون الاطلاع على مقالات الصحفي السابق في" واشنطن بوست" جمال خاشقجى الذي تم قتله في السفارة السعودية بإسطنبول عام 2018. كما تحتوي المكتبة على مقالات للصحفي المكسيكي خافيير فالديز الذي قُتل بإطلاق النار عام 2017. بالإضافة إلى ذلك تحتوي كتابات الصحفيان نجوين فان داي من فيتنام و يوليا بيريزوفسكايا من روسيا اللذان يعيشان و يعملان في المنفى. تقول كريستين بيسه أن الأولوية في قرار نشر المحتويات هي دائماً لسلامة الصحفيين، مضيفة: "نحن لا نريد تعريض أحد للخطر."
"القلم أقوى من الرقابة"
اللافت للنظر أن المقالات في المكتبة ليست فقط باللغة الإنجليزية، بل أيضاً باللغة الاصلية لكل بلد. يقول جايمز ديلاني، وهو مدير شركة "بلوك ووركس" التي صممت المكتبة الافتراضية: " أفضل طريقة في مقاومة الرقابة هي إتاحة المحتويات باللغات الأصلية لتصل إلى أكبر عدد ممكن من الناس."
أمضى فريق الشركة المكون من 24 عاملاً في جميع أنحاء العالم أكثر من ثلاثة اشهر لتصميم المكتبة الافتراضية بداخل اللعبة. استخدم العاملون أكثر من 12 مليون مكعباً لبناء مكتبة ذات ممرات عملاقة ورفوف لا نهائية مليئة بالكتب، كما بنى المصممون أمام المكتبة تمثالاً عبارة عن يد قابضة على قلم كرمز لقوة الكلمات.
الألعاب ليست للرفاهية فقط
يتمنى ديلاني أن ينتشر الخبر عن المكتبة الالكترونية خاصة بين مستخدمي يوتيوب وغيرهم من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي. من قبل كانت ألعاب الكمبيوتر غير منتشرة بكثرة وحكراً على فئات معينة. أما حالياً فقد أصبحت هذه الالعاب جزءاً من الثقافة العالمية، بل واشتهر العديدون على موقع يوتيوب فقط من خلال تصوير أنفسهم وهم يلعبون لمدة ساعات. فبحسب ديلاني "يوجد حالياً أكثر من 2 مليار لاعب في العالم والعدد في ازدياد، وهذا يُعد أهم تطور ثقافي في السنوات العشر الماضية. لذلك من المهم مشاركة هذا القطاع في مناقشة المواضيع الشائكة أسوة بقطاعي السينما والتليفزيون". ومن خلال هذه الألعاب من الممكن أيضاً الوصول بسهولة أكبر للشباب، فمتوسط عُمر لاعب "ماين كرافت" هو 24 عاماً. هذا ما يراه الصحفي و الناشط الفيتنامي "نجوين فان داي" الذي سُجن لسنوات طويلة في بلده، ويقول نجوين في هذا السياق: " إذا أردنا تغيير المستقبل يجب علينا الوصول إلى الجيل الجديد."
ليست هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها منظمة "مراسلون بلا حدود" وسائل مبتكرة للتحايل على مقص الرقابة الإلكترونية، حيث قامت في 2018 بإطلاق قائمة اغاني بكلمات نصوص ممنوعة من النشر في خمس دول. لاقت هذه الفكرة نجاحاً بل واحتلت مجموعة الأغاني حينها المركز السابع في قائمة أفضل الأغاني في فيتنام.
ماتياس فون هاين/ سلمى حامد