"لقاء دمشق محاولة لسلوك طريق وسط بين النظام القمعي والانتفاضة"
٢٦ يونيو ٢٠١١دويتشه فيله: ماذا تنتظر من هذا اللقاء التشاوري؟
ياسين الحاج صالح: أعتقد أنه واحدة من محاولات طيف واسع من السوريين لإبداء الرأي، أو لأن تكون لهم كلمة في الأزمة التي تعيشها سوريا منذ أكثر من مئة يوم؛ وهو من حيث المبدأ مسعى محمود ومشروع طبعاً، ولا يمكن التشكيك فيه. السؤال هو: هل من المحتمل أن تخرج منه نتائج إيجابية؟ هل سيكون أداة ضغط على النظام لمصلحة الانتفاضة أو لمصلحة التغيير في البلد، أم بالعكس ربما يكون أداة ضغط بيد النظام لعزل الانتفاضة أو لإضعاف قضيتها أو لوصف المشاركين بالانتفاضة بالتطرف السياسي؟
السياق السياسي هو المهم. هناك اعتقالات وهناك قتل، وهناك جيش يحتل المدن، وهناك منطق للنظام في مواجهة الاحتجاجات يقوم على الحقد الشديد ورفض شرعية الاحتجاجات وعلى التعامل مع الشعب بمنطق شبه ارستقراطي يكاد يكون عنصرياً في الحقيقة. هذا السياق يخفّض من سقف المتوقع من هذا المؤتمر.
من هم المشاركون في هذا المؤتمر؟
هم عموماً مثقفون وناشطون وشخصيات معروفة من الطبقة الوسطى في سوريا. من بين الشخصيات المعروفة الأستاذ ميشيل كيلو والأستاذ فايز سارة والدكتور عارف دليلة والأستاذ لؤي حسين. معظمهم لهم تجربة اعتقال سابقة؛ هم متعلمون جيداً، كتاب، وهم ينوون جمع حوالي مئتي شخص. أميل إلى التشكك في احتمال أن ينجحوا في ذلك. هي محاولة للطبقة الوسطى في أن تسلك طريقاً وسطاً بين نظام متطرف في قمعيته وتمركزه حول ذاته وبين الانتفاضة. ولكن المشكلة هي أن النظام في سوريا لا يسمح بمنطق وسطي في هذه الفترة. ولذلك أتوجس من ألا يثمر هذا الملتقى بشيء إيجابي.
أنت تنظر بتشكك كبير تجاه هذا المؤتمر – هل ترى فيه محاولة من النظام ليجميل صورته وإظهار نفسه بصورة من يتحاور مع أقطاب المعارضة؟
هو في الحقيقة ليس مؤتمراً للحوار. ليس النظام هو من رتب ذلك، بل مثقفون ومستقلون غير مرتبطين بأحزاب سياسية. هؤلاء يحاولون أن يميزوا أنفسهم عن الانتفاضة وعن النظام أيضاً. لكن الطرف الأقوى – وهو النظام – هو الأقدر على استثمار هذا الملتقى، بهدف إظهار نفسه باعتباره قادراً على قبول نوع من المعارضة في الداخل، بما يساعده على أن يعزل معارضين آخرين قد يصفهم بالتطرف أو عدم قبول الحوار وما إلى ذلك.
ولكنك لا ترى بوادر من النظام لتغيير سياسته، أو التعامل مع ما سيخرج به مؤتمر كهذا من مقترحات؟
النظام شديد التطرف، وأعتقد أنه مهما اعتدل الملتقى في توصياته، لن يكون له تأثير. وهناك من يقول إن الملتقى لن يعقد أصلاً. قد يتحفظ الواحد منا على المؤتمر، ولكن النظام من شدة تطرفه يتحفظ أيضاً على المؤتمر لأسباب أخرى، لأنه يريد كل شيء تحت إبطه، وتحت سقفه المنخفض، ولا يريد أي مبادرات مستقلة مهما تكن معتدلة.
وكيف ترى أنت آفاق الحل بعد مرور أكثر من مئة يوم على الاحتجاجات والقتل والعنف؟
الكلمة الأولى في الحل هي أن يقبل النظام أنه طرف سياسي واحد في البلد، وأن هناك أطراف سياسية أخرى ومصالح سياسية أخرى، وبالتالي أن يجنح النظام إلى التفاوض. بداية المخرج هو أن نتفق على أن النظام السياسي الذي تعيش سوريا في ظله منذ 48 عاماً هو نظام متقادم، وأنه أصبح كالقميص الخانق. إما أن نتحرر منه أو أن تختنق سوريا، وهي تختنق بالفعل لأن النظام يريد إلباسها هذا القميص البالي والضيق دون أي تغيير.
إذا اتفقنا على المبدأ الأساسي، أعتقد أن القضايا الإجرائية من السهل حلها. اقترح المعارضون مؤتمراً وطنياً لا يستبعد أطرافا من النظام ما عدا من تلوثت أياديهم بالدم واللصوص المعروفين، وأن يُتفق على ملامح النظام السياسي في سوريا، وهناك إجماع على أنه ينبغي أن يكون ديمقراطياً تعددياً قائما على حكم القانون وعلى مبدأ المصالحة الوطنية.
أجرى الحوار: سمير جريس
مراجعة: عبده جميل المخلافي