لماذا تسعى أوكرانيا لاقتناء نظام تاوروس الصاروخي الألماني؟
٢٤ فبراير ٢٠٢٤يقول الجيش الألماني إن نظام "تاوروس" (Taurus) أو ما يعرف بالنظام الصاروخي "Taurus KEPD-350" هو "أحد أحدث الصواريخ في القوات الجوية". والاسم هو اختصار لـ "نظام الهدف الانتشاري الوحدوي المدار آلياً والمتكيف مع الهدف وموزع الطاقة الحركية المدمرة".
ويتم تصنيع الصاروخ بواسطة شركة "تاوروس سيستمز ذات المسؤولية المحدودة" (Taurus Systems GmbH). وهو مشروع مشترك بين الشركة الألمانية التابعة لمجموعة الأسلحة الأوروبية "MBDA" وشركة "Saab Dynamics" السويدية.
ويتم إطلاق الصاروخ الموجه الذي يبلغ طوله خمسة أمتار ويزن حوالي 1.4 طناً بواسطة الطائرات المقاتلة، ومن ثم - مدعومًا بمحرك نفاث - يتوجه تلقائيًا نحو هدفه المحدد مسبقاً على الأرض.
لماذا يعتبر تاوروس "سلاح مواجهة"؟
بسرعة تصل إلى 1170 كيلومتراً في الساعة، أي أقل بقليل من سرعة الصوت، تطير صواريخ "تاوروس" على ارتفاعات أقل من 50 متراً وقد تصل إلى حوالي 35 متراً فقط، وبالتالي يكاد يكون من المستحيل على أجهزة رادار العدو اكتشافها وضربها.
ويصل مدى الصاروخ إلى 500 كيلومتر ما يعني أنه يمكنه الوصول إلى الأراضي الروسية، الأمر الذي يتيح للطيارين الاشتباك مع الأهداف من مسافة بعيدة، إذ ليس عليهم بالضرورة اختراق المجال الجوي للعدو لإطلاق صاروخ تاوروس. لكن من الممكن إعادة برمجة نظام السلاح بحيث يكون مداه محدوداً ويمكنه الطيران لمسافة 300 كيلومتر فقط، على سبيل المثال.
ويفترض سياسيون وخبراء مثل خبير الشؤون الخارجية في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، رودريش كيزفيتر، أن مثل هذا التحديد للنطاق سيكون ممكنًا من الناحية الفنية. ووفقا لكيزفيتر، فإن إعادة البرمجة يجب أن تستغرق بضعة أسابيع. وأضاف كيزفتر أيضاً أن من بين القيود المحتملة الأخرى تحديد منطقة عمليات الصاروخ، بمعنى أن تاوروس يمكن استخدام مداه الكامل مادام أنه لا يدخل الأراضي الروسية. لكن هناك شكوك من احتمال عكس الأوكرانيين لأوامر توجيه الصاروخ ومداه.
ويوجه نظام تاوروس الصاروخي نفسه من خلال البيانات الموجودة على الشاشة الرئيسية التي تعرض أيضاً الصور للأهداف كما يحمل أجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء ويعمل بنظام تحديد المواقع العالمي "جي بي اس" (GPS).
قدرات هائلة لتاوروس، فما أهدافه؟
تشير القوات الجوية الألمانية إلى أن "الأهداف ذات القيمة العالية" التي يستهدفها تاوروس تتمثل في المخابئ أو مراكز القيادة التي تقوم منها قوات العدو بعملياتها، كما أن "تاوروس" قادر أيضًا على اختراق العديد من الجدران الخرسانية المسلحة السميكة.
وللقيام بذلك، يرتفع الصاروخ بشكل حاد قبل وقت قصير من إصابة الهدف ويضرب من الأعلى في حركة هبوط عمودي مع طاقة حركية عالية.
وقبل أن ينفجر الرأس الحربي، تنفجر أولاً شحنة متفجرة مشكلة ثقبًا في جدار أو سقف القبو المستهدف، بعدها يتم تفجير الراس الحربي المسمى "ميفيستو" (Mephisto) والذي يبلغ وزنه نحو 400 كيلوغرام.
يستخدم تاوروس أجهزة استشعار لقياس مقدار المقاومة التي يتعين عليه التغلب عليها لعمل اختراق وصنع هذا الثقب، وهذا يسمح لـ "تاوروس" باختراق عدة طوابق من المخبأ قبل أن ينفجر الرأس الحربي فعلياً.
كيف يجد "تاوروس" وجهته؟
يستخدم "تاوروس" أربعة أنظمة ملاحة مستقلة للبقاء على المسار الصحيح. أولاً نظام تحديد المواقع العالمي "GPS" القائم على القمر الاصطناعي وهو نظام محمي ضد محاولات التداخل مع إشاراته.
ثانياً ومن خلال ما يعرف بالملاحة المرجعية للتضاريس، يقوم "تاوروس" بعملية مسح للأرض ومقارنتها بالبيانات المخزنة لديه مسبقًا.
ثالثاً وباستخدام مستشعرات الصور، يمكن لـ "تاوروس" أيضًا أن يجد طريقه حول الجسور أو الأنهار أو تقاطعات الطرق.
رابعاً وبالإضافة إلى ما سبق، يستطيع "تاوروس" تحديد الموقع المستهدف من خلال قياس حركته باستمرار.
كيف سيستخدم الجيش الأوكراني "تاوروس"؟
يمكن لأوكرانيا أيضًا استخدام صواريخ "تاوروس" لمهاجمة المواقع الروسية بعيدًا عن خط المواجهة، وهذا من شأنه أن يمكّنها من تدمير طرق الإمداد ومراكز القيادة للقوات الروسية المهاجمة.
بشكل خاص، سوف تكون أوكرانيا قادرة على الوصول إلى أهداف في شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا، وهذا سوف يشكل أهمية بالغة لاستعادة أراضيها.
وبالمقارنة بصواريخ "ستورم شادو" (Storm Shadow) من المملكة المتحدة وصواريخ "سكالب" (Scalp) من فرنسا، يمكن القول إن الجيش الأوكراني يمتلك بالفعل أنظمة أسلحة مماثلة - ولكن بمدى أقصر.
لماذا تتردد الحكومة الألمانية؟
يمكن لأوكرانيا أيضًا استخدام "تاوروس" لمهاجمة أهداف على الأراضي الروسية. ومع ذلك، تريد الحكومة الألمانية تجنب ذلك لأنها تخشى المزيد من التصعيد العسكري. لذلك، قام المستشار أولاف شولتس بوجه خاص بكبح جماح قضية "تاوروس" حتى الآن.
وكانت موسكو قد حذرت مراراً من تسليم أنظمة أسلحة مثل "تاوروس" الألمانية أو "أتاكامز" (ATACMS) الأمريكية إلى أوكرانيا، لكنها هي نفسها تستخدم صواريخ بعيدة المدى لمهاجمة المدن الأوكرانية.
ومع ذلك، وداخل الائتلاف الألماني الحاكم، وكذلك بين بعض أحزاب المعارضة، هناك دعوات متكررة لتسليم صواريخ كروز من طراز "تاوروس" لأوكرانيا قريبًا. والحجة هي أنه من خلال هذه الصواريخ فقط سيكون لدى أوكرانيا فرصة لصد الهجمات الروسية. ومع ذلك، يتفق الخبراء على أن نظام الأسلحة "تاوروس" لن يحدث تحولاً حقيقياً في مسار الحرب.
ما مدى سرعة تسليم ألمانيا "تاوروس"؟
من بين 600 منظومة "تاوروس" في الجيش الألماني منذ عام 2005، من المرجح أن يكون هناك ما بين 150 إلى 300 منها جاهزة للاستخدام، في حين تحتاج البقية إلى عمليات إعداد وتجهيز وصيانة أولاً قبل تصديرها إلى أوكرانيا إن تم اتخاذ القرار بذلك.
يبلغ سعر الوحدة حوالي مليون يورو. ومع ذلك، فإن منظومة "تاوروس"، التي طورتها شركة الأسلحة "MBDA"، يجب أن تتكيف أولاً مع الطائرات المقاتلة التابعة للقوات الجوية الأوكرانية. وتم تصميم نموذج تاوروس الخاص بالجيش الألماني للاستخدام مع طائرات من نوعي تورنادو ويوروفايتر.