لماذا يصعب إثبات التهم على الجهاديين العائدين إلى ألمانيا؟
١١ أبريل ٢٠١٦أدانت محكمة ألمانية اثنين من العائدين من تنظيم "الدولة الإسلامية" في فولفسبورغ في شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي وذلك بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية. أيوب ب. وإبراهيم هـ. ب. كلاهما ألمانيان من أصل تونسي سافرا إلى سوريا في العام 2014 ليعودا لاحقا بعد ثلاثة أشهر فقط . وحُكم على أيوب ب البالغ من العمر 27 عاما بالسجن أربعة أعوام وثلاثة أشهر، بينما قضت المحكمة بسجن إبراهيم هـ. ب. ثلاث سنوات.
بعد ذلك، وفي أوائل شهر مارس/ آذار قضت محكمة دوسلدورف بسجن ألماني مسلم يدعى نيلز د. أربعة أعوام بسبب قضائه عدة أشهر في سوريا كعضو في تنظيم "الدولة الإسلامية" عام 2014. وأثناء محاكمته نفى نيلز عن نفسه تهمة الانتماء إلى ميليشيا تنظيم "الدولة الإسلامية"، لكنه أقر أمام المحكمة، التي ترأستها القاضية باربارا هافليزا، بالخبرات التي اكتسبها هناك. وقالت القاضية إن "العقوبة كانت ستكون أكثر لولا إقراره".
أيديهم ملطخة بالدماء
بدوره قال المدعي العام الألماني بيتر فرانك، الثلاثاء الماضي، إن إدانة الأعضاء السابقين في تنظيم "الدولة الإسلامية" بأي جرائم أخرى، أكثر من مجرد العضوية في "التنظيم" يبقى أمرا صعبا. وأوضح فرانك لصحيفة زود دويتشه تسايتونغ "نحن نفترض أن بعض هؤلاء الجناة أيديهم ملطخة بالدماء لكن غالبا ما لا نستطيع إثبات ذلك". وأضاف "إن مشكلتنا هي الحصول على دليل من منطقة حرب فهياكل الدولة هناك منهارة، والتعاون في مجال المساعدة القانونية غير ممكن في سوريا أو العراق."
وتابع " إذا كنا قادرين على الجزم بعودتهم من صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" أو المجموعات الأخرى، فإننا في الغالب لا نستطيع أن نثبت أكثر من عضويتهم في المنظمات الإرهابية"، مضيفا "لكن نحن لدينا انطباع بأن هؤلاء الأشخاص لم يكونوا فقط في وظائف الحراسة أو تلقي التدريبات على الأسلحة في سوريا، بل إنهم متورطون أيضا في أعمال عنف مثل القتل والهجمات بالقنابل".
ويجري المحققون الألمان حاليا نحو 130 تحقيقا بشأن قرابة 200 مشتبه بهم كأعضاء وداعمين للجماعات الإرهابية الأجنبية بحسب فرانك. وفي حالات فقط، بنى المحققون قناعاتهم على شهادات موثوقة خصوصا من اللاجئين. وقال فرانك بهذا الخصوص "زاد الأمل نسبيا في إثبات جرائم الحرب التي ارتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية" في مناطق اليزيديين شمال العراق بعد أن جاء أكثر من 1000 يزيدي إلى ألمانيا وبعدما قمنا باستجواب العديد منهم."
حالات مشابهة في دول أخرى
وذكرت الشرطة الألمانية في شهر فبراير/ شباط الماضي أن أكثر من 800 إسلاميا، معظمهم تتراوح أعمارهم بين 22 و25 عاما، غادروا ألمانيا للقتال في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" وجبهة النصرة في سوريا والعراق في السنوات الأخيرة. ويواجه الادعاء العام في الدول الأوروبية مشاكل مشابهة. فكما هو الوضع في ألمانيا فإن الأحكام القضائية في بريطانيا بخصوص الانتماء للمجموعات الإرهابية هي أقل من عشر سنوات.
وفي فبراير/ شباط أدينت سيدة بريطانية تدعى تارينا شكيل بالسجن أربعة أعوام لعضويتها في تنظيم "داعش" وعامين آخرين لأنشطتها في وسائل التواصل الاجتماعي. وقد نفت شكيل بدورها تهمة الانتماء للمجموعات الإرهابية أثناء محاكمتها.
ويعتقد رافائيل بانتوشي، مدير دراسات الأمن الدولي في المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة (RUSI) أنه ليس من الصواب إصدار أحكام موحدة على كل العائدين. وقال بانوتشي لـ DW"هناك تنوع في المقاتلين الأجانب، كما أن الدوافع وراء التحاقهم بالجماعات الإرهابية مختلفة . فهناك أناس يذهبون بحسن نية ويعيشون تجارب سيئة ويريدون العودة إلى الحياة الطبيعية. وهناك أناس آخرون يذهبون إلى الخارج ولكن بدوافع إرهابية.
وبحسب مجموعة سوفان للاستشارات الأمنية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، فإن ألمانيا اعتبرت في العام 2015 ثاني أكبر مصدر للمقاتلين الأجانب إلى سوريا بعد فرنسا (علما أن بلجيكا هي الأعلى بالنسبة لعدد الأفراد). فمن حوالي 700 أو 800 شخص ذهبوا إلى هناك يعتقد أن 200 إلى 300 منهم رجعوا لسبب أو لآخر.
وجدد المدعي العام الألماني فرانك تحذيرات الشرطة والسياسيين بأن ألمانيا بدورها عرضة لتهديدات الإرهابيين، لكنه قال أن عدم حصول هجمات كبيرة على الأراضي الألمانية هو نتيجة التعاون الناجح بين القضاء والقوات الأمنية."
وشدد فرانك على أنه لم يتم التوصل إلى أي دليل حتى الآن يثبت أن المهاجمين في باريس وبروكسل لديهم اتصالات مع جهات ناشطة في ألمانيا. هذا على الرغم من أن تقارير إخبارية ذكرت أن صلاح عبد السلام، الذي قبض عليه مؤخرا باعتباره المشتبه به الأول في هجمات باريس قاد سيارة مستأجرة إلى مدينة اولم جنوب ألمانيا قبل ستة أسابيع من الهجمات التي حصلت في نوفمبر من العام الماضي.