لهذا زادت دول الشرق الأوسط نفقات التسلح
٢٤ أبريل ٢٠١٧للمرة الأولى منذ عام 2011، ترتفع نفقات التسلح العالمي، وذلك بحسب التقرير السنوي الصادر عن المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم (سيبري). في عام 2016 تم إنفاق 1686 مليار دولار أمريكي من أجل التسلح. أي بزيادة 0.4 بالمائة مقارنة بعام 2015. الجيوش الثلاثة الأولى عالميا زادت نفقاتها بشكل واضح، والمقصود الولايات المتحدة وروسيا والصين. وهناك دول غنية قلصت من نفقاتها العسكرية قليلا، مثل السعودية، ولكن ليس لأسباب سياسة وإنما لأسباب اقتصادية، مع التراجع الملموس لأسعار النفط.
صعود النفقات يؤكد الموجة المستمرة منذ وقت طويل، بحسب ماريوس باليس، الباحث في المركز الدولي للتغيير في مدينة بون الألمانية، الذي يقول في حوار مع DW: "الأمر بات مختلفا عما كان عليه قبل عشر سنوات تقريبا. الآن لم يعد هناك اعتماد كبير على الدبلوماسية وعلى المنظمات الدولية. وبدلا من ذلك تركز الدول على تعزيز أمنها من خلال زيادة التسلح".
أهمية متزايدة للجيوش
ضم القرم من قبل روسيا، والتوترات في بحر الصين الجنوبي، والحروب في الشرق الأوسط: كل ذلك يزيد من مخاوف توسع رقعة الحروب، كما يرى ماريوس باليس. وبنفس الوقت أخذت الثقة تتلاشى في العمل على مستوى المنظمات والمؤسسات الدولية. ولذا أخذت الكثير من الدول تعتمد على نفسها. وازدادت أهمية الجيوش الوطنية. كل ذلك زاد من الإنفاق على التسلح.
هذا الأمر ينطبق بالطبع على الدول العظمى عسكريا. فمثلا ارتفعت النفقات العسكرية للولايات المتحدة بمعدل 1.7 بالمائة، لتصل إلى 611 مليار دولار أمريكي. وروسيا زادت من نفقاتها بمعدل 5.9 بالمائة، لتصل إلى 69.2 مليار دولار. أما الصين فبلغت نفقاتها الآن 215 مليار دولار، بزيادة قدرها 5.4 بالمائة.
منطقة الأزمات – الشرق الأوسط
منطقة الشرق الأوسط تبقى واحدة من أبرز مناطق الأزمات في العالم. الحرب في سوريا زادت من حدة النزاعات. وزادت معها نفقات القوى الفاعلة هناك. "معلوماتنا تشير إلى أن المشاركة العسكرية في سوريا كلفت روسيا 464 مليون دولار خلال عام 2016"، كما يخبرنا الاقتصادي نان تيام، أحد معدي تقرير معهد سيبري. بينما يعتقد خبراء في مؤسسة (آي إتش إس) أن تكلفة التدخل الروسي خلال نفس العام قد يكون تجاوز 700 مليون دولار.
بالمقابل تقلصت نفقات المملكة العربية السعودية. بعد أن ارتفعت نفقاتها في عام 2015 من تسعة إلى أكثر من 13 بالمائة، تراجعت في عام 2016 إلى حوالي 10 بالمائة.، بحسب الباحث باليس. ولكن السبب ليس سياسيا، وإنما يعود لعوامل اقتصادية. فتراجع أسعار النفط أجبر الرياض على كبح نفقاتها العسكرية. "موارد العربية السعودية تأتي بنسبة 80 بالمائة من بيع النفط"، بحسب نان تيان في حديثه لـDW. "ولذلك توجب عليها التقشف في النفقات في كافة قطاعات الميزانية".
بؤر نزاع لا تنتهي
ولكن حدة النزاع بين المملكة العربية السعودية ومنافستها، "جمهورية إيران الإسلامية"، لم تتغير، وفقا لماريوس باليس من المركز الدولي للتغيير في بون. كلا الطرفين اعتبر المفاوضات أمرا غير مجدٍ، ولذلك كان القرار بالاعتماد على الوسائل العسكرية.
وبغض النظر عن ذلك، فقد رفعت التوترات العديدة في المنطقة من معدل الإنفاق العسكري. "باستثناء سلطنة عمان، فإن كل دول الشرق الأوسط مشاركة في نزاعات وحروب"، بحسب باليس. ورغم أن انخفاض أسعار النفط حدّ من النفقات العسكرية غير المحدودة، "إلا أن ذلك لم يغير من الواقع القائم: التوترات في المنطقة قادت إلى مزيد من التسلح".
توترات في أوروبا أيضا
وحتى في أوروبا ارتفعت النفقات العسكرية، حيث سجل باحثو سيبري زيادة في النفقات بمعدل 2.6 بالمائة. الأبرز في القارة كانت نفقات دول وسط أوروبا. "هذه الزيادة في النفقات تعود في أجزاء منها إلى أن الكثير من دول وسط أوروبا ترى تهديدا متزايدا من قبل روسيا"، كما كتب سيمون فيتسمان، أحد المشاركين في تقرير معهد سيبري. ولم يغير من ذلك حقيقة أن نفقات روسيا في عام 2016 أقل بكثير من نفقات دول حلف الناتو.
ولكن هل ستؤدي زيادة النفقات العسكرية إلى تحقيق الاستقرار؟ هذا الأمر يبدو غير مضمون، وفقا لماريوس باليس. فإذا ما شعرت روسيا بالتهديد من هذا التوجه الأوروبي، فإن القارة الأوروبية ستكون أمام بداية سباق تسلح جديد بين الشرق والغرب.
كيرستن كنيب/ ف.ي