دول أوروبية خلف تعطيل مسيرة الاتحاد الأوروبي!
٣ يوليو ٢٠١٦
في هذه الأيام نسمع الكثير عن البريطانيين "المعادين لأوروبا" أو "الذين يهدمون الفكرة الأوروبية" ويوصفون بأنهم " لم تكن لهم أبدا رغبة في الاتحاد الأوروبي". طبعا من السهل الآن القول إن البريطانيين مسؤولون عن أزمة الاتحاد الأوروبي. ولكن لو نظرنا إلى الماضي القريب سنجد دولا أخرى كادت تهدم هي الأخرى الإتحاد الأوروبي، والأمثلة على ذلك كثيرة !
1. فرنسا
تشكل فرنسا وألمانيا نواة الاتحاد الأوروبي. ورغم ذلك فإن فرنسا مسؤولة هي الأخرى عن عدم إدخال الدستور الأوروبي ووضعه حيز التنفيذ، كما كان مخططا له. ففي استفتاء 29 مايو 2005 صوتت نسبة 54.7 بالمائة من الفرنسيين ضد هذا الدستور وهذا يوازي الآن استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد. فكما كان الشأن بالنسبة لرئيس الوزراء دافيد كامرون اتخذ الرئيس الفرنسي جاك شيراك آنذاك ترتيبات لتنظيم الاستفتاء لأسباب داخلية، رغم أن دستور بلاده لا يقضي بذلك. من خلال الاستفتاء كان شيراك يود منح شرعية قوية لنهجه المؤيد لسياسته الأوروبية. وقد كان متأكدا أن التصويت سيكون لصالح الدستور، كما أكدت ذلك استطلاعات للرأي. ونفس الحساب قام به دافيد كامرون عندما جاء بفكرة إجراء استفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ثم جاءت النتيجة كما هو معروف.
2. ألمانيا
لم تكن ألمانيا النموذج الأوروبي الأفضل. هلموت شميدت و هيلموت كول يعتبران ولاشك من مؤسسي اليورو ورغم ذلك لم تحترم ألمانيا في السنوات الأولى من بدء العمل بالعملة المشتركة تلك الشروط التي وضعتها هي أيضا بنفسها، فتم إضعاف ذلك المشروع منذ بدايته، كما يؤكد الخبراء ذلك في يومنا هذا. ففي مرات كثيرة متعاقبة، لم تحترم ألمانيا خلال الأعوام الأولى منذ 2000 حدود 3 بالمائة كسقف أعلى للعجز في الناتج المحلي الإجمالي. لكن حدث في ألمانيا ما حدث في غيرها من دول الاتحاد: ما هو ليس مناسبا يصبح مناسبا. عام 2005 تم إعادة إصلاح ميثاق الاستقرار والذي أصبح الآن يأخذ التأثيرات الاقتصادية في الحسبان. وكيفما كان الحال فلم تذنب ألمانيا وحدها في ذلك. وإثر الأزمة الاقتصادية عام 2009 تعدت دول أخرى في الاتحاد حدود سقف 3 بالمائة. من اجل الاستفادة فقط، كانت بريطانيا حتى ذلك الوقت متمكنة من ميزانيتها رغم أنها ليست عضوا في منطقة اليورو.
3. هولندا
في هولندا، وهي إحدى الدول المؤسسة للمجموعة الأوروبية رفض المواطنون أيضا دستور الاتحاد الأوروبي عام 2005. وفي عام 2016 رفضوا في استفتاء اتفاقية الشراكة مع أوكرانيا. الغريب في الأمر أن هذا الموقف من خلال أصوات الناخبين لم يعتمد أساسا على موضوع الشراكة مع أوكرانيا، كما يلاحظ الخبراء بل جاء نتيجة مبادرات رافضة للإتحاد، بما في ذلك من طرف اليميني الشعبوي خيرت فيلدرز، حيث كان الهدف هو التعبير عن شكوكهم في الرؤية الأوروبية، حيث حصلوا على 400.000 توقيعا لإرغام الدولة على تنظيم الاستفتاء.
4. السويد
لم تصبح السويد عضوا في الاتحاد الأوروبي إلا عام 1995. ولم تكن تلك الشراكة لأسباب عاطفية، خصوصا بالنظر الى تاريخ البلد و حياده في الحربين العالميتين الأولى والثانية. وكان هناك دائما تحفظ، خصوصا عام 2003 عندما رفض المواطنون عملة اليورو. آنذاك كان هناك تحالف قوي مع بريطانيا في موضوع رفض عملة اليورو والحفاظ على عملتهما أو في السياسات المالية والأسواق الداخلية الأوروبية. وكشف استطلاع للرأي قامت به إذاعةSVP أنّ نسبة 39 بالمائة فقط من السويديين تعتبر عضوية السويد في الاتحاد شيئا جيدا، أي بتراجع بمستوى 20 بالمائة مقارنة مع عام 2015. وقد يعود السبب في ذلك إلى أزمة اللاجئين. مقارنة بعدد عدد سكانها ليس هناك من دولة أوروبية استقبلت لاجئين أكثر من السويد، في حين أغلقت دول بشرق الاتحاد أبوابها في وجه اللاجئين. كل ذلك يجعل العديد من السويديين يشككون في موضوع التضامن بين دول الاتحاد الأوروبي.
5. الدانمارك
كثيرا ما يؤخذ على البريطانيين أنهم يريدون صياغة الاتحاد الأوروبي حسب أهوائهم. ولكن دولة الدانمارك الصغيرة هي التي قد تطبق عليها هذه الصورة. من الناحية الجغرافية ليست كل مناطق الدانمارك جزء من الاتحاد الأوروبي، حيث إن منطقة غرينلاند ومنطقة فيرور تتمتعان باستقلال ذاتي. كما حافظت الدانمارك- مثل السويد -على عملتها. وتتجلى مواقفها الناقدة للإتحاد الأوروبي في تاكيدها المستمر على أنه كان من الضروري القيام باستفتاءين أثنين وبعدد من الإصلاحات قبل التوقيع على معاهدة ماستريخت. ومازالت الدانمارك ترفض حتى الآن اعتبار القوانين الأوروبية أعلى من قوانينها. ومثلها مثل النرويج وسويسرا، حيث يتم التشريع القانوني مع بروكسيل بمنظور ثنائي. كما أن الدانمارك – إلى جانب مالطا – هي الدولة العضو الوحيد التي لا تشارك في القوات القتالية لدول الاتحاد الأوروبي.